منوعات

الصحة العامة، مهنة الطب، وبناء الدولة في الوطن العربي: نظرة تاريخية

تتّبع هذه الدراسة الإسهامات الرئيسية في تطور ونشأة سياسات الصحة العامة في الوطن العربي. وعند القيام بذلك، تبزغ عدة أفكار رئيسية من بين أخرى كثيرة؛ من مثل: تأثير الاستعمار والمواجهة مع الطب الغربي، وعلاقة الصحة العامة ببناء الدولة ومشروع التحديث، ودور مهنة الطب، وكذلك التغيير في السياسات تبعاً لتغيير الواقع السياسي والاقتصادي. ونعتزم تطوير هذه الأفكار الرئيسية وإظهار تفاعلاتها المعقّدة التي تصيب أسس الصحة العامة الحديثة.

وسوف نحاول أن نبرهن أن الصحة العامة كانت أداة رئيسية في مشروع التحديث (الذي نُظِر إليه كمشروع فكري و اجتماعي-سياسي) الذي ظهر في أواخر عهد الدولة العثمانية، وخضع بعدها لاهتمامات و مصالح القوى الاستعمارية. وقد اعتمدت البلدان العربية المستقلة حديثاً، على تعزيز “التقدم” الاجتماعي، و تأمين الحصول على منافع التطور التي احتلت فيها الصحة مكان القلب من الجسد، كأساس للشرعية، وهو ما تُرجم في تمويل النظام الصحي، وتنظيم بنيته العضوية، وتثقيف وتنظيم وتوظيف واسع النطاق للعاملين الصحيين. وسنركز على مهنة الطب، حيث أدت دوراً مركزياً في مشروعات الصحة العامة والتحديث على السواء. واكتسب الأطباء -كمناصرين للصحة- احتراماً عظيماً يليق بمسؤولياتهم وعلاقتهم بالدولة وخياراتهم السياسية.

خاتمة

حاولنا في هذا البحث أن نسلط الضوء على أهمية الصحة العامة في بناء الدولة الحديثة. ففي القرن التاسع عشر، تضمنت مشاريع التحديث العثمانية و المصرية برامج للصحة العامة، و مضى الاستعمار في هذه البرامج، لكنه استخدم مشروع التطبيب كأداة للسيطرة على الشعوب، و لتحقيق مصالحه الاقتصادية و الأمنية. و على العكس من ذلك، فخلال العقود الأولى من الاستقلال، أصبحت الصحة حقاً مكفولاً من قِبَل الدولة، و تحقق تقدم مهم في هذا الشأن، لكن أزمة نموذج التنمية في ثمانينيات القرن العشرين، و تراجع الإنفاق العام، أدَّيا إلى ظهور لاعبين دوليين و محليين جدد، أكثرهم من القطاع الخاص. و في ظل تزايد انعدام العدالة، فإن وكالات دولية و منظمات غير حكومية -منها الجمعيات الخيرية و الدينية- أدت دوراً متزايداً.

اليوم، يبدو أن أهداف العدالة الاجتماعية و الحق في الصحة للجميع بعيدة المنال، بعد فشل سياسات التنمية الوطنية، و ما تلاها من انسحاب الدولة من البرامج الاجتماعية. و التحدي الجديد الذي يواجه المهنيين الصحيين هو إيجاد ديناميات اجتماعية و سياسية جديدة، يمكن أن تجعل هذه الأهداف واقعية مرة أخرى. بين المقدمة و الخاتمة دراسة لتاريخ الطب في العصر الحديث في وطننا العربي و دوره الوطني و الاجتماعي و هو موضوع نادراً ما نجد دراسات حوله.. ندعوكم للاطلاع عليها و نتمنى لكم الفائدة و المتعة. الدراسة كاملة هنا

إليزابيث لونغينيس – سيلفيا شيفولو – نبيل قرنفل – عمر دوه جي

المصدر: (مركز دراسات الوحدة العربية)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى