الحل السحري لإنقاص 300 سعرة حرارية كل يوم بدون أى جهد
تعتبر عملية تمديد وقت النوم بشكل أكبر من الحلول السحرية التى ينصح بها الخبراء من أجل انقاص الوزن الزائد. تلك هي خلاصة تجربة عشوائية طُلب فيها من شباب يعانون من الوزن الزائد، وينامون أقل من ست ساعات ونصف الساعة يوميًا، محاولة النوم لثماني ساعات ونصف الساعة في الليلة، لمدة أسبوعين.
وبعد انتهاء تلك الفترة، تراجع تناول كمية الطعام بمعدل 270 سعرة حرارية يوميًا لدى العديد من هؤلاء الشباب الذين مدّدوا وقت نومهم بطريقة تُقارب وقت النوم الصحي، بحسب نتائج الدراسة التي نُشرت الاثنين في مجلة “JAMA Internal Medicine“. وأظهرت نتائج تلك الدراسة أنّ بعض المشاركين خفضوا استهلاك السعرات الحرارية إلى 500 سعرة يوميًا.
وقالت مؤلفة الدراسة الدكتورة إسرا تاسالي، أستاذة مساعدة في الطب ومديرة مركز أبحاث النوم في جامعة شيكاغو الأمريكية إنّ “ما توصّلنا إليه أشبه بتغيير قواعد اللعبة لعملية فقدان الوزن أو الحفاظ عليه”.
وأجرى الباحثون إسقاطات مستقبلية للنتائج التي توصّلوا إليها، فوجدوا أنّ تناول 270 سعرة حرارية أقل يوميًا من شأنه إنقاص الوزن 11,8 كيلوغرامًا خلال 3 سنوات، وذلك من دون القيام.
وأشارت تاسالي إلى أنّ “تعديل بسيط من خلال زيادة وقت النوم، أو المحافظة على مدته بحيث لا يعاني الفرد من نقص في النوم، قد يكون له تأثير كبير على الوزن الصحي”.
وإحدى نقاط قوة الدراسة أنها تمّت في إطار العالم الواقعي، وليس داخل مختبر للنوم، وأجريت اختبارات بول موضوعي لقياس السعرات الحرارية، بدلاً من الاعتماد على ذاكرة المشاركين في تحديد ما تناولوه من طعام.
وقال الدكتور بهانوبراكاش كولّا، الطبيب النفسي واختصاصي الأعصاب في مركز طب النوم وقسم طب الإدمان التابع لمايو كلينيك في مدينة روتشستر، في ولاية مينيسوتا الأمريكية، غير المشارك بالدراسة، إنّ “هذه دراسة جيدة جدًا وتجيب على سؤال مهم”، مضيفًا: “لقد أظهروا بوضوح أنّه كلما زاد مقدار وقت النوم، قلّ استهلاك السعرات الحرارية، الأمر الذي يؤدي إلى تقليل الوزن”، لافتًا إلى أنّه ” لو تمّ تمديد هذه الدراسة، من المحتمل اكتشاف تغييرات أكثر أهمية على الوزن”.
النوم والجوع معًا
كيف يساعدك النوم لفترة أطول على إنقاص الوزن؟ وأحد الأسباب مردّه إلى أثر قلّة النوم على هرمونين رئيسين يتحكّمان بالجوع والشبع هما، الغريلين واللبتين. ويعمل الغريلين على تحفيز الجوع، وقد ثبُت أنّ إفرازه يزداد مع نقص النوم. أما اللبتين فيخبرنا عن شعورنا بالشبع.
وأكدت كولّا: “تبيّن أنّ هرمون اللبتين يتناقص مع قلّة النوم. لذلك عندما نعاني من نقص في النوم، يُفرز هذا الهرمون بكمية أقل، وبالتالي يؤثّر بنحو أقل على شهيتنا”.
من جانبها فى نفس السياق, لفتت كريستين كنوتسون، الأستاذة المساعدة في النوم والطب الوقائي بكلية الطب في جامعة نورث وسترن الأمريكية، غير المشاركة في الدراسة، إلى أنّ الجوع والرغبة بتناول الكاربوهيدرات لا يُصيب الأشخاص الذين يعانون من الوزن الزائد فقط، بل أن كل من لا ينام على نحو صحي يزيد وزنه.
وأضافت كنوتسون أنّ “الدراسات لاحظت ازديادًا بالشهية جرّاء نقص النوم لدى الأشخاص الذين لا يعانون من زيادة في الوزن. والحصول على قسط كافٍ من النوم له فوائد صحية على الجميع، مهما كان وزن الجسم”. وقلة النوم تؤثر أيضًا على خياراتنا الغذائية التي نجدها في مراكز المكافأة في الدماغ، وهي النقطة التي تمنحنا مشاعر ممتعة نرغب بتكرارها.
وعلّقت تاسالي على الأمر بأنّ “مراكز المكافأة في الدماغ هذه تصبح أكثر نشاطًا عندما تعاني من نقص النوم، الأمر الذي يزيد من الرغبة بتناول الكربوهيدرات، أو الوجبات السريعة، أو تناول كميات أكبر من الطعام عمومًا”.
كما تتواجد مشكلة مقاومة الإنسولين، التي تتفاقم مع نقص النوم، وتؤدي إلى زيادة الوزن. وقالت تاسالي إنّ “العديد من الدراسات المختبرية أظهرت أنه إذا كنت ستجري اختبار تحمل الجلوكوز صباحًا لشخص يعاني من قلة النوم مقارنة مع شخص آخر نام جيدًا، فستلمس حالة مقاومة الإنسولين لديه ما قبل الإصابة بالسكري في الصباح”.
تدخّل سهل
ولكن، ما مدى الصعوبة التي واجهها المشاركون أثناء تمديد وقت النوم في جدول حياتهم؟ وقالت تاسالي إن الأمر لم يكن صعبًا على الإطلاق. وخضع كل شخص لجلسة استشارية لمدة ساعة حول أسلوب نومه.
وأشارت إلى أنّ الجلسة “كانت شخصية للغاية، ركزت على محاولة مراجعة أنماط حياة كل منهم، وقيود العمل، وأفراد الأسرة، وحيواناتهم الأليفة، وأطفالهم، وروتين وقت النوم”. وتابعت: “ثم تحدّثنا عن كيفية تحسين عادات نومهم، مثل وضع الإلكترونيات بعيدًا عن مكان النوم”.
ويوصي خبراء النوم دومًا بعدم الاقتراب من الأجهزة التي ينبعث منها ضوء أزرق مثل الهواتف الذكية، وأجهزة الكمبيوتر المحمولة، والتلفزيون، وغيرها قبل 45 دقيقة من وقت النوم. لأنّ الضوء الأزرق يوقف إفراز الميلاتونين، الهرمون الذي يفرزه الجسم وقت النوم.
درجة حرارة الغرفة
وثمة نصائح أخرى ترتبط بوقت النوم، كأن تتراوح حرارة الغرفة بين 15 و20 درجة مئوية، وعدم تناول الطعام الحار والكحول، فضلًا عن اتباع طقوس مهدئة قد تشمل الاستحمام بمياه دافئة، أو قراءة كتاب، أو الاستماع إلى الموسيقى الهادئة، أو التنفس العميق، أو ممارسة اليوغا، أو التأمل، أو تمارين التمدّد الخفيفة.
وأشارت تاسالي إلى أنّها لاحظت تغيّرًا بعد أسبوع واحد فقط من برنامج تحسين النوم الذي امتدّ على أسبوعين.
وأوضحت مؤلفة الدراسة إلى أنّ بعضهم قال لها: “اعتقدت أنّني سأكون أقل إنتاجية، إذا أمضيت وقتًا أطول في السرير، فكيف سأنجز كل هذا العمل المتوجّب علي؟ وبانتهاء الأسبوعين استمروا بإعلامي أنهم باتوا أكثر إنتاجية، لأنهم كانوا أكثر نشاطًا، وأكثر يقظة”. ورأى كولّا أنّ إحدى نقاط ضعف الدراسة أنها لم تشمل أشخاصًا يعانون من الأرق أو غيره من اضطرابات النوم الرئيسة التي لها أبعد الأثر على ملايين الأشخاص، مؤكدًا أنّ الأشخاص الذين يحاولون إنقاص الوزن يجب أن ينتبهوا “إلى مقدار النوم الذي يحصلون عليه. فتجنّب نقص النوم الطوعي سيلعب دورًا مهمًا”.