“سامية التمتامي”.. مؤسس علم الوراثة البشرية في العالم العربي
الأستاذة الدكتورة “سامية علي التمتامي”, رحلة شاقة وطويلة، ومسيرة مليئة بالعطاء لبلدها وللعلم وللبشرية جمعاء, هي مؤسس علم الوراثة البشرية في مصر، والعالم العربي, معلمة الأجيال ومنارة العلم لكل من عرفها، أستاذ الوراثة البشرية بالمركز القومي للبحوث وعضو المجلس القومي لدراسة الجينوم المصري وافتها المنية يوم الثلاثاء الأول من ١ يونيو الجاري.
هي أول باحثة عربية تحصل على دكتوراه في علم الوراثة البشرية عام 1966، وأسست شعبة للوراثة البشرية في مصر ضمت أكثر من مئة باحث واكتشفت أكثر من أربعين مرضاً وراثياً مسجلاً باسمها في المراجع العالمية. اكتشفت حتى الآن أكثر من أربعين مرضاً وراثياً مسجلة باسمها في المراجع العالمية وتُعرف بـ Timtamy Syndrome.
ولدت في مدينة دمنهور في محافظة البحيرة في ١٢ فبراير عام ١٩٣٥م, التحقت بكلية الطب في جامعة القاهرة، وتخرّجت فيها سنة 1957 بتقدير جيد جداً مع مرتبة الشرف الأولى وكنت الأولى على الطبيبات الإناث، وعملت بعد ذلك في مستشفى أطفال جامعة القاهرة، مستشفى أبو الريش، ثم حصلت على دبلوم طب الأطفال وكانت الأولى على الدفعة.
تزوجت من زميلها الطبيب مصطفى رأفت محمود، وسافرا سوياً عام 1961 لدراسة الدكتوراه في أمريكا. وبالتحديد في جامعة جونز هوبكنز ببالتيمور في ميريلاند. وعملت تحت إشراف البروفسور فكتور مكيوزيك رائد الوراثة البشرية. ونتجت رسالة الدكتوراة عن مجلدين ضخمين، طوّرتها بعد ذلك في مرجع، أعيد طبعه ثلاث مرات حتى الآن. وقررت بعدها العودة إلى مصر سنة 1966 رغم عدة عروض أمريكية مغرية. وتأسس سنة 1977 قسم الوراثة البشرية.
وفي ثلاثين سنة، تمكنت من تحويل قسم صغير للوراثة البشرية إلى شعبة للوراثة البشرية تضم اليوم سبعة أقسام فيها أكثر من مئة باحث، وأشرفت على ستين رسالة دكتوراه وخمسين رسالة ماجستير.
النبوغ منذ الصغر
كانت نابغة منذ طفولتها وطوال أعوامها المدرسية. ثم التحقت بكلية الطب بجامعة القاهرة وتخرجت منها عام ١٩٥٧ مع مرتبة الشرف الأولى. كانت الأولى على الطبيبات لذا تم تعيينها للعمل في مستشفى الأطفال الجامعي (أبو الريش) بجامعة القاهرة، ثم حصلت على دبلوم طب الأطفال وكانت كعادتها الأولى على دفعتها. ولكنها دائما كانت غير تقليدية وكان طموحها جامحا وكانت تبحث في كل ما هو نادر، فكانت تشغلها دائما الحالات النادرة والتي يوجد بها تشوهات أو عيوب خلقية أو الأمراض التي لا يعرف لها سبب أكثر بكثير من الأمراض المنتشرة لدى الأطفال، وكانت تتعاطف بشدة مع هذه الحالات وعائلاتها.
حصلت على الدكتوراه في علم الوراثة البشرية من جامعة جونز هوبكنز الأمريكية عام ١٩٦٦. وقد تلقت العديد من العروض المغرية للاستقرار ومواصلة العمل والبحث العلمي بالولايات المتحدة الأمريكية لنبوغها العلمي، وكان هذا يعد أسهل الطرق للعالمية وعلى الأخص في ذلك الوقت حيث كان طب الوراثة في بداياته. إلا أنها اختارت الطريق الأصعب والشاق، فهي المرأة الحديدية التي آثرت أن تنقل هذا العلم وتكمل المسيرة في بلدها الأم مصر فكانت مُحبة لوطنها وحريصة على إفادته والارتقاء به، فعادت إلى أرض الوطن عام ١٩٦٦.
وبعد رجوعها إلى مصر فضلت أ.د سامية التمتامي العمل بمجال البحث العلمي والتفرغ له فالتحقت بالمركز القومي للبحوث وأنشأت أول عيادة للأمراض الوراثية في مصر والوطن العربي والشرق الأوسط. وتمكنت من أن ترسي قواعد أول قسم للوراثة البشرية. وبمجهودها وحماسها وإيمانها بحاجتنا لهذا التخصص المتفرد مع كون هذه الأمراض ليست بالنادرة في وطننا العربي في ظل ارتفاع معدلات زواج الأقارب، استطاعت خلال ثلاثين عاماً من العمل أن تحول العيادة الصغيرة التي تستقبل حالات الوراثة إلى شعبة كبيرة للوراثة البشرية وأبحاث الجينوم تضم ثمانية أقسام وتضم العديد من الباحثين البارزين عالمياً ومحلياً.
حديث التلميذات
وحول مآثرها العلمية تقول د. مها زكي قسم علم الوراثة البشرية والجينيوم، المركز القومي للبحوث “كان للعالمة الجليلة سامية التمتامي شغف خاص بتشوهات الأطراف فأنشأت مجالاً متخصصاً لتشوهات العظام والأطراف الوراثية. وقد كانت لها نظرة بعيدة لإرساء المجالات المختلفة للوراثة بتكوين مجموعات تم تأسيسهم وتوجيههم تبعا لاهتماماتهم، فأخرجت جيلاً من العلماء تميزوا في تشوهات العظام والأمراض العصبية الوراثية وأمراض الغدد الوراثية والالتباس الجنسي وأمراض الدم الوراثية وأمراض الجلد الوراثية وأمراض التمثيل الغذائي وأمراض التوحد وفرط الحركة والتأخر الذهني وغيرها الكثير”.
تستطرد د. مها زكي “كما كانت لها نظرة مستقبلية ثاقبة، فكانت أول من اقترحت إنشاء أقسام وراثية متخصصة مثل قسم الأجنة الوراثية للتشخيص أثناء الحمل وعمل فحوصات للأم الحامل والجنين وأسست لقسم وراثة الفم والأسنان وهو الأول من نوعه في الشرق الأوسط لإيمانها بأهمية فحص الوجه والفم والفك والأسنان في الكشف عن العديد من الأمراض الوراثية”.
وتمسك بطرف الحديث الدكتورة د. منى عجلان “لم يكن الطريق ممهدا أبداً ولم تكن الرحلة سهلة، فقد تطلب عملها ودراستها الكثير من وقتها، فقد كانت دائمة التواجد إلى ساعات متأخرة في العمل لإنجاز الأبحاث والإشراف على تلاميذها بجانب دورها كزوجة وأم، وقد ساعدها على ذلك زوجها الطبيب المثقف الواعي بأهمية ما تفعل والداعم لها دائما طوال رحلتها العلمية”.
اكتشاف الأمراض الوراثية
ووفقا للدكتور د. غادة عطيفي بـ قسم علم الوراثة البشرية والجينيوم، المركز القومي للبحوث “أسفرت المسيرة العلمية للدكتورة سامية التمتامي عن العديد من الأبحاث المعروفة بدوريات عالمية والتي تُعد مرجعاً في مجالها. وقد قامت باكتشاف أكثر من أربعين مرضاً وراثياً سُجّلت باسمها في المراجع العلمية العالمية، ولايزال تصنيفها لتشوهات الأطراف مع بروفيسور ماك يوزك حتى الآن منذ أكثر من خمسين عاماً مرجعاً رئيسا لكل المهتمين بهذا المجال”.
تضيف العطيفي “كما قامت بالإشراف على العديد من رسائل الماجستير والدكتوراه ليس فقط بالمركز بل بجميع الجامعات والمراكز البحثية التي ساهمت في إرساء علم الوراثة لديها. وقد كانت الدكتورة التمتامي أول من اقترح القيام بعمل المسحة للمواليد للأمراض الوراثية بمصر من خلال إحدى النقاط البحثية التي عملت عليها لأكثر من عامين وأسفرت نتائجها الإيجابية المهمة عن تطبيقها على المستوى القومي”.
تأسيس مركز التميز للوراثة البشرية
اشتركت العالمة الجليلة في العديد من المجلات العلمية الدولية والمحلية وأنشأت وتولت رئاسة مجلة الشرق الأوسط لعلم الوراثة الطبية. واستمرت أ.د سامية في العطاء الذي لا يتوقف بحماسها ونشاطها وثقتها المعهودة، فقد أنشأت الجمعية القومية للوراثة البشرية عام ٢٠٠٣ وأسست مركز التميز للوراثة البشرية عام ٢٠١٤. وتقوم الجمعية القومية للوراثة البشرية بتقديم العديد من الخدمات للمرضى المصابين بأمراض وراثية كما تدعم العديد من القوافل الطبية بمحافظات مصر وتدعم اصدار بعض النشرات الطبية المبسطة لرفع الوعي عن طبيعة الأمراض الوراثية وطرق تشخيصها وتفاديها خصوصاً في مجتمعاتنا العربية وصعيد مصر حيث تنتشر معدلات زواج الأقارب.
وقد احتضنت الجمعية القومية للوراثة البشرية تحت رئاستها العديد من المؤتمرات العلمية المحلية والعالمية والإقليمية مثل مؤتمر الجمعية الأفريقية للوراثة البشرية عام ٢٠١٧ ومؤتمر الرابطة العربية لأبحاث الجينات عام ٢٠١٩ كما قدمت الدعم للعديد من الدورات العلمية التدريبية في مجال الوراثة البشرية لشباب الباحثين والأطباء في مختلف التخصصات.
كانت الرحلة للأستاذة الدكتورة ساميه التمتامي شاقة وطويلة، والمسيرة مليئة بالعطاء لبلدها وللعلم وللبشرية جمعاء، فكانت لحظات التكريم تنسيها كل ما تكبدت من عناء في البحث المستمر والدراسة وقد تقلدت العديد من الجوائز والأوسمة المحلية والعالمية منها على سبيل المثال لا للحصر، وسام الجمهورية للعلوم والفنون عام ٢٠١٣، جائزة النيل في العلوم الطبية عام ٢٠١٢ وهى أرفع جائزة علمية في مصر والتي توجت عملها في خدمه وطنها والعلم والبشرية. واختيرت ضمن أكثر خمسين سيدة مؤثرة لعام ٢٠١٧ كما حصلت على جائزة مؤسسة هوجو للجينوم البشرى لقارة أفريقيا عام ٢٠١٧.
كانت لا تتوقف عن الأحلام والمثابرة لتحقيقها برغم الصعوبات وضعف الإمكانيات المادية في ظل ارتفاع تكلفة الأجهزة والكيماويات والتقنيات الحديثة في علم الوراثة إلا أنها كانت تؤمن بأهمية العقول المصرية والعربية ونبوغها وقدراتها المتميزة في التشخيص بما يضاهى بل ويتفوق على الكثير من علماء العالم ممن لديهم الإمكانيات المادية والتقنيات الحديثة.
وعلى صعيد العمل معها وتحت إشرافها كانت لا تكل ولا تمل بل وتسعد بقضاء ساعات طويلة من العمل بالعيادة مع المرضى رغم كبر سنها، وكانت تتوهج أكثر عند مواجهة الحالات الصعبة في التشخيص ولا تهدأ عن البحث ومراجعة المراجع والمواقع العلمية ولا تستريح حتى تصل للتشخيص وتساعد المريض وأهله بعد مروره برحلة مضنية مع كثير من الأطباء والفحوصات بدون جدوى، بل وكثيرًا ما تقدم الخدمة للمرضى مجانًا برغم ارتفاع تكاليف الفحوصات الوراثية. وكانت تشجع شباب الأطباء وتسعد وتفخر بهم عندما يجيدون تشخيص الحالات النادرة.
كانت طيلة الوقت تتميز بالخلق الرفيع والهدوء كما كانت أيضا تهتم بأناقتها وتحب الألوان الزاهية على عكس الصورة النمطية الساخرة التي ترتبط دوما بالعلماء. لذا تعتبر الأستاذة الدكتورة ساميه التمتامي نجمة في سماء العلم، المثل والقدوة.
الأستاذة الدكتورة “سامية علي التمتامي”, رحلة شاقة وطويلة، ومسيرة مليئة بالعطاء لبلدها وللعلم وللبشرية جمعاء, هي مؤسس علم الوراثة البشرية في مصر، والعالم العربي, معلمة الأجيال ومنارة العلم لكل من عرفها، أستاذ الوراثة البشرية بالمركز القومي للبحوث وعضو المجلس القومي لدراسة الجينوم المصري وافتها المنية يوم الثلاثاء الأول من ١ يونيو الجاري.
هي أول باحثة عربية تحصل على دكتوراه في علم الوراثة البشرية عام 1966، وأسست شعبة للوراثة البشرية في مصر ضمت أكثر من مئة باحث واكتشفت أكثر من أربعين مرضاً وراثياً مسجلاً باسمها في المراجع العالمية. اكتشفت حتى الآن أكثر من أربعين مرضاً وراثياً مسجلة باسمها في المراجع العالمية وتُعرف بـ Timtamy Syndrome.
ولدت في مدينة دمنهور في محافظة البحيرة في ١٢ فبراير عام ١٩٣٥م, التحقت بكلية الطب في جامعة القاهرة، وتخرّجت فيها سنة 1957 بتقدير جيد جداً مع مرتبة الشرف الأولى وكنت الأولى على الطبيبات الإناث، وعملت بعد ذلك في مستشفى أطفال جامعة القاهرة، مستشفى أبو الريش، ثم حصلت على دبلوم طب الأطفال وكانت الأولى على الدفعة.
تزوجت من زميلها الطبيب مصطفى رأفت محمود، وسافرا سوياً عام 1961 لدراسة الدكتوراه في أمريكا. وبالتحديد في جامعة جونز هوبكنز ببالتيمور في ميريلاند. وعملت تحت إشراف البروفسور فكتور مكيوزيك رائد الوراثة البشرية. ونتجت رسالة الدكتوراة عن مجلدين ضخمين، طوّرتها بعد ذلك في مرجع، أعيد طبعه ثلاث مرات حتى الآن. وقررت بعدها العودة إلى مصر سنة 1966 رغم عدة عروض أمريكية مغرية. وتأسس سنة 1977 قسم الوراثة البشرية.
وفي ثلاثين سنة، تمكنت من تحويل قسم صغير للوراثة البشرية إلى شعبة للوراثة البشرية تضم اليوم سبعة أقسام فيها أكثر من مئة باحث، وأشرفت على ستين رسالة دكتوراه وخمسين رسالة ماجستير.
النبوغ منذ الصغر
كانت نابغة منذ طفولتها وطوال أعوامها المدرسية. ثم التحقت بكلية الطب بجامعة القاهرة وتخرجت منها عام ١٩٥٧ مع مرتبة الشرف الأولى. كانت الأولى على الطبيبات لذا تم تعيينها للعمل في مستشفى الأطفال الجامعي (أبو الريش) بجامعة القاهرة، ثم حصلت على دبلوم طب الأطفال وكانت كعادتها الأولى على دفعتها. ولكنها دائما كانت غير تقليدية وكان طموحها جامحا وكانت تبحث في كل ما هو نادر، فكانت تشغلها دائما الحالات النادرة والتي يوجد بها تشوهات أو عيوب خلقية أو الأمراض التي لا يعرف لها سبب أكثر بكثير من الأمراض المنتشرة لدى الأطفال، وكانت تتعاطف بشدة مع هذه الحالات وعائلاتها.
حصلت على الدكتوراه في علم الوراثة البشرية من جامعة جونز هوبكنز الأمريكية عام ١٩٦٦. وقد تلقت العديد من العروض المغرية للاستقرار ومواصلة العمل والبحث العلمي بالولايات المتحدة الأمريكية لنبوغها العلمي، وكان هذا يعد أسهل الطرق للعالمية وعلى الأخص في ذلك الوقت حيث كان طب الوراثة في بداياته. إلا أنها اختارت الطريق الأصعب والشاق، فهي المرأة الحديدية التي آثرت أن تنقل هذا العلم وتكمل المسيرة في بلدها الأم مصر فكانت مُحبة لوطنها وحريصة على إفادته والارتقاء به، فعادت إلى أرض الوطن عام ١٩٦٦.
وبعد رجوعها إلى مصر فضلت أ.د سامية التمتامي العمل بمجال البحث العلمي والتفرغ له فالتحقت بالمركز القومي للبحوث وأنشأت أول عيادة للأمراض الوراثية في مصر والوطن العربي والشرق الأوسط. وتمكنت من أن ترسي قواعد أول قسم للوراثة البشرية. وبمجهودها وحماسها وإيمانها بحاجتنا لهذا التخصص المتفرد مع كون هذه الأمراض ليست بالنادرة في وطننا العربي في ظل ارتفاع معدلات زواج الأقارب، استطاعت خلال ثلاثين عاماً من العمل أن تحول العيادة الصغيرة التي تستقبل حالات الوراثة إلى شعبة كبيرة للوراثة البشرية وأبحاث الجينوم تضم ثمانية أقسام وتضم العديد من الباحثين البارزين عالمياً ومحلياً.
حديث التلميذات
وحول مآثرها العلمية تقول د. مها زكي بقسم علم الوراثة البشرية والجينيوم، المركز القومي للبحوث “كان للعالمة الجليلة سامية التمتامي شغف خاص بتشوهات الأطراف فأنشأت مجالاً متخصصاً لتشوهات العظام والأطراف الوراثية. وقد كانت لها نظرة بعيدة لإرساء المجالات المختلفة للوراثة بتكوين مجموعات تم تأسيسهم وتوجيههم تبعا لاهتماماتهم، فأخرجت جيلاً من العلماء تميزوا في تشوهات العظام والأمراض العصبية الوراثية وأمراض الغدد الوراثية والالتباس الجنسي وأمراض الدم الوراثية وأمراض الجلد الوراثية وأمراض التمثيل الغذائي وأمراض التوحد وفرط الحركة والتأخر الذهني وغيرها الكثير”.
تستطرد د. مها زكي “كما كانت لها نظرة مستقبلية ثاقبة، فكانت أول من اقترحت إنشاء أقسام وراثية متخصصة مثل قسم الأجنة الوراثية للتشخيص أثناء الحمل وعمل فحوصات للأم الحامل والجنين وأسست لقسم وراثة الفم والأسنان وهو الأول من نوعه في الشرق الأوسط لإيمانها بأهمية فحص الوجه والفم والفك والأسنان في الكشف عن العديد من الأمراض الوراثية”.
وتمسك بطرف الحديث الدكتورة د. منى عجلان “لم يكن الطريق ممهدا أبداً ولم تكن الرحلة سهلة، فقد تطلب عملها ودراستها الكثير من وقتها، فقد كانت دائمة التواجد إلى ساعات متأخرة في العمل لإنجاز الأبحاث والإشراف على تلاميذها بجانب دورها كزوجة وأم، وقد ساعدها على ذلك زوجها الطبيب المثقف الواعي بأهمية ما تفعل والداعم لها دائما طوال رحلتها العلمية”.
اكتشاف الأمراض الوراثية
ووفقا للدكتور د. غادة عطيفي بـ قسم علم الوراثة البشرية والجينيوم، المركز القومي للبحوث “أسفرت المسيرة العلمية للدكتورة سامية التمتامي عن العديد من الأبحاث المعروفة بدوريات عالمية والتي تُعد مرجعاً في مجالها. وقد قامت باكتشاف أكثر من أربعين مرضاً وراثياً سُجّلت باسمها في المراجع العلمية العالمية، ولايزال تصنيفها لتشوهات الأطراف مع بروفيسور ماك يوزك حتى الآن منذ أكثر من خمسين عاماً مرجعاً رئيسا لكل المهتمين بهذا المجال”.
تضيف العطيفي “كما قامت بالإشراف على العديد من رسائل الماجستير والدكتوراه ليس فقط بالمركز بل بجميع الجامعات والمراكز البحثية التي ساهمت في إرساء علم الوراثة لديها. وقد كانت الدكتورة التمتامي أول من اقترح القيام بعمل المسحة للمواليد للأمراض الوراثية بمصر من خلال إحدى النقاط البحثية التي عملت عليها لأكثر من عامين وأسفرت نتائجها الإيجابية المهمة عن تطبيقها على المستوى القومي”.
تأسيس مركز التميز للوراثة البشرية
اشتركت العالمة الجليلة في العديد من المجلات العلمية الدولية والمحلية وأنشأت وتولت رئاسة مجلة الشرق الأوسط لعلم الوراثة الطبية. واستمرت أ.د سامية في العطاء الذي لا يتوقف بحماسها ونشاطها وثقتها المعهودة، فقد أنشأت الجمعية القومية للوراثة البشرية عام ٢٠٠٣ وأسست مركز التميز للوراثة البشرية عام ٢٠١٤. وتقوم الجمعية القومية للوراثة البشرية بتقديم العديد من الخدمات للمرضى المصابين بأمراض وراثية كما تدعم العديد من القوافل الطبية بمحافظات مصر وتدعم اصدار بعض النشرات الطبية المبسطة لرفع الوعي عن طبيعة الأمراض الوراثية وطرق تشخيصها وتفاديها خصوصاً في مجتمعاتنا العربية وصعيد مصر حيث تنتشر معدلات زواج الأقارب.
وقد احتضنت الجمعية القومية للوراثة البشرية تحت رئاستها العديد من المؤتمرات العلمية المحلية والعالمية والإقليمية مثل مؤتمر الجمعية الأفريقية للوراثة البشرية عام ٢٠١٧ ومؤتمر الرابطة العربية لأبحاث الجينات عام ٢٠١٩ كما قدمت الدعم للعديد من الدورات العلمية التدريبية في مجال الوراثة البشرية لشباب الباحثين والأطباء في مختلف التخصصات.
كانت الرحلة للأستاذة الدكتورة ساميه التمتامي شاقة وطويلة، والمسيرة مليئة بالعطاء لبلدها وللعلم وللبشرية جمعاء، فكانت لحظات التكريم تنسيها كل ما تكبدت من عناء في البحث المستمر والدراسة وقد تقلدت العديد من الجوائز والأوسمة المحلية والعالمية منها على سبيل المثال لا للحصر، وسام الجمهورية للعلوم والفنون عام ٢٠١٣، جائزة النيل في العلوم الطبية عام ٢٠١٢ وهى أرفع جائزة علمية في مصر والتي توجت عملها في خدمه وطنها والعلم والبشرية. واختيرت ضمن أكثر خمسين سيدة مؤثرة لعام ٢٠١٧ كما حصلت على جائزة مؤسسة هوجو للجينوم البشرى لقارة أفريقيا عام ٢٠١٧.