منوعات

تجربة إكلينيكية: للألم المزمن جذور بيوكيميائية.. لكنه ظاهرة نفسية ويحتاج علاجه إلى النظر في طريقة تفكيرنا في الألم وشعورنا حياله

كشفت تجربة إكلينيكية حديثة، نُشرت مؤخرا عبر دورية (جورنال أوف ذي أميريكان ميديكال أسوسييشن: سيكاتري Journal of the American Medical Association: Psychiatry ) عن مدى قوة العلاجات التي تستهدف شعورنا حيال الإحساس بالألم، في هذه الدراسة (التي قادها يوني آشر، بالاشتراك مع تور واجر، العالِم الذي اكتشف البصمة العصبية المميزة للألم في المخ) قُسم المرضى الذين يعانون ألمًا مزمنًا في أسفل الظهر إلى ثلاث مجموعات، تلقت المجموعة الأولى الرعاية الصحية المعتادة، التي تشمل في الغالب تعاطي أدوية تسكين الألم، وتلقِّي العلاج الطبيعي، أما أفراد المجموعة الثانية فأخبرهم الباحثان أنهم يتلقون علاجًا وهميًّا (والعلاج الوهمي يمكن أن يكون فعالًا إلى حدٍّ ما لألم الظهر)، في حين خضع أفراد المجموعة الثالثة لما يُعرف بإعادة المعالجة الذهنية للألم، وهي طريقة علاجية يتعلم الأشخاص من خلالها أن المخ يستطيع أن يخلق الألم المزمن، حتى في ظل غياب أي إصابةٍ مؤثرة، وأن إعادة تعريف التهديد الذي يمثله الألم تعني ببساطة أن تقلل الألم أو تستأصل شأفته، يستهدف ذلك المنهج العلاجي تجريد الألم المزمن من أكثر أسلحته مَضاءً، ألا وهو الخوف، كانت نتائج الدراسة لافتةً إلى حدٍّ كبير؛ فإن 52% من أولئك الأشخاص الذين أُخضِعوا لإعادة المعالجة الذهنية للألم مرتين أسبوعيًّا، لمدة شهر، استطاعوا التخلص من الألم تمامًا في غضون سنة، في حين بلغت هذه النسبة 27% بين مَن تلقوا العلاج الوهمي، و16% في حالة تلقِّي الرعاية الصحية المعتادة، كذلك شعر المرضى بقدرٍ من التحسُّن، فيما يتعلق بالعجز، والغضب، والنوم، والاكتئاب.

إن تَقَبُّل تعقيد الألم، وبخاصة الألم المزمن، يمكن أن يفتح الباب أمام طرق جديدة ومبتكرة تجنِّبنا المعاناة حتى وإن تألمنا، تركز الطرق العلاجية -من قبيل طريقة إعادة المعالجة الذهنية للألم- على تقبُّل الألم على طبيعته التي أوضحها العلم، أي باعتباره بنيةً شعوريةً ترتبط بالصدمات بقدر كونه إحساسًا بدنيًّا، إن هذا القبول التام لطبيعة الألم لا يجعلنا نستهين به على الإطلاق، بل يشجعنا على بذل المزيد من الجهود؛ كي نضمن أن يتلقَّى كل شخص يتألم معاملةً قوامُها الرفق والاحترام، وأن تتاح له سبلٌ علاجيةٌ أكثر من الأدوية والعمليات الجراحية، في أثناء رحلته نحو الشفاء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى