مقالات

د. هانى سليمان: الضحك يعمل على زيادة المناعة والتقليل من هرمون “الكورتيزول” المسبب للتوتر

في رأيي المتواضع جدًا أن مبدأ “الضحك للضحك” هو شيء جميل جدًا ومفيد حقًا، فالضحك عملية إنسانية طبيعية وردة فعل لشيء نراه مضحكًا، والضحك في حد ذاته يمكن أن يكون هدفًا من قراءة جريدة أو مجلة كوميدية، أو مشاهدة أي عمل فني مثل الأفلام والمسرحيات، أو حضور جلسة أو لقاء أو سهرة مع الأصدقاء، وذلك لمجرد التسلية والتسرية، وحتى للإلهاء عن صعوبات ومشكلات الحياة المحيطة بالإنسان.

والضحك، في رأيي المتواضع جدًا أيضًا، ليس بالضروة أن يرتبط بقضية اجتماعية يهدف المضحك إلى نقاشها، أو بشعار قومي يريد أن يدعمه، ولا حتى بمبدأ أخلاقي يريد أن ينشره، فنحن نشاهد “المهرج” مثلا في السيرك أو في السينما لمجرد الضحك، وكنا زمان نشاهد “الأراجوز” في الموالد الشعبية وفي الشوارع أيضًا لمجرد الضحك والانبساط، وليس لمناقشة قضية وطنية أو سياسية أو اجتماعية.  

الفوائد الصحية للضحك

فوائد الضحك الصحية والطبية كثيرة، فهو يساعد في  التقليل من هرمون التوتر (الكورتيزول – Cortisol)، مما ينعكس بصورة إيجابية على صحة الإنسان الجسدية والنفسية، كما يساعد على زيادة إفراز المواد المخفضة للألم والشعور بالإجهاد (الاندورفين – Endorphins)، مما يساعد على تقليل الشعور بالألم والتعب الجسدي.

يساعد الضحك أيضا على إفراز “هرمونات السعادة”، مثل السيروتونين Serotonin، والدوبامين Dopamine، والأوكسيتوسين (Oxytocin)، مما يساعد الإنسان على الشعور بالبهجة والسرور، حتى إن لم يصادف حوادث أو أفعال تدعو إلى هذا.

كذلك يعمل الضحك على تحفيز إنتاج الأجسام المضادة في الجسم مما يؤدي إلى زيادة قوة المناعة، ويساعد الضحك كذلك على  تنظيم ضغط الدم وخفض الدم المرتفع لأوقات محددة، مما قد يحمى من السكتات الدماغية والنوبات القلبية.

ولما كانت عملية الضحك تستوجب استخدام الجهاز التنفسي وعملية التنفس، فهذا يساعد على زيادة سرعة تدفق الدم في أنحاء الجسم المختلفة، والذي ينعكس بشكل إيجابي على الصحة العامة للجسم وصحة الشرايين والجهاز الدوري أيضا.

ومن فوائد الضحك الأخرى:

تحسين الذاكرة وحمايتها، تحسين المزاج، زيادة الإبداع، استرخاء العضلات، تحسين القدرة الجنسية، كما يساعد في تلقي علاج الأمراض المزمنة والخطيرة مثل السرطان، وهو أيضا شكل من أشكال ممارسة الرياضة البسيطة.

أثبتت بعض الدراسات أن الناس الأكثر ضحكا وتفاؤلا هم أطول عمرا من الناس العابسة والمتشائمة، كما أن الضحك يجعلك تبدو أصغر سنا ويعطى جمالا ونضارة للوجه، ويحبب الناس فيك ويشعرون تجاهك بالتفاؤل والراحة.

المهم، في رأيي المتواضع جدا كذلك، ألا يكون الضحك مبتذلا ورخيصا، وأن تلتزم عملية “الإضحاك” بالمعايير الدينية والأخلاقية والمجتمعية المتعارف عليها، فلا يصح أن يكون الضحك بسبب السخرية من هذه المعايير والاسهزاء بها، أو أن يكون الضحك بسبب السخرية من إنسان أو جماعة أو عرق او جنس، أو أن يكون مثلا سبب الأقوال والتلميحات غير اللائقة، أو عن طريق حركات الجسد الخارجة، وهو – في الحقيقة – ما نراه كثيرا الآن.

في ضوء هذا الكلام البسيط، يمكن أن يحدد كل شخص فينا من يعتبره فنانا كوميديا راقيا أو مضحكا حقيقيا، يقدم ضحكا راقيا متمدنا، حتى لو كان مجرد ضحك للضحك، أو من انزلق في عمليات الابتذال والإضحاك الرخيص المتهافت.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى