منوعات

العوامل الوراثية وتأخر سن الإنجاب.. المشكلة والحل

تشكل الأمراض الوراثية عبئًا ثقيلًا على كل المجتمعات، وخاصةً في منطقة الشرق الأوسط والبلاد العربية، وتتسبب بعض العوامل الاجتماعية في زيادة نسب حدوث هذه الأمراض؛ بسبب زواج الأقارب واستمرار الإنجاب إلى سن متأخرة.

عام 2016, توصلت دراسة علمية إلى أن العوامل الوراثية تلعب دوراً هاماً في تحديد سن إنجاب أول مولود وفي عدد المواليد الذين يمكن أن يرزق بها الأزواج. وحددت دراسة علمية نشرت مؤخراً في دورية “نيتشر جينتيكس” 12 موقعاً في المورث الجيني “DNA” تتدخل بشكل مباشر وغير مباشر في عوامل الإنجاب.

وتعد هذه الدراسة الأولى من نوعها التي تثبت أن للعوامل الوراثية دوراً في السلوك الإنجاب لدى الإنسان الذي كان العلماء يظنون أنه لا يرتبط سوى بعوامل اجتماعية وبيئية.

يقول الدكتور حمدي مبارك المشارك في تأليف هذه الورقة العلمية وهو أيضاً باحث في قسم علم النفس البيولوجية في الجامعة الحرة في أمستردام الهولندية إنه “حتى الآن، كان يعتقد أن السلوك الإنجابي يرتبط أساسا بالخيارات الشخصية أو الظروف الاجتماعية والبيئية التي نواجهها. وبينت هذه الدراسة الجديدة أن العوامل الوراثية يمكن أن تلعب دورا في ذلك وأن هناك أساس بيولوجي للسلوك الإنجابي”.وشارك في إنجاز الدراسة التي تبين هذه النتائج فريق تعاون دولي متكون من أكثر من 250 عالما من علماء الاجتماع وعلماء الأحياء وعلماء الوراثة وأشرفت عليها جامعة اوكسفورد البريطانية بالتعاون مع جامعة غروننغن Universitiet de Groningen والجامعة الحرة بأمستردام الهولنديتين إضافة إلى جامعة اوسالا السويدية. وشملت تحليل 62 قاعدة معطيات تضمنت معلومات عن  238,064 رجلاً وامرأة بالنسبة لتحديد عمر إنجاب الطفل الأول وما يقارب 330 ألف رجل وامرأة بالنسبة لدراسة عدد الأطفال.

وقالت البروفيسور ميليندا ميلز، أستاذ علم الاجتماع في كلية نفيلد في جامعة أكسفورد، التي قادت الدراسة: “لأول مرة، تمكّنا من تحديد مناطق من الحمض النووي ترتبط بالسلوك الإنجابي. على سبيل المثال، وجدنا أن النساء اللاتي لديهن الاستعداد الجيني الوراثي لإنشاء العائلة في وقت متأخر، لديهن أيضا أجزاء من شفرة الحمض النووي المرتبطة بتأخر الحيض وتأخر انقطاع الطمث. في المستقبل قد يكون من الممكن استخدام هذه المعلومات حتى يتمكن الأطباء الإجابة على السؤال المهم: حتى أي سن يمكن أن نتوقع أن يكون لنا طفل؟” كما أورد موقع الجامعة الحرة بأمستردام. و من ناحيته يقول الباحث التونسي الدكتور حمدي مبارك “إن تحديد هذه الجينات التي تؤثر في السلوك الإنجابي لدينا فضلا عن الجينات التي تم تشخيصها حديثا والتي تزيد من فرصة الأمهات لإنجاب التوائم الأخوية، يساعدنا على فهم أفضل للبنية الوراثية والبيولوجية للخصوبة “.

لكن الجينات لا تفسر كل شيء إذ أن الباحثين في هذه الدراسة كشفوا أن الاختلاف الجيني الموجود في هذه المناطق الاثني عشر من الحمض النووي تسمح بالتنبؤ بأقل من 1% من الفروق الفردية فيما يتعلق بالسن الذي يمكن للرجال والنساء إنجاب طفلهما الأول وعدد الأطفال لديهم في حياتهم. لكن الدراسة كما يقول الباحث التونسي تشير إلى أنه حتى وإن بدت هذه الأرقام “ضعيفة للغاية”، فإن النمذجة تبين أنه في بعض الحالات يمكن استخدام الجمع بين كافة العوامل الوراثية التي تم التعرف عليها للتنبؤ باحتمال البقاء دون أطفال لدى النساء. وقد أدت الدراسة المفصلة لوظيفة الاثني عشر منطقة من الحمض النووي إلى تحديد 24 من الجينات التي ربما تكون مؤثرة في السلوك الإنجابي. وكانت دراسات سابقة قد أكدت سابقا أن بعض هذه الجينات له بالفعل تأثير على الخصوبة، في حين لم يتم بعد دراسة البعض الآخر.

نصائح عالمة مصرية

بعد رحلة بحثية في مجال الوراثة البشرية استمرت منذ تخرُّجها في كلية الطب في جامعة القاهرة عام 1957 وحصولها على الدكتوراة من جامعة “جونز هوبكنز” في مجال الأمراض الوراثية عام 1966 وحتى الآن، تنصح الدكتورة سامية التمتامي, رائدة علم الوراثة البشرية في مصر، ومؤسس ورئيس الجمعية القومية للوراثة البشرية، المقبلين على الزواج للحد من الأمراض الوراثية باللجوء إلى المراكز المتخصصة لإجراء دراسة مفصلة للتاريخ المرضي للعائلة، وإجراء التحاليل الطبية والوراثية، والحد من زواج الأقارب، خاصةً بين أبناء العم أو الخال؛ إذ تتضاعف احتمالات حدوث عيوب خلقية حتى إن لم يكن هناك تاريخ لأمراض وراثية في العائلة، وكذلك عدم الإنجاب في سن متأخرة سواء للأم أو الأب؛ إذ تزيد احتمالات إصابة الأطفال بأمراض اختلال عدد الكروموسومات كلما تأخرت سن الإنجاب.

بالإضافة إلى حرص الأم، خلال فترة الحمل، على تجنُّب التعرُّض لملوِّثات بيئية مثل الإشعاع أو الكيماويات أو المبيدات، أو تناول العقاقير الطبية دون استشارة الطبيب وخاصة مضادات الصرع، فضلًا عن تجنُّب الاختلاط بأطفال مصابين بالحصبة الألمانية.

تجنُّب الملوثات البيئية

كما تنصح التمتامي بتجنُّب الملوثات البيئية قائلة:

بالرغم من صعوبة ذلك، إلا أنه يمثل ضرورةً كبيرة؛ إذ إن التعرُّض للملوِّثات قد يسبب طفراتٍ وراثيةً على مستوى الكروموسومات من حيث عددها أو تركيبها أو على مستوى الجينات، ويظهر أثرها في الأجيال القادمة، كما قد يسبب الإصابة بمرض السرطان.

التفسير العلمي لارتباط زواج الأقارب بالأمراض الوراثية

وحول ارتباط زواج الأقارب بالأمراض الوراثية تقول التمتامي:

يمكن تفسيره بأن نسبة التطابق في الجينات بين أي شخصين تكون صفرًا إلا في حالة التوائم من بويضة واحدة، أي التوائم المتماثلة وتصل نسبة التطابق 100%، ومع انتقال الجينات من الأب والأم إلى الأبناء فإن نسبة التماثل في الجينات بين الأب أو الأم والأبناء تكون 50%، وتختلف نسبة التشابه في الجينات وفق درجة القرابة، فهي بين الأشقاء 50% أيضًا، وبين الفرد وجده وخاله وعمه 25%؛ وبين أبناء العم أو الخال 12.5%.

ولذلك لا فرق في خطورة زواج الأقارب بين أولاد العم وأولاد الخال. وهذا التشابه في الجينات يفسر احتمال تَشابُه الجينات المرضية، مما يسبب ظهور الأمراض الوراثية المتنحية في أبناء الأزواج الأقارب، فكل فرد طبيعي يحمل ضمن جيناته على الأقل من 5 إلى 6 جينات تسبب ظهور الأمراض الوراثية متنحية، وإذا اجتمعت تلك الجينات لدى الزوج والزوجة يظهر المرض في الأبناء، وتزيد احتمالات ظهورها في الزوجين في حالة الأقارب، وتزداد احتمالات ظهورها وفق درجة القرابة.

أفضل سن للإنجاب

وحول افضل سن للإنجاب تقول العالمة المصرية:

ما بين 25 إلى 35 عامًا، وهي سن مناسبة، ليس فقط من أجل ولادة أبناء أصحاء جسديًّا، وإنما لأنها سن مناسبة للحالة الصحية للأب والأب وقدرتهما على التربية والرعاية الصحيحة للأبناء.

المصادر: 123

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى