القَصعِين, ترياق نباتي, كان زائع الصيت إبان حقبة المقايضة التجارية مع الصينيين, كان الناس لا يترددون في مبادلة صندقين من شايهم المتميز مقابل صندوق واحد من القَصعِين, الذي كانت أسماؤه الشعبية تتراوح فى تلك الأثناء بين “الشاي المقدس” و “شاي بروفنس” مروراً بـ “شاي فرنسا”.
فمنذ أقدم العصور, لم يقصر القَصعِين يوماً عن تأكيد شهرته كعشبة مقدسة… مقدسة للصحة للحفاظ عليها ولاستعادتها على السواء.
ندرة هم الأشخاص الذين لا يعرفون القَصعِين لأنه إذا كان ينبت برياً, فقد تأقلم أيضاً على الحدائق في المناطق الأكثر برودة. يكفى زرع شتلة وتركها تتكاثر. في جنبة صغيرة يتراوح ارتفاعها بين 30 و 60 سم وتحمل أوراقاً بيضوية الشكل ومستطيلة, ذات لون رمادي ضارب إلى الخضرة, تتفتح أزهار صغيرة زرقاء بنفسجية في شهر يونيو او يوليو. وهذا هو أفضل وقت لقطف الأوراق (ولكن بما أنها تيقى خضراء على مدار السنة, يمكن للمرء قطفها وفقاً للحاجة). إذا فركنا ورقة قصعين في كفنا, سنشم على الفور رائحة القصعين القوية. وهذا العطر, يجب الحفاظ عليه مع مزايا النبات الطبية عند تجفيفه. لهذا الغرض, تُمدّ الأوراق في الظل, في درجة حرارة لا تتجاوز 35 درجة مئوية (وليس في الشمس مباشرة).
دواعي استعمال متعددة
القَصعِين مقو ممتاز وهو مهضم ومنشط للكبد والمعدة, كما انه يشتهر بتسكين أوجاع المصابين بالروماتزم ومحاربة التعب العصبي, فرط التعرق, الاكتئاب, الالتهابات التنفسية وعدم انتظام الدورة الشهرية… باختصار, قلة هي المجالات التي لا يكون فيها القصعين مفيداً ولاريب في ان هذا هو السبب الذي جعله يحتفظ على مر العصور بصيته المبرر كـ “ملك النباتات الطبية”.
موانع الاستعمال
موانع الاستعمال قليلة جداً, المانع الوحيد لاستعمال القصعين هو الحمل والرضاعة. وتنقسم الآراء فيما يتعلق بالسرطان الأنثوي (رحم, ثدي) لأن القصعين غني جدا بالأستروجينات النباتية التي تكسبه فائدة كبرى في حالات ألم الحيض أو عدم انتظام الدورة الشهرية, والإياس, وكعامل خصوبة أنثوية.
الاستعمال الشائع
للاستفادة من الخواص العديدة للقصعين, فإن أبسط الوسائل هي في تحضير نقيع من الأوراق الطازجة أو الجافة: توضع 2-3 أوراق في فنجان, يسكب فوقها ماء مغلي ثم يترك المزيج لينتقع 5 دقائق مع تغطية الفنجان. يُصفى ويُشرب منه 2 إلى 3 فنجان في اليوم.
أوجاع الحلق والفم
إذا كنت كثير التعرض لالتهاب الحلق, يحضر مغلي من أوراق القصعين عبر غلي 3 ملاعق طعام من الأوراق الجافة في لتر ماء لمدة 5 دقائق. يترك لينتقع 5 دقائق إضافية ثم يصفى. يستعمل هذا المغلي الساخن للغرغرة من أجل تطهير الحلق وتسكين آلام الالتهاب. ويحارب هذا المستحشر, عبر القيام بحمامات للفم, القُلاع (الحموّ) والتهاب اللثة.
لمعالجة الجروح والأكزيما
تستعمل كمادة مبلولة بمغلي مركز من القصعين (نفس المستحضر المذكور أعلاه ولكن بـ 100 غ من الأوراق) لتنشيط التئام الجروح والتخلص من الأكزيما.
بلسم مضاد للروماتزم
إذا كانت مفاصلك أو عضلاتك تؤلمك, دلكها بمرهم تحضره بنفسك:
تدق حفنتان كبيرتان من أوراق القصعين الطازجة في الجرن. تُخلط الأوراق المهروسة مع 250غ من الدهن. يوضع المزيج على النار ويغلى على نار خفيفة جداً حتى يتبخر كامل الماء الذي تطلقه النبتة. يصفى في الحال عبر قماشة رقيقة. يحفظ في إناء زجاجي.
ضد فرط التعرق
في ما يلي طريقتان فعالتان لمحاربة إفراز العرق الزائد:
حمام بزيت القصعين العطري: تضاف 15 قطرة من زيت القصعين العطري إلى ملعقة تحت حنفية المغطس. ينبغي البقاء في ماء المغطس ربع ساعة من الوقت.
صبغة القصعين: في برطمان زجاجي صغير, تكدس أوراق قصعين طازجة أو جافة مع رصها حتى تصل إلى نصف البرطمان. يسكب فوقها كحول فاكهة بدرجة40, حتى ملء البرطمان, ثم يغلق. يترك المزيج ينتقع 15 يوماً ثم يصفى مع الضغط على الأوراق لاستخراج كامل عصارتها.
يُسكب من جديد في البرطمان ثم يُسد. يؤخذ من هذه الصبغة نصف ملعقة صغيرة في نصف كوب من الماء صباحاً.
ضد تساقط الشعر
يحضر مغلي مكثف من القصعين: يوضع 50غ من الأوراق الجافة في نصف لتر من الماء البارد. يغلى 5 دقائق ثم يترك لينتقع 10 دقائق. يُصفى ويضاف إليه نصف لتر من مشروب الروم. يوضع هذا الغسول على الرأس وتفرك به جلدة الرأس صباح كل يوم.
نبات الحمل
في زمن الرومان كان القصعين شائع الاستعمال لتسهيل الخصوبة عند المرأة. وفي تلك الحقبة, كان على النساء اللواتي يرغبن في طفل أن يبقين بعيدات عن الفراش الزوجي أربعة أيام ثم يشربن كمية وافية من شراب القصعين الساخن قبل أن يعدن إلى أزواجهن. في مصر أيضاً, تقول الاسطورة إنّ الوصفة استُعملت بنجاح, كان الطاعون قد أباد قسماً كبيراً من سكان الإسكندرية فأُجبرت النساء الناجيات على شرب مشروب محضّر من القصعين, فزادعدد سكان المدينة بسرعة.
