“ذلك المريض”.. عن مرضى غيروا حياة أطبائهم للأبد
تروي الكاتبة الهولندية إيلين دي فيسر من مواليد عام 1966 في كتابها ذلك المريض.. قصص وحكايات عن مرضى غيروا حياة أطبائهم للأبد الصادر طبعته العربية عن دار العربي للنشر والتوزيع بالقاهرة وترجمته إلى العربية نهال نور.
كانت النواة الأولى لهذا الكتاب مقال بالصحيفة الهولندية الأكثر انتشاراً دي فولكس جرانت التي تعمل بها الكاتبة حول طبيب تغيرت نظرته لمهنته وحياته بسبب مريض، وسرعان ما أثار المقال ردود فعل قوية وتوالت الاتصالات من أطباء آخرين داخل وخارج هولندا يريدون سرد ما لديهم من قصص عجيبة في هذا السياق.
ينقسم الكتاب إلى عدة قصص واقعية تتناول كل منها طبيبًا مع مريضه ويحكي كيف أثرت فيه حكاية ذلك المريض بطريقة لم يتوقعها، مما يغير نظرته للحياة بأكملها.
جمعت كل هذه القصص الصحفية الشهيرة إيلين دي فيسر ونشرتها في صحيفة دي فولكس كرانت الأكثر شهرة في هولندا، حيث كانت في نهاية كل أسبوع تطلب من أخصائي طبي مختلف أن يخبرها عن ذلك المريض؛ المريض الذي غير حياته بشكل جذري.
تتنوع هذه القصص التي نقرأها ما بين ما قد نعيشه في حياتنا اليومية، وما بين المفجعة منها، والمضحكة أحيانًا، والتي لا تُنسى أحيانًا، ونجد مدى شجاعة المرضى وذويهم في تحملهم لمواجهة مرضهم وفي الوقت نفسه نجد الأطباء وهم يقدمون أفضل ما لديهم من قدرات من أجل المرضى، ونجد كذلك كيف يغلب عليهم تعاطفهم المهني بأن يتعاطفوا مع مرضاهم ولكنهم يحاولون إبقاء أنفسهم على مسافة منهم في الوقت نفسه، ومع ذلك، يظل هناك دائمًا مريض واحد، لأي سبب من الأسباب، من يتمكن من عبور هذه المسافة ويكون له تأثيره الدائم على حياة طبيبه.
تتعدد قصص المرضى المؤثرة في هذا الكتاب، فهناك المريض الذي يحتضر وقد قرر التبرع بأعضائه لينقذ حياة خمسة أشخاص مختلفين.
وهناك الفتاة الصغيرة التي أظهرت دليلاً واضحًا على تعرضها للضرب على يد شخص بالغ، لكنها ظلت موالية لمن يضربها لدرجة عدم تمكنها من قول كلمة واحدة، وهناك ذلك الطفل الصغير، الذي تم تشخيص إصابته بالملاريا التي تهدد حياته في مخيم للاجئين السودانيين، وهناك مريض السرطان الذي ألهم تفاؤله وحبه لركوب الدراجات الذي لا يعرف الكلل طبيب الأورام الخاص به بطرق لم يكن ليتخيلها أبدًا.
الكتاب يمتلئ بقصص قصيرة جدًا ومؤثرة عن التواصل والطرق غير المتوقعة التي يمكننا من خلالها أن نؤثر في حياة بعضنا بعضًا، لذا يعد هذا الكتاب ملهمًا ومؤثرًا بعمق لأي شخص عادي وليس فقط الأطباء والمرضى.