الحجامة.. بين العلم والوهم
الحجامة (Cupping – Hijama) هي أحد طرق الطب التقليدي القديم، وارتبط اسمها بالطب النبوي، حيث يوجد حديث شريف يحث على التداوي بها، مع إن العرب من قبل ظهور الإسلام كان يتداوون بها، وذلك نقلا عن وتأثرا بالأمم المحيطة بهم، فهي واحدة من أسس الطب الصيني القديم مع الإبر الصينية، وأيضا في كثير من بلاد شرق آسيا كان يتم استخدامها ومازالت تستخدم حتى الآن، بل إن الآشوريين في العراق القديم قد استخدموا الحجامة منذ 3300 ق.م، كما تدل نقوش المقابر المصرية على أن المصريين القدماء قد استخدموها أيضا لعلاج بعض الأمراض منذ 2200 ق.م، كما استخدمها أيضا الأطباء الإغريق ووصفوا طرق استخداماتها.
كثير من الأطباء المسلمين المشهورين القدامي مثل الرازي وابن سينا، تكلموا عن الحجامة وشرحوا طرق استخدامها وبينوا فوائدها وطرق تطبيقها.
ومع هذا فإن الحجامة حاليا تتعرض للنقد الشديد، ويعتبرها البعض من طرق الدجل والشعوذة، وغالبا يرجع هذا إلى سوء استخدام الممارسين الحاليين لها، وهم غالبا ما يكونون من غير الأطباء أو من أعضاء الهيئة الطبية، ويمارسون عملهم دون أساس علمي أو طبي، ويستخدمونها في أغراض غير مناسبة لها ولعلاج أمراض أو حالات لا تفيد فيها الحجامة.
هذا غير النظرة السلبية التي يوليها الإعلام للحجامة، وعدم وجود أسس طبية وقواعد علمية وأبحاث منهجية منشرة ومعروفة تبنى عليها ممارسات الحجامة في مصر وفي كثير من بلاد العالم في العصر الحديث، إلا في بعض البلاد التي بدات في تأصيل استخدام الحجامة ووضعها تحت منظور البحث العلمي والممارسة الطبية المعتمدة والمقننة.
ما هي الحجامة؟
الحجامة عبارة عن أكواب زجاجية أو سيليكون ساخنة يتم وضعها على الجلد لسحب الألم وزيادة تدفق الدم إلى أنحاء الجسم، وهي نوعان: الحجامة الرطبة (Wet Cupping) والحجامة الجافة (Dry Cupping).
في الحجامة الرطبة، يقوم المعالج بتشريط الجلد بمشرط رفيع، ليسمح بخروج الدم من الجلد، ثم يضع الأكواب الساخنة على أمكان الجروح، أما الحجامة الجافة فتتم دون تشريط الجاد وخروج الدم.
طرق العلاج باستخدام الحجامة:
يتم وضع الحجامة على أماكن الألم مثل الظهر والكتفين والرقبة، ثم تترك الأكواب على الجلد بدون تحريكها لعدة دقائق ويتم رفعها من على الجلد، ويتم استخدام نوع من المضادات الحيوية بعدها منعا لانتقال العدوى والإصابة بالالتهابات.
فوائد الحجامة:
نشر موقع “Web MED” تقريرا عن فوائد الحجامة وفقا لجمعية الحجامة البريطانية منها:
- تساعد الحجامة على تنشيط الدورة الدموية في مناطق الألم.
- سحب الشوائب والسموم التي توجد بالدم إلى سطح الجلد.
- الحجامة تساعد على استرخاء الأنسجة وتحسين الخلايا.
- تخفيف الألم واسترخاء العضلات.
- علاج مشكلات الجلد مثل حب الشباب والأكزيما.
- علاج اضطرابات الدم ومنها فقر الدم.
- المساعدة على علاج ضغط الدم المرتفع.
- علاج الصداع النصفي.
- علاج آلام اٌصابة بفيروس هيربس زوستر (Post-herpetic Pain)
- الحجامة تساعد على التخلص من القلق والاكتئاب.
- المساعدة على علاج احتقان الشعب الهوائية الناتج عن الربو والحساسية
- العمل على توسيع الأوردة والشرايين.
- التخفيف من ألم الظهر.
- علاج أمراض النساء والخصوبة.
- التخلص من الآلام الناتجة عن الأمراض الروماتيزمية، ومنها التهاب المفاصل وآلام العضلات الليفية، وبعض أمراض الجهاز العضلي مثل الفيبروميالجيا.
أضرار الحجامة:
– الإصابة ببعض الحروق البسيطة الناتجة عن الحجامة.
– قد تتسبب الحجامة في وجود بعض الكدمات المؤقتة على الجسم والتي تقل بعد حوالي 10 أيام.
– حدوث التهابات الجلد الناتج عن استخدام الحجامة.
– إصابة الجلد بالعدوى البكتيرية.
– إصابات مختلفة نتيجة عدم مهارة و/أو خيرة المعالج.
يستخدم كثير من الأطباء الرياضيين ومتخصص العلاج الطبيعي الحجامة مع كثير من الرياضيين لتخفيف آلام وتقلصات العضلات عندهم، وخاصة ممن يمارسون رياضات ثقيلة وعنيفة، مثل الملاكمة والمصارعة والسباحة وكمال الأجسام، وحتى في كرة القدم العادية وكرة القدم الأمريكية.
حالياً، تهتم كثير من المحافل الطبية في بلاد كثيرة بالحجامة، مثل بريطانيا والولايات المتحدة وكندا وفرنسا وألمانيا واستراليا وتركيا والمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية، إلى جانب بلاد شرق آسيا والتي تمارس الحجامة منذ القدم، مثل الصين وماليزيا، وبدأت كثير منها في عمل أبحاث طبية تعتمد على ما يسمى “Evidence-base Medicine” أي الطبي المبني على الدليل، وقام كثير منها في نشر نتائج أبحاثها في مجلات طبية محلية وعالمية محترمة.
أنا شخصياً رغم أنني لم أمارس الحجامة بنفسي كممارس، إلا أنني رأيت بعضا من نتائجها الجيدة والمفيدة في حالات معينة، مثل الصداع المزمن والصداع النصفي وآلام ما بعد الهيربس والتهاب الجيوب الأنفية المزمن وآلام العضلات الحاد وبعض الآمراض الروماتيزمية مثل الروماتويد والفيبروميالجيا.
لمن يريد أن يعرف أكثر عن الحجامة من وجهة النظر الدينية والعلمية والطبية، أنصحه بالدخول على صفحة “Hijama Study”، ففيها موضوعات يكتبها أساتذة أطباء أفاضل ورجال دين محترمون حول هذا الموضوع، وفيها ندوات ومؤتمرات طبية أقيمت حول استخدامات الحجامة الطبية والطرق الصحيحة لممارستها من منظور علمي وطبي صحيحين.
ملحوظة مهمة جدا: لا ينصح أبدا بممارسة الحجامة في المنزل وعلى أيدي غير متخصصين، فالموضوع له قواعد علمية وطبية يجب مراعاتها بدقة وحذر، ولا يفهمها ويقوم بها إلا المتخصصين المهرة ذوي العلم والخبرة.
د. هاني سليمان
ستشاري الأمراض الجلدية والتناسلية مدير التسويق لشركة فايزر الشرق الأوسط سابقا
مدير معهد التدريب القومي بوزارة الصحة سابقا