هل للفلفل الحار فوائد تتعلق بطول العمر؟
توصلت دراسة حديثة أجراها علماء جامعة “هارفارد” الأمريكية, بالتعاون مع أطباء المستشفى النسائي في بريجهام، أن الأشخاص الذين يتناولون الفلفل الحار تزداد فرص بقائهم على قيد الحياة لفترة أطول.
وأجريت الدراسة على عينة شملت أكثر من 487 ألف شخص، تتراوح أعمارهم بين 30 و79 عامًا، واستمرت سبع سنوات في إطار برنامج بحوث الصين الوطني. وسجلت خلال فترة الدراسة أكثر من 20 ألف حالة وفاة، وتبين أن عمر الذين يتناولون الفلفل الحار يزداد بنسبة 12-14% مقارنة بالذين لا يتناولونه.
ويرى الخبراء أن وجود الفلفل الحار في النظام الغذائي يساعد على تخفيض خطر الموت بسبب السرطان وأمراض القلب والأوعية الدموية ومشكلات الجهاز التنفسي.
وفى نفس السياق تشير دراسة أخرى إلى أنّ المواظبة على تناول الفلفل الحار يمكن أن توفِّر فوائد صحية لم تُعرف عنه سابقاً، من شأنها أن تسهم في إطالة أعمار الناس.
وليس مستبعداً أن “ينخفض بشدة خطر الوفاة نتيجة الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية أو السرطان” لدى الأشخاص الذين يتناولون الفلفل الحار، حسبما يرد في بحث أوليّ من المقرر تقديمه الأسبوع الحالي في “الجلسات العلمية لجمعية القلب الأميركية” لعام 2020.
فيما وجدت بحوث سابقة أنّ تناول الفلفل الحار يترك في الجسم تأثيراً مضادّاً للالتهابات وللأكسدة وللسرطان، ويسهم في تنظيم مستوى الغلوكوز في الدم، وذلك كله بفضل “الكابسيسين” capsaicin، المادة الطبيعية التي تمنحه طعمه الحار المميَّز. وتُعدّ هذه الدراسة الجهد البحثي الواسع النطاق الأول الذي يرمي إلى عقد مقارنة بين استهلاك الفلفل المشار إليه من جانب المشاركين، وبين معدل الوفيات الناتجة عن عدد من الأمراض.
بغية تقييم الآثار المترتِّبة على استهلاك الفلفل الحار فيما يتصل بالعمر المديد، تفحّص الباحثون أربعة آلاف و729 دراسة من خمس قواعد بيانات رائدة في مجال الصحة على صعيد العالم، هي “أوفيد” Ovid ، و”كوشرين “Cochrane، و”مدلاين” Medline و”إمبيس”Embase و”سكوبس” Scopus.
ومن بين البحوث أربع دراسات كبيرة تضمّنت بشكل خاص نتائج متعلِّقة بصحة المشاركين وبيانات بشأن استهلاكهم الفلفل الحار.
زوّدت تلك الدراسات الفريق البحثي بالسجلات الصحية والأنظمة الغذائية الخاصة بما يربو على 570 ألف شخص في الولايات المتحدة وإيطاليا والصين وإيران، ما سمح لهم بمقارنة النتائج الخاصة بمن تناولوا الفلفل الحار مع نتائج الأشخاص الذين نادراً ما يأكلونه أو لم يتذوقوه قط.
مقارنةً بمن استهلكوا الفلفل الحار “مرات نادرة” أو “لم يأكلوه أبداً”، وجد التحليل أنّ في صفوف الأشخاص الذين تناولوا الفلفل الحار:
تنخفض نسبياً الوفيات الناجمة عن أمراض القلب والأوعية الدموية بمقدار 26 في المئة. وتنخفض نسبياً وفيات السرطان بمقدار 23 في المئة. كما تنخفض نسبياً الوفيات الناتجة عن شتى الأسباب بمقدار 25 في المئة.
“فوجئنا إذ وجدنا أنّ في تلك الدراسات المنشورة سابقاً، ارتبط الاستهلاك المتكرِّر للفلفل الحار بالحدّ بشكل عام من خطر وقوع وفيات نتيجة لجميع الأسباب، وأمراض القلب والأوعية الدموية والسرطان”، كما قال بو شو كبير الباحثين في الدراسة، وطبيب القلب في “كليفلاند كلينك”، و”معهد القلب والأوعية الدموية والصدر” في كليفلاند، في ولاية أوهايو الأميركية.
وقال “إنّه (البحث) يسلِّط الضوء على فكرة تعتبر أن العوامل الغذائية ربما تؤدي دوراً مهماً في الصحة العامة”.
بيد أنّ الدكتور أضاف محذِّراً: “الأسباب والآليات الدقيقة التي يمكنها أن تشرح استنتاجاتنا ليست معروفة حالياً”.
“بناء عليه، يتعذّر علينا أن نبتّ في أنّ تناول كثير من الفلفل الحار من شأنه أن يطيل أمد الحياة ويقلّص أعداد الوفيات، خصوصاً الناتجة من حالات القلب والأوعية الدموية أو السرطان. يقتضي تأكيد هذه النتائج إجراء بحوث إضافية ولا سيما استقاء أدلة من دراسات منضبطة معشاة”، على ما ذكر الدكتور شو.
كذلك حذّر الدكتور شو من أنّ دراسة من هذا النوع تشوبها أوجه قصور عدة. مثلاً، لم تتضمّن الدراسات الأربع التي راجعها الباحثون عدداً كافياً من بيانات صحية محددَّة حول المشاركين، أو عوامل أخرى ربما تكون تركت تأثيرها في النتائج.
وأشار الباحثون أيضاً إلى أن مقدار الفلفل الحار الذي تناوله المشاركون ونوعه كانا عنصرين متغيرين بين دراسة إلى أخرى، ما يجعل من العسير الخروج باستنتاجات محدَّدة حول ثلاثة تساؤلات هي الكمية، وعدد المرات، ونوع الفلفل الحار المستهلك، التي يُحتمل أن تعطي فوائد صحية.