تكنولوجيا طبية

جامعة الملك عبد الله للعلوم: تقنية مبتكرة لرصد الأزمة القلبية قبل وقوعها

طور باحثون في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) تقنية استشعار قد تُسهِم في صنع جهاز إلكتروني قابل للارتداء، يحذّر المرضى المعرضين للخطر وأطباءهم من أن أزمةً قلبيةً حادةً على وشك الحدوث.

استعان الفريق البحثي بتقنية ترانزستور تأثير المجال (FET) منخفضة التكلفة –التي تستخدم المجال الكهربائي للتحكم في تدفق التيار- ككاشف إلكترونيّ للمؤشر الحيوي لصحة القلب “تروبونين- تي” (cTnT)، الذي يرتفع تركيزه في الدم بشدّة قبل ثلاث إلى أربع ساعات من حدوث أزمة قلبية حادّة.  وبحسب مستشفى مايو كلينك في امريكا فان “تروبونين- تي” هو بروتين موجود في عضلة القلب ويُساعد قياسه على تشخيص النوبة القلبية وتحديد مدى خطر الإصابة بأمراض القلب. ولقد رُبطت زيادة مستوى تركيز “تروبونين- تي” في الدم بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب عند الأشخاص الذين ليس لديهم أعراض.

وفي هذا الصدد يقول  البروفيسور خالد سلامة، أستاذ الهندسة الكهربائية والحاسوبية في “كاوست” وقائد هذا الفريق البحثي: “وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، تودي مشكلات القلب والأوعية الدموية بحياة ١٧.٩ مليون شخص كل عام. ويتمثل الدافع الرئيسي وراء هذا العمل البحثي في توفير تقنية ميسورة التكلفة، وإتاحة جهاز سهل الاستخدام للمرضى المعرَّضين للخطر”.

ويعتمد جهاز الرصد FET-cTnT الذي طوّره الفريق بشكل رئيسي على طبقة مستشعرات مكوّنة من مواد نانوية مركبة. ويشرح الدكتور سانديب سوريا، الباحث في مختبر تقنيات الاستشعار في “كاوست” والمؤلف الأول المشارك في الدراسة، أن المادة المعنيّة تعتمد على القضبان النانوية متناهية الصغر لأكسيد الكوبالت  “Co٣O٤”، والتي قام الباحثون بتنمية جسيمات نانوية مصنوعة من الذهب عليها.

جامعة الملك عبد الله للتقنة: تطوير تقنية لرصد الأزمة القلبية قبل وقوعها
جامعة الملك عبد الله للتقنة: تطوير تقنية لرصد الأزمة القلبية قبل وقوعها

ويضيف سوريا: “عن طريق دمج الجسيمات النانوية المصنوعة من الذهب مع تلك القضبان النانوية، توصلنا إلى مركب نانوي جديد، يتميز بقدرات استشعار قوية، وذلك بفضل منطقته السطحية الأعلى فاعليةً، وخواصه الأكثر تحفيزًا، وكذلك نوعيته”.

وقد صنع الفريق جهاز ترانزستور تأثير المجال الوظيفي عن طريق طلاء تلك القضبان المزيّنة بالذهب على طبقة مُوصِلة من أنابيب الكربون النانوية، تم طلاؤها بدورها على قطب من رقاقة سيليكونية. تمثلت الخطوة الأخيرة في تغطية القضبان النانوية المزيّنة بالذهب بسلاسل مفردة من الحمض النووي تُسمى “الأبتمرات”، وهي مصممة خصوصًا لترتبط على نحوٍ انتقائي مع المادة المستهدف تحليلها، وهي المؤشر “تروبونين- تي”  في هذه الحالة.

عزّزت إضافة الذهب إلى طبقة القضبان النانوية من أداء الجهاز بِشكل هائل؛ إذ ارتفعت حساسية الجهاز بنسبة ٢٥٠% بالمقارنة مع القضبان النانوية لأكسيد الكوبالت الخالية من الذهب. وقد حسّن الذهب جوانب عديدة في أداء طبقة تلك القضبان. يقول الدكتور سانجيت ماجهي، الباحث أيضا في مختبر تقنيات الاستشعار في “كاوست” والمؤلف الأول المشارك في الدراسة: “زادت الجسميات النانوية المصنوعة من الذهب من امتصاص الحمض النووي على سطح القضبان النانوية، كما حسّنت من الخصائص الإلكترونية لطبقة المستشعرات”. ويستطيع الجهاز أن يكتشف المؤشر تروبونين تي عند تركيزات منخفضة تصل إلى ٠.١ ميكروجرام لكل ملليلتر من العينة التي جرت إضافة “تروبونين- تي” إليها، وهو التركيز الذي يقع في نطاق رصد الأزمات القلبية. يقول سلامة: “إن إتقان عملية تصنيع الجهاز سيعزِّز من حساسيته بدرجة كبيرة”.

إن الانتقال إلى جهاز مرن يمكن زراعته هو خطوة أساسية في صنع جهاز استشعار قابل للارتداء للأزمات القلبية ويوفّر خاصية الرصد المستمر، إذ يقول سوريا: “تتمثل الأهداف القادمة في إحلال مادة مرنة محل المنصة السيليكونية وتقليل استهلاك الجهاز للطاقة. كما أن دمج الإلكترونيات بمنصة قابلة للطي والتمدد هو الطريق إلى المستقبل”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى