مضادات الأكسدة.. من أجل صحة وحيوية دائمة
نظراً للعمليات الحيوية التي تتم في الخلايا، تتكون بشكل طبيعي ما يسمى بـ “شوارد حرة free-radicals” التي وبالرغم من أن لها دوراً إيجابياً وأهمية كبرى للخلايا، إلا أنها تشارك في سلسلة من التفاعلات داخل الخلايا تنتهي بأكسدة -تدمير- مركبات هامة في الخلايا مثل الأحماض النووية والبروتينات والأغشية الخلوية، مؤدية في النهاية إلى تحطيم الخلايا، ومن ثم التسبب في بعض الأمراض من قبيل السرطان، أمراض القلب، الزهايمر وصولاً للعمي وفقدان البصر.
من أجل تثبيط الشوارد الحرة وتجنب أضرارها للخلايا، فقد منح الخالق سبحانه وتعالى الجسمَ القدرة علي تخليق مواد كيميائية تسمي “مضادات الأكسدة antioxidants ” بمقدار يتناسب مع كمية الشوارد الحرة في الخلايا، بحيث يحفظ سلامة الجسم، لكن إذا ما تعرض الشخص السليم لبعض الظروف البيئية المعاكسة -السيئة- مثل الإشعاع -الأشعة المتأينة ionizing radiation” أو بعض السموم الموجودة في البيئة مثل دخان السجائر أو بعض المعادن السامة، فإنها تعمل على تكوين شوارد حرة بكميات كبيرة تعجز الخلايا عن تثبيطها، عن طريق مضادات الأكسدة، لذا فإن تناول مضادات أكسدة إضافية سواء طبيعية أو صناعية يعتبر ضروريا لتجنب الأمراض والشيخوخة المبكرة.
تكثُر مضادات الأكسدة الطبيعية في الخضروات والفواكه، أولاً “بيتا كاروتين beta-carotene” والتي توجد بوفرة في الخضروات الورقية سواء الداكنة اللون، أو الصفراء أو البرتقالية أو الحمراء مثل الطماطم والجزر والسبانخ والبروكلي والبطاطا والقرع العسلي، ثانياً مثل “الليوتين leutene” والتي توجد في السبانخ والكرنب، وثالثاً فيتامين “أ” والموجود في البيض واللبن والكبد والجزر والشمام، رابعاً فيتامين “سي” الموجود بوفرة في الموالح عموماً والفراولة والفلفل الحلو والطماطم والبروكلي والبطاطس، خامساً فيتامين E والموجود في الزيوت النباتية والزيتون والفاصوليا والحبوب الكاملة وجنين القمح والمكسرات منها اللوز والبندق وزبدة الفول السوداني.
الفوائد العظيمة لمضادات الأكسدة لصحة الإنسان ليس معناه أن يبالغ الإنسان في الإكثار منها، فقد حذَّر العلماء مِن ذلك لأن الأبحاث أثبتت أن الكثير من البيتا كاروتين يؤدي الي سرطان الرئة خاصة بين المدخنين، كما يُعتبر تناول جرعات كبيرة من فيتامين E يرفع من مخاطر حدوث سرطان البروستاتا بالإضافة إلى نزيف المخ، كما أن أخذ جرعات كبيرة من مضادات الأكسدة من قِبل بعض المرضى بدون استشارة الطبيب، تتسبب في تفاقم المرض لديهم لأنهم يتناولون أدوية مما يشجع مضادات الأكسدة على التفاعل معها مؤدية إلى نتائج سلبية على هؤلاء المرضى.
في بحث حديث نُشر خلال نوفمبر 2016 كتب عنه موقع جريدة “ديلي ميل / صفحة الصحة” أوضح أن تناول الطماطم بكثرة يحمي من تجاعيد الجلد ومن ثم سرطان الجلد نظراً لاحتوائها على مضادات أكسدة بكميات كبيرة خاصة “الليكوبين lycopene” والذي يحمي الجسم من تأثير أشعة السمس بما تحويه من أسعة فوق بنفسجية، والتي تسبب سرطان الجلد، لذلك ينصح العلماء بتناول أقراص عبارة عن خليط من الليكوبين والليوتين تسمي “”TNC والتي تحمي من حروق أشعة الشمس بنسبة 33% لأنها تقلل من إحمرار الجلد “إريثيما erythema وسرطان الجلد. و أخيراً ومن أجل شباب دائم وحيوية وصحة جيدة، ينصح الخبراء في هذا المجال بتناول على الأقل كوبين من عصير الفواكه ومعها كوبين ونصف من عصير الخضروات يومياً، لأنهما يحتويان على ما يحتاجه كل إنسان من مضادات الأكسدة.
د. رضا محمد طه
رئيس قسم النبات – كلية العلوم / جامعة الفيوم