(هنري دونانت).. ساهم في إنقاذ أرواح الآلاف من الجنود حول العالم وكان السبب في تأسيس منظمة الصليب الأحمر
قلائل هم مَن نجحوا في تغيير العالم وتركوا بصمة لا تُمحى في تاريخ البشرية، منهم من كان التغيير هدف حياته ومسعاه الأسمى، ومنهم من حالفه الحظ. لكن أشخاصا يعدون على أصابع اليد هم من استطاعوا أن يصنعوا تأثيرا ملموسا في حياة كل شعوب العالم ومن هؤلاء الأشخاص السويسري (هنري دونانت Henry Dunant), ولد في 8 مايو 1828م في جنيف وتوفي في 30 أكتوبر 1910م أول فائز بجائزة نوبل للسلام في العالم، أول من حصل على جائزة نوبل للسلام مناصفة مع الفرنسي فريدريك باس عام 1901، وهو رجل أعمال وناشط اجتماعي، وخلال إحدى رحلات عمله مر عبر سولفيرينو بإيطاليا عام 1859، أثناء حرب الاستقلال الإيطالية الثانية، ليصيبه الفزع مما شهده من معاناة ومآسٍ بسبب الحرب.
وفي العام 1862، نشر كتابًا باسم “ذكرى سولفرينو”، واصفًا فيه الجهود المبذولة للعناية بالمصابين أثناء المعارك، كما اقترح خطة جديدة. اقترح على دول العالم تشكيل مجتمعات إغاثة خاصة بها لرعاية الجرحى وتدريب المتطوعين على أفضل الطرق لعلاجهم. كما أراد من الحكومات أن تضمن علاج الجنود الجرحى، وتوفر عبورًا آمنًا للأطباء والمتطوعين الذين يعالجونهم.
سافر دونانت لجميع أنحاء أوروبا لترويج خطته، وفي أغسطس من العام 1864، وقّعت 12 دولة على اتفاقية جنيف الأولى، والتي نصّت على “ضمان الحيادية للعاملين بالمجال الصحي، ولتسريع وصول الإمدادات الطبية لهم، وليحملوا شعارًا مميزًا خاصًا بهم، وهو صليب أحمر على خلفية بيضاء”.
لقد ساهم دونانت في تحقيق اتفاقية جنيف الأولى، والتي ساهمت في إنقاذ أرواح الآلاف من الجنود حول العالم، كما أنه كان السبب في تأسيس منظمة الصليب الأحمر.
الجزائر
زار دونان الجزائر وتونس وصقلية عام 1853، في مهمة مع شركة مخصصة لـ «مستعمرات سطيف» (شركة جنيف لمستعمرات سطيف)، ورغم خبرته القليلة، أنهى المهمة بنجاح. وكتب أول كتاب له، مُلهمًا بهذه الرحلة، بعنوان «مذكرة عن إيالة تونس» (Notice sur la Régence de Tunis)، الذي نشر عام 1858.
في عام 1856، أنشأ شركة للعمل في مستعمرات أجنبية، وشركة أخرى، بعد أن منحته الجزائر التي تحتلها فرنسا امتياز الأراضي، عملت في زراعة الذرة والتجارة سُميت الشركة المالية والصناعية لمطاحن مونس-جميلة. ولكن، لم تُحدد حقوق الأرض والمياه بوضوح، ولم تكن السلطات الاستعمارية متعاونة بشكل خاص. ونتيجة لهذا، قرر دونان مناشدة الإمبراطور الفرنسي نابولون الثالث مباشرةً، الذي كان مع جيشه في لومبارديا في ذلك الوقت. وكانت فرنسا تقاتل إلى جانب بيدمونتي-سردينيا ضد النمسا التي احتلت معظم إيطاليا المعاصرة. كان مقر نابليون يقع في مدينة سولفرينو الصغيرة. كتب دونان كتاب إطراء مملوء بالثناء على نابليون الثالث بقصد تقديمه للإمبراطور، ثم سافر إلى سولفرينو للالتقاء به شخصيًا.