تكنولوجيا طبية

جامعة الملك عبد الله للعلوم.. استخدام الخلايا الجذعية المزروعة في المختبر في دراسة التطور الجنيني

ما زالت اللحظات الأولى من التطور البشري – بين وقت الإخصاب ووقت زرع الجنين في الرحم – غامضة بالنسبة للعلماء. تتمتع الخلايا في المراحل الأولى من التطور البشري بالقدرة على إنتاج جميع الأنسجة في الجسم والمشيمة.

ولسوء الحظ، قد تحدث مشكلات مثل الإجهاض والتشوهات الخلقية، ولكنها غير مفهومة جيداً. وحتى وقت قريب، كان التدقيق في المجريات الداخلية للمراحل الأولى من التطور يعتمد على استخدام الأجنة البشرية. لكن الأبحاث التي تستخدم الأجنة البشرية، والتي تكون عادةً أجنة متخلّقة جرّاء تلقيح صناعي فشل في تلبية معايير الجودة، محدودة للغاية بسبب المخاوف الأخلاقية.

وقد وجد العلماء مؤخراً نوعاً خاصاً من الخلايا الجذعية المزروعة في المختبر يُدعى الخلايا الجذعية الموسعة متعددة القدرات EPSCs، لديها إمكانية مزدوجة لتصبح خلايا في الجنين والمشيمة. توفر هذه الخلايا إمكانية استخدام الخلايا الجذعية لبناء نموذج لدراسة التطور الجنيني قبل الزرع البشري من دون استخدام الأجنة البشرية.

شرع فريق مشترك من الباحثين من كاوست ومستشفى جامعة بكين الثالث، باستخدام الخلايا الجذعية متعددة القدرات لصنع بُنى ثلاثية الأبعاد تشبه الأجنة، يمكن من خلالها اكتساب فهم أفضل للأنساب الجنينية المبكرة.

في ورقة بحثية نُشرت في مجلة Cell Discovery العلمية المحكّمة، سعى عضو هيئة التدريس في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية, كاوست, “مو لي” وزملاؤه إلى تلافي المخاوف الأخلاقية بشأن استخدام الأنسجة المأخوذة من أجنة بشرية أو ثديية من خلال ابتكار شيء جديد.

ابتكر الفريق نموذجاً جديداً للتطور البشري يُسمى بالبلاستويد أو البراعم، وهو في الأساس نموذج خلوي لمرحلة الكيسة الأريمية في التطور البشري المبكر. الفرق الرئيسي هو أنه غير قادر على أن يصبح جنيناً قابلاً للحياة، وبالتالي يتجنب العديد من أوجه القصور الأخلاقية للبحث التقليدي.

يقول البروفيسور يانغ يو، الأستاذ بالمستشفى الثالث بجامعة بكين، الذي قاد الدراسة: “إن نجاحنا مبني على عملنا السابق على صنع بلاستويد الفئران باستخدام الخلايا الجذعية متعددة القدرات لدى الفأر”.

أظهر الفريق أنه يمكن استزراع البراعم بشكل أكبر لتقليد بعض سمات تطور ما بعد الانغراس. فلعقود طويلة، كان هناك حظر عالمي على زراعة الأجنة البشرية بعد ١٤ يوماً، ما حد بشدة من قدرة الباحثين على رسم خريطة التمايز بين سلالات الخلايا المبكرة.

يقول البروفيسور مو لي، الذي شارك في قيادة الدراسة في كاوست: “اتضح أن تصنيع البراعم البشرية أصعب بكثير، وكان علينا من أجل ذلك أن نبتكر طريقة جديدة لاستغلال الإمكانات المزدوجة للخلايا الجذعية البشرية متعددة القدرات”.

قد تتغير هذه القاعدة، فقد ألغت الجمعية الدولية لأبحاث الخلايا الجذعية حد الـ١٤ يوماً لدراسات الأجنة البشرية في المختبر، ما أثار جدلاً عاماً. ومع ذلك، فإنّ هذه الدراسات ستخضع لمراجعات أخلاقية صارمة، وستكون محدودة.

تعدّ البراعم البشرية نماذج تجريبية قائمة على الخلايا الجذعية لا تنطوي على تدمير الأجنة البشرية. جادل العلماء وعلماء الأخلاق في أنه لا ينبغي أن تخضع البراعم للقواعد الأخلاقية ذاتها التي تخضع لها الأجنة الطبيعية. لذلك أوقف المخبريون تجاربهم حول البراعم في اليوم العاشر، التزاماً بقاعدة الـ ١٤ يوماً.

وتتمثل خطتهم المستقبلية في التركيز على تحسين كفاءة اشتقاق البراعم البلاستويد وجعلها نموذجاً قوياً، ليس فقط من أجل فتح الصندوق الأسود للحظات الأولى من التطور البشري، ولكن أيضاً لاختبار علاجات اضطرابات الخصوبة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى