منوعات

بينما يتسابق العلماء لفهم ما هيته.. هل يمكن لفحوصات الأجسام المضادة السريعة الكشف عن أوميكرون؟

بينما يتسابق العلماء لفهم ماهيه متحور أوميكرون، وكيف يمكن للطفرات في جينومه أن تساهم في قابليته للانتقال وإصابة المرضى، فرضت بعض الأسئلة نفسها بشأن الفحوصات التي أصبحت تلعب دورًا حاسمًا في كشف العدوى. تكتشف فحوصات الأجسام المضادة السريعة، التي تسمى أيضًا بفحوصات التدفق الجانبي، البروتينات الفيروسية من فيروس كورونا في المخاط من أنف الشخص أو حلقه. هذه الفحوصات السريعة وسهلة التنفيذ استخدمت على نطاق واسع، ليس فقط لمراقبة معدلات الإصابة على مستوى السكان، ولكن لمساعدة الأشخاص على اتخاذ قرارات بشأن ما إذا كانوا يريدون استخدام وسائل النقل العام، أو الذهاب إلى العمل، أو الاجتماع مع الأصدقاء والعائلة، أو إرسال طفل إلى المدرسة. وتقديرًا لقيمتها، التزمت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن بشحن ما يصل إلى مليار عينة منزلية مجانية منها للأسر في جميع أنحاء البلاد، وأعلنت أن شركات التأمين الخاصة ستكون مطالبة بتعويض الأشخاص عن قيمة الفحوصات.

ومع ذلك، فقد دفعت التقارير في القليلة الماضية, إلى نقاش بين العلماء وخبراء الصحة العامة حول ما إذا كانت الأشكال المتاحة حاليًا من هذه الفحوصات بنفس الفاعلية في التقاط إصابات أوميكرون كما كانت في كشف المتحورات السابقة، وبالتالي ما إذا كان ينبغي تعديل كيفية استخدامها أو تفسيرها.

ذكرت دراسة صغيرة أجراها باحثون في الولايات المتحدة هذا الشهر، على سبيل المثال، أن اثنين من فحوصات المستضدات السريعة المستخدمة على نطاق واسع “أبوت بيناكس ناو” (Abbott BinaxNOW) و”كويدل كويكفو” (Quidel QuickVue) بدت متأخرة لعدة أيام في اكتشاف حالات أوميكرون، مع استمرار ظهور نتائج العديد من فحوصات أشخاص مصابين سلبية، رغم تلقيهم نتائج إيجابية من فحوصات تفاعل البوليميراز المتسلسل (PCR) لعينات اللعاب، وهي الفحوصات الأكثر دقة ولكن الأبطأ، ونقَل بعض المشاركين الفيروس عن غير قصد إلى أشخاص آخرين بعد تلقيهم النتائج السلبية في فحوصات المستضدات السريعة. في ورقتهم البحثية التي نُشرت كدراسة أولية على موقع medRxiv في الخامس من كانون الثاني، والتي غُطيت على نطاق واسع في وسائل الإعلام، تكهن مؤلفو الدراسة بأن الفحوصات السريعة من المحتمل أن تكون أقل فعالية عند إجراء المسوح في أماكن العمل لأوميكرون مما كانت عليه بالنسبة للمتحورات الأخرى.

قارنت دراسة سابقة، نشرها باحثون في سويسرا كدراسة أولية، أداء سبعة فحوصات مستضدات أولية لكوفيد-19 على الفيروس المستزرع، بدلًا من العينات المقدمة من أشخاص. خلص مؤلفو تلك الورقة إلى أن التشخيص قد يكون بطبيعته أقل حساسية لأوميكرون. قامت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) لاحقًا بتضمين الفكرة في أحد تحديثات أوميكرون الخاصة بها، مشيرة في أواخر كانون الأول إلى أن «البيانات المبكرة تشير إلى أن فحوصات المستضد تكتشف متحور أوميكرون، ولكنها ربما تكون أقل دقة».

مجموعات أخرى توصلت إلى استنتاجات مختلفة قليلًا. قررت إحدى الفرق التي نشرت النتائج كدراسة أولية على medRxiv أنه في حين أن الفحوصات السريعة التي عاينوها كانت أقل دقة من فحوصات تفاعل البوليميراز المتسلسل (PCR) في الكشف عن أوميكرون، فقد نجحت في كشف إصابة 95% من الأشخاص الذين لديهم مستويات عالية من الفيروس، وأكثر من ذلك عند أخذ الأشخاص الذين يعانون من الأعراض فقط في الحسبان.

تتوافق النتائج، المتعلقة تحديدًا بـ«أبوت بيناكس ناو» (Abbott BinaxNOW)، مع ما تم توثيقه عن فحوصات المتحورات الأخرى، وتشير إلى أنه «لا يبدو أن هناك أي عجز في الأداء مع أوميكرون»، كما أخبر المؤلف المشارك في الدراسة جوزيف ديريزي من جامعة كاليفورنيا، وسان فرانسيسكو، وتشان زوكربيرج بيوهب، صحيفة نيويورك تايمز.

أعلنت العديد من المنظمات الوطنية الآن عن خططها الخاصة للتحقيق، على سبيل المثال، قال وزير الصحة الألماني الطبيب كارل لوترباخ لقناة البث المحلية ARD إن إحدى الوكالات الصحية الحكومية تجري تقييمًا لأداء الفحوصات المختلفة، وستوصي بتلك التي تكشف إصابات أوميكرون بدقة أكبر. وقال، وفقًا لرويترز، «لا نعرف بالضبط مدى نجاح هذه الفحوصات مع أوميكرون»، مشددًا على أن فحص كوفيد-19 لا يزال مهمًا.

وكالة الأمن الصحي في المملكة المتحدة، التي خلصت مبدئيًا إلى أن أجهزة التدفق الجانبي المستخدمة حاليًا من قبل الخدمة الصحية الوطنية تظهر دقة مماثلة لأوميكرون مقارنة بالمتحورات الأخرى، تُواصل أيضًا مراقبة أدائها.

في الوقت الحالي، من غير الواضح ما إذا كانت فحوصات المستضدات السريعة أقل فعالية حقًا في كشف حالات أوميكرون، أو ما الذي قد يتسبب في مثل هذا الاختلاف، كما يقول الباحثون الذين تحدثوا مع «ذا ساينتيست» (The Scientist). ولكن رغم أهمية الدراسة من منظور فهم أوميكرون بشكل أفضل، فمن المحتمل أن تكون أي اختلافات في الدقة صغيرة ولا تمثل سببًا لمخاوف الصحة العامة، بشرط أن يستمر الأشخاص في استخدام أجهزة الفحص بشكل معقول، كما يقول آل إدواردز، الذي يبحث ويطور الفحوصات السريرية والميكروبيولوجية في كلية الصيدلة بجامعة ريدنج.

يقول إدواردز: «إذا كنت تستخدمها مع العلم أنها ليست مثالية»، مثل أي فحص تشخيصي، «وبالتالي إذا كانت أقل إحكامًا أو أكثر إحكامًا، فهذه ليست مشكلة كبيرة».

لماذا قد يكون أداء الفحوصات أقل دقة لأوميكرون؟

رغم الطبيعة الأولية للبيانات، فقد قدم العلماء وخبراء الصحة العامة عددًا من الفرضيات لشرح السبب في أن بعض الفحوصات السريعة قد تبدو أقل جودة مع هذا المتحور.

أحد الاحتمالات التي أبرزتها إدارة الغذاء والدواء، هو أن الأجهزة أقل حساسية لهذا الشكل المحدد من كوفيد-19. يمكن أن يحدث هذا إذا كانت الأجسام المضادة الموجودة في الفحص السريع أسوأ في الارتباط بمولد ضد فيروسي معين في العينة، ربما بسبب تغيير في بنية هذا المستضد. أفادت شركة «أفاكا» (Avacta) في المملكة المتحدة مؤخرًا إلى أن هذه الحساسية المنخفضة هي السبب في إيقافها مؤقتًا لمبيعات فحص المستضد السريع الخاص بها، بعد أن أظهرت الفحوصات المعملية الداخلية أن الجهاز حدد حالات أوميكرون أقل من حالات العدوى بمتحورات أخرى في العينات السريرية التي كانت مستويات الفيروس فيها منخفضة، كما ذكرت رويترز هذا الأسبوع.

يقول إدواردز إنه رغم أن بعض الفحوصات قد تكون أقل حساسية لمتحورات معينة لهذا السبب، فمن غير المرجح أن تكون مشكلة عامة. يقول: «من المحتمل أن يتوقف منتج واحد عن العمل مع متحور واحد. لكن معظم المنتجات ستستخدم أجسامًا مضادة مختلفة لاكتشاف الفيروس، لذلك لن تتوقع أبدًا فشل جميع فحوصات التدفق الجانبي في نفس الوقت». لاحظ بعض الباحثين، وكذلك شركة صناعة الفحوصات أبوت، أنه بينما يحتوي أوميكرون على طفرات جينية مقارنة بأسلافه، فإن العديد من هذه الطفرات موجودة في ما يعرف باسم بروتين سبايك، وليس في بروتين القفيصة النووية (Nucleocapsid N) المستهدف في العديد من فحوصات المستضدات السريعة.

السبب المنفصل الذي يجعل الفحوصات تبدو أقل دقة لأوميكرون من المتحورات الأخرى هو أن كمية الفيروس التي تدخل في العينة أقل من المعتاد. في هذه الحالة، عدد عينات الأشخاص المصابين بأوميكرون، التي تحتوي على مستضد فيروسي كافٍ للوصول إلى حد اكتشاف جهاز الفحص للإصابة، يكون أقل.

يمكن أن يحدث هذا، على سبيل المثال، إذا كان أوميكرون يتكاثر في أجزاء مختلفة من الجسم من المتحورات السابقة، وبالتالي «ربما لا يأخذ الناس عينات في المكان المناسب ليكونوا قادرين على اكتشاف الفيروس»، كما تقول عالم المناعة جيجي كويك جرونفال، كبيرة الباحثين في مركز جونز هوبكنز للأمن الصحي وأستاذة مشاركة في كلية جونز هوبكنز بلومبرج للصحة العامة. وفقًا لهذه الفرضية، قد يكون شخص ما «قادرًا على الحصول على المزيد من الفيروسات من اللعاب أو مسحة الحلق» أكثر من مسحة الأنف.

دعمت دراستان هذه الفكرة. فسر بعض الباحثين الدراسة الأمريكية التي أجريت هذا الشهر، والتي قارنت فحوصات المستضدات السريعة وفحوصات اللعاب (PCR)، على أنها تشير إلى أن مسحة الحلق تلتقط المزيد من الحالات، على سبيل المثال. ووجدت دراسة أولية أخرى من باحثين في جنوب إفريقيا أن فحوصات تفاعل البوليميراز المتسلسل (PCR) كانت أفضل في اكتشاف الحالات الإيجابية في مسحات الحلق مقارنة بمسحات الأنف. لكن إدواردز يحذر من أن هذه الأنواع من المقارنات صعبة التنفيذ، وأنه ينتظر المزيد من البيانات قبل أن يستخلص استنتاجات حول ما إذا كان موقع المسح من المحتمل أن يساهم في اختلافات جوهرية في أداء الفحوصات لأوميكرون.

هناك احتمال آخر يتعلق بقدرة أوميكرون الواضحة على التكاثر بشكل أسرع، على الأقل في أنسجة معينة، من المتحورات السابقة، كما تلاحظ جرونفال، مما يعني أن النتيجة السلبية مفيدة لوقت أقل. بعبارة أخرى، «ينتقل الأشخاص من كونهم تحت الحد المطلوب للعدوى إلى كون نتيجة فحصهم إيجابية بسرعة أكبر بكثير من تحور دلتا». قد يفسر هذا بعض الدراسات التي تشير إلى «أن الناس كانوا ينقلون العدوى قبل أن تكون نتائج فحوصاتهم إيجابية».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى