منوعات

داء السكري “جائحة صامتة” تضرب المجتمعات العربية

مرض السكري مستفحل في مجتمعاتنا العربية، له آثاره المدمرة على الصحة وعلى ميزانيات الدول الاستشفائية. كيف الوضع في دول الخليج ومصر؟

السعودية.. مصاب من كل ستة أفراد

دقت اللجنة العلمية في الجمعية السعودية للسكر والغدد الصماء ناقوس الخطر في اليوم العالمي للسكري، وذلك لاحتلال المملكة المركز السابع عالميًا من حيث عدد المصابين بمرض السكري، بحسب الإحصاءات الأخيرة، إذ تعتبر السعودية ودول الخليج من أوائل الدول العربية من حيث حالات الإصابة بالمرض، وأرجعت أسباب ذلك إلى نمط الحياة غير الصحي، بما في ذلك الغذاء والمعدلات المنخفضة من الحركة والنشاط البدني. ويكلف علاج المرض نحو 17.2 مليار ريال للفرد في السعودية سنويًا.

وذكرت الإحصائيات الأخيرة اعتبارًا من يونيو 2020، أن عدد سكان السعودية بلغ نحو 34.8 مليون نسمة، وبحسب الاتحاد الدولي للسكري، فإن معدل انتشار المرض في المملكة حاليًا بلغ 27.3 في المئة، أي مصاب واحد لكل ستة أشخاص.

وفي هذا الصدد، ذكر البروفيسور عبد المعين الأغا – أستاذ واستشاري الغدد الصماء وسكري الأطفال بكلية الطب جامعة الملك عبد العزيز في جدة – أن عوامل عدة تسهم في الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني، ويعتبر أهمها العادات التي ترافق نمط الحياة المعاصر.

وتدق أرقام منظمة الصحة العالمية ناقوس الخطر، حيث إن 68.2 في المئة من إجمالي السكان في السعودية يعانون من زيادة الوزن، و33.7 في المئة منهم يعانون من السمنة المفرطة، لذلك فإن الجهود جارية للحد من انتشار مرض السكري وتحسين خيارات العلاج خلال السنوات العشر المقبلة للحد من عدد الحالات الإجمالية في السعودية.

وأشار الأغا إلى أن سبب زيادة أعداد مرضى السكري في السعودية يعود إلى تناول الغذاء غير الصحي المعتمد على السكر الأبيض والغني بالدهون، إضافة إلى قلة ممارسة الرياضة والحركة بسبب التمدن وكثرة السيارات ووسائل النقل، وهو ما أدى إلى قلة الحركة، وكذلك أسهم ارتفاع حرارة الأجواء بكثير من البلدان العربية في زيادة السمنة نتيجة غياب الرياضة التي مهدت بدورها إلى مرض السكري وإلى جميع مضاعفات السمنة.

عدد الإصابات مرتفع بين النساء

ووفقًا لتقرير صدر، أخيرًا، ولم يشمل المستشفيات التخصصية، فإن عدد المراجعين والمراجعات السعوديين لعيادات السكري بلغ 578096 مراجعًا ومراجعة، بينهم 278299 من الذكور، و299297 من الإناث، بينما بلغ عدد غير السعوديين 39114، بينهم 24400 من الذكور، و14714 من الإناث.

وبإجمالي عدد المراجعين والمراجعات لعيادات السكري في المستشفيات كافة التابعة لوزارة الصحة تفوقت نسبة النساء المراجعات للعيادات على نسبة الذكور بـ50.8 في المئة.

من جانبه، ذكر رئيس قسم الغدد الصماء والسكري بمستشفى السلمانية الدكتور حسين طه، في مؤتمر البحرين الثاني للسكري، أن مرض السكري بمفهومه الحديث بات يشكل وباءً غير معد نتيجة لزيادة معدلات الإصابة به بشكل كبير، مشيرًا إلى أنه وفقًا لمنظمة الصحة الدولية، فإن مرضى السكري ارتفع عددهم من 246 مليونًا عام 2007، ليصل إلى 366 مليونًا عام 2011. علمًا أن توقعات المنظمة لزيادة أعداد المرضى المتوقعة حتى عام 2025 كان يبلغ 380 مليون مريض، كاشفًا أن آخر إحصائية صادرة عام 2017 أشارت إلى وجود 422 مليون مصاب، وأنه من المتوقع أن يصل العدد إلى 640 مليونًا عام 2045.

وفاة كل 10 ثوان

أضاف د. طه، أن إحصائيات معدلات الوفاة بسبب مرض السكري ومضاعفاته لعام 2007 كانت تبلغ حالة وفاة كل 10 ثوانٍ، بينما سجلت معدلات بتر أطراف القدم كل 20 إلى 30 ثانية، مشيرًا إلى أن 60 في المئة من حالات الوفيات بسبب السكري تكون نتيجة للمضاعفات التي أثرت على القلب والشرايين، وبين أن دول الخليج العربي تأتي ضمن العشر دول الأولى في معدلات الإصابة بالسكري، لافتًا إلى أن معدل الإصابة بالسكري سنويًا في مملكة البحرين يصل إلى 15 في المئة.

الكويت من أعلى الدول في الإصابات

وفي السياق ذاته، حذر استشاري الغدد الصماء والسكري ورئيس رابطة السكر الكويتية الدكتور وليد الضاحي على هامش ندوة “استخدام التكنولوجيا في تحسين طرق مراقبة السكري”، من أن الكويت تعتبر من أعلى الدول بالعالم في الإصابة بمرض السكري، مبينًا أن أعداد المصابين بمرض السكري في الكويت يتراوح بين 400 و430 ألفًا، إضافة إلى أن أعدادًا كبيرة معرضة للإصابة بهذا المرض أو لديهم ما يسمى بمرحلة ما قبل السكري.

وأضاف الضاحي أن الدراسات أثبتت أن انضباط السكر في الدم يؤدي إلى التقليل من مخاطره ومضاعفاته المتعلقة بالأعصاب والشرايين والعيون والقدم والجسم بشكل عام، لافتًا إلى أن فحص السكر في المنزل لا يقل أهمية عن الفحص المخبري، فهما بمنزلة خريطة طريق للطبيب تساعده في اختيار العلاج المناسب للمريض، موضحًا أن على جميع المرضى متابعة قراءات السكري في منازلهم.

دليل الإمارات

أطلقت جمعية الإمارات للسكري، بمناسبة اليوم العالمي للسكري، النسخة الثالثة من الدليل الوطني لتشخيص وعلاج النوع الثاني من السكري، الذي يمثل رؤية محلية تعكس الواقع وتسهم بشكل فاعل في تعزيز ورفع مستوى الوقاية والتشخيص والعلاج للمرض، والحد من مضاعفاته السلبية.

وأوصى الدليل، الذي استند إلى أكثر من 60 مرجعًا متخصصًا في هذا المجال، وأشرف عليه نخبة من المتخصصين في مختلف إمارات الدولة، بتخفيض سن الكشف المبكر عن المرض إلى 30 سنة، بدلًا من 45 سنة، بناءً على العديد من الدراسات المحلية التي أثبتت انتشار المرض لدى الأشخاص من 30 سنة فما فوق، إضافة إلى زيادة معدلات السمنة لدى السكان، التي تشكل خطورة للإصابة بالمرض في عمر مبكر، وتكرار الفحص الدوري كل ثلاث سنوات لمن لا يعانون المرض، وأقل من ذلك لمن لديهم عوامل خطورة. كما أوصى الدليل الوطني للسكري، الذي استمر العمل به عدة أشهر، بأهمية التزام الأشخاص ممن هم في مرحلة ما قبل السكري ببرنامج متكامل لتغيير نمط الحياة والسيطرة على الوزن، واتباع نظام غذائي متوازن، وممارسة الرياضة المنتظمة بمعدل 150 دقيقة في الأسبوع، والإقلاع عن التدخين.

وأشار المدير التنفيذي لمؤسسة دبي للرعاية الصحية في هيئة الصحة الدكتور يونس كاظم في مؤتمر الإمارات السنوي العاشر لأمراض السكري والغدد الصماء، إلى أن المؤتمر ركز على قضية وإشكالية صحية عالمية يعانيها العديد من المرضى حول العالم، حيث تشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى ارتفاع أعداد المصابين بداء السكري إلى ما يربو على 642 مليون مصاب بحلول عام 2040 وتوقعاتها بأن داء السكري سيكون هو المسبب السابع للوفاة في العالم بحلول عام 2030.

60 في المئة من المرضى المصريين لا يخضعون لأي علاج

بحسب مكتب شرق المتوسط في منظمة الصحة العالمية (إمرو)، مصر بين الدول الخمس في الإقليم، ذات المعدلات الأعلى في انتشار السكري وأكبر عدد من البالغين المصابين به.

وبلغة الأرقام، نحو 17 في المئة من البالغين المصريين لديهم مستويات مرتفعة من الغلوكوز في الدم قبل تناول الطعام، وما يزيد على عشرة في المئة، لديهم خلل في مستوى غلوكوز الدم، وهو ما يسمى “مقدمات داء السكري”، وهو ما يعد عاملًا شديد الخطورة إن لم يعالج بشكل سليم.

ويشار إلى أن 37.6 في المئة فقط من المرضى يعالجون بأدوية السكري، وهذا يعني أن ما يزيد على 60 في المئة من المرضى لا يخضعون للعلاج، على الرغم من أن التدخل الطبي في الوقت المناسب يقي المريض وأسرته ومجتمعه تلالًا من المشكلات الاقتصادية والاجتماعية.

“مئة مليون صحة”

مبادرة “مئة مليون صحة” في عام 2018 أحدثت تطورًا إيجابيًا في مواجهة مسيرة “القاتل الصامت” في مصر. المتحدث باسم وزارة الصحة والسكان خالد مجاهد يقول، إن المبادرة تمكنت حتى شهر أكتوبر الماضي من تقديم العلاج المجاني لنحو 1.385 مليون مواطن، بينهم نحو 419 ألف مريض بداء السكري. يشار إلى أن جانبًا من المبادرة يهدف إلى فحص المصريين فوق سن 40 عامًا للكشف عن الأمراض المزمنة (نحو 28 مليون مصري) وعلاجها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى