منوعات

شواهد من الإعجاز الطبي في القرآن الكريم

رضيَ اللهُ عن الداعية العلاَّمة (محمد راتب النابلسي) وهو لا يحتاج إلى تعريف بعدما طوقت شهرته الآفاق من خلال مؤلفاته الفكرية والعلمية، وبرامجه التلفزيونية التي سمعها الأعراب والأغراب. حصل على درجة الماجستير من جامعة ليون، وحصل على درجة الدكتوراه من جامعة دبلن بالمملكة المتحدة.

  وقد عمل أستاذاً بكلية التربية بجامعة دمشق، قرابة ثلاثين عامًا وهو يُدَّرس مادة (الإعجاز العلمي في القرآن الكريم) في كليات الشريعة وأصول الدين ويُشرف على مجلة نهج الإسلام، كما قام بالتدريس في لبنان والسودان، وغير ذلك من الجامعات الاسلامية.

القرآن هو الشفاء التام من جميع الأدواء القلبية والبدنية

  استمع إلى العلاَّمة (محمد راتب النابلسي) وهو يقول: القرآن هو الشفاء التام من جميع الأدواء القلبية والبدنية وأدواء الدنيا والآخرة، فما مِن مرضٍ من أمراض القلوب والأبدان إلاَّ وفي القرآن سبيل الدلالة على دوائه وسببه، والحمية منه لمن رزقه فهماً في كتابه.

الأولوية في ترتيب تناول الأطعمة

=ويقول عن شواهد الإعجاز الطبي في القرآن: حديثه عن الأولوية في ترتيب تناول الأطعمة، والحكمة الطبية من ذلك، إذْ قدَّمَ الفاكهةَ قبل البروتين: ﴿وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ  وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ﴾. فقد ثبتَ علمياً: أنَّ تناول الفاكهة قبل الطعام يساعد على تحضير الغدد المُفرِزة للعصارات الهضمية الموجودة بالفم (الأميلاز اللعابية) أوْ بالمعدة والإثنى عشر، فتتجهَّز تدريجياَ للقيام بوظيفتها الهاضمة للأطعمة. وينصح الأطباءُ بتناول الفاكهة والمعدة خالية، لأنها تفتح الشهية، وتقي المعدةَ أمراض الحموضة. أمَّا تناول الفاكهة بعد تناول الطعام المطبوخ، لاسيما كلما ازدادت تشكيلة الطعام، يحتمل إصابة المعدة بالأعراض المرضية.

الرضاعة الطبيعية

= ومِن شواهد الإعجاز الطبي في القرآن: حديثه عن (الرضاعة الطبيعية)، إذْ يقول سبحانه: ﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ﴾. فقد ثبتَ أنَّ “لبن الأم” يحتوي على الأنسولين والأسترجين الطبيعي الذي يفيد عند الرضاعة. وجاء التأكيد هنا على أهمية الرضاعة لمدة عاميْن؛ فقد أشارت المراجع الحديثة إلى أنَّ الإنزيمات والغشاء المُبطّن للجهاز الهضمي وحركية هذا الجهاز وديناميكية الهضم والامتصاص لا يكتمل عملها بصورة طبيعية في الأشهُر الأولى بعد الولادة، وإنما تكتمل تدريجيـاً حتى نهاية العام الثاني.

   هذا؛ وقد ظلَّ أطباءُ الأطفال ولسنوات طويلة واقعين تحت تأثير المقولة بأنَّ حليب البقر يحتوي على بروتين أضعاف ما يحتويه حليب الأم، وقد توصلت الأبحاث -مؤخراً- إلى أنَّ العِبرة ليست دائماً بالكم وإنما بالكيْف والنوع، فقد ثبت أنَّ نسبة البروتين في حليب الأم تعتبر مثالية بالرغم من كمّه المحدّد نسبياً، ثم إنَّ تواجد بروتين مَصل الحليب “الشرش” ذي القيمة الغذائية والمناعة العالية فيه تصل إلى حوالي 80%، بينما تبلغ هذه النسبة في مَصل الحليب البقري 20% فقط. كما اكتشف العلماءُ أنَّ ما يحتويه حليب الأم مِن بروتين يتناسب عكسياً مع نمو الطفل؛ فكلما كان الطفل صغيراً كانت كمية البروتين كبيرة، ثمَّ تقل كميته تدريجياً مع تدرُّج الطفل في نموه، إضافة إلى تغيُّر كميته من يوم إلى آخَر، بلْ من وقتٍ إلى آخَر في اليوم الواحد تبعاً لتغيُّر حاجة الرضيع، عِلماً بأنَّ بعض البروتينات الموجودة في حليب البقر تُسبِّب أمراضاً للطفل كالربو والأكزما والتهاب المعدة، وغيرها.

التحذير من تناول اللحوم النافقة

= ومن شواهد الإعجاز الطبِّي في القرآن: تحذيره من تناول لحوم الحيوانات النافقة، يقول تعالى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ﴾. ويقول سبحانه: ﴿قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ﴾(الأنعام/145). ففي هاتيْن الآيتيْن: تحريم لعدّة أصناف من اللحوم، لم يعرف الإنسانُ في الماضي شيئاً عن أسرار هذا التحريم، لكنه أدرك اليوم أنها تُسبِّب أمراضاً كثيرة، فمثلاً:

= ومن شواهد الإعجاز الطبِّي في القرآن: قوله سبحانه:﴿وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ  ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾[النحل:68-69].

الإعجاز في خَلْق أُمَّة “نحل العسل‏”

  هذه الآية الكريمة: أشارت إلى الإعجاز في خَلْق أُمَّة “نحل العسل‏”‏، وإعطاء الخالق -سبحانه- لها قدراً من الوعي والإدراك‏,‏ ومنحها عدداً من القدرات الفطرية التي تعينها علي تنظيم مجتمعاتها تنظيماً تتوزع فيه الاختصاصات والمسئوليات والمهام بدقة فائقة‏‏. كما أخبرتْ الآيةُ أنَّ النحلة تعمل بإلهام من الفطرة التي أودعها إياها، وقد ذلَّلَ لها سُبل الحياة بما أودع في فطرتها وفي طبيعة الكون حولها من توافق‏.‏

   ويأتي العِلْم الحديث مؤكداً أنَّ شغَّالات النحل مزوَّدة بأربع مجموعات من الغدد التي تنتقي من غذائها‏:‏ العسل‏,‏ والغذاء المَلَكي‏,‏ والشمع‏,‏ والخمائر‏,‏ والسموم‏,.‏ كما أعطى –سبحانه- عيون النحلة القدرة على تمييز عدد من أطياف النور الأبيض‏,‏ بالإضافة الي الأشعَّة فوق البنفسجية كيْ تستطيع تمييز ألوان الزهور بمهارة‏,‏ كما أعطاها قدرات عالية لكلٍّ مِن حاستيْ: الشم والتذوق‏,‏ لتمايز بين الزهور بواسطة روائحها‏,‏ وروائح ما بها من الرحيق‏,‏ ومن حبوب اللقاح‏,‏ لتمايز بين طعوم ما بها من سُكريات‏,‏ فتُقبِل على المناسب منها وتتجنَّب غير المناسب‏.‏ كما ألهمها –سبحانه-‏ القدرةَ على تحويل ما جمعته من غذاء إلى عسل‏,‏ وشمع‏,‏ وسم‏,‏ وغذاء الملكات‏,‏ والأنزيمات التي تُحوِّل السكريات المعقَّدة في رحيق الأزهار‏,‏ إلى سكريَّات بسيطة‏، ثمَّ تُخرِجه علي هيئة فضلات‏,‏ وتُحوِّل أغلبه إلى هذا الشراب المختلف الألوان!.

 وقد اشتمل قوله: ﴿فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ﴾ على قدرة “عسل النحل” العلاجية الفائقة، فقد أثبتت الدراسات العلمية فوائده في مختلف فروع الطب: كعلاج أمراض الجهاز الهضمي والعصبي والتنفسي، والأمراض الجلدية، وأمراض الشيخوخة، وغيرها.

   فما هذا المصنع الإلهي العجيب الموجود في بطون النحل؛ لاستخراج المواد الغذائية الشفائية الموجودة في كل الثمرات؟ بحسب أن نعلم أنه يدخل في تركيب العسل ما يزيد على سبعين مادة مختلفة، أهمها “السكر” ويشتمل على خمسة عشر نوعاً منه، وأكثر من عشرين نوعاً من مختلف الأملاح المعدنية، وحوالي خمسة عشر نوعاً من الأحماض الأمينية، وما يزيد عن عشرة أنواع من الأنزيمات، واثنيْ عشر نوعاً من الأحماض العضوية التي تنتقل إلى العسل من دم النحلة وغددها، وغير ذلك الكثير؛ مما يُثبت القوة الغذائية العالية، والمميزات الشفائية والوقائية للعسل، وحسبنا أن نعلم أنَّ هناك عشرين ألف دراسة علمية -حتى الآن- عن عسل النحل!!

محمد عبد الشافي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى