درهم وقاية

بكتيريا المستديمة النزلية.. الأعراض والعلاج

تم التعرف على بكتيريا المستدمية النزلية Haemophilus influenza، لأول مرة بواسطة فايفر عام 1892، والذي (بشكل غير صحيح) اعتقد أنها كانت سبب الأنفلونزا لأنها عُزلت من أنوف مرضى بالأنفلونزا. المستدمية النزلية عبارة عن مُمْرِض بشري حصري، وكانت أول بكتيريا تم التعرف على تسلسلها الجيني بالكامل. والذي اعتبر بمثابة مقدمة للعمل على تحديد تسلسل الجينوم البشري.

الكائن المسبب

Haemophilus influenza هي بكتيريا سالبة الغرام (يطلق عليها متغيرة الغرام نظراً لأنها قد تكون سالبة أو موجبة). هوائية اختيارية. تنمو هوائياً ومن ناحية النمو فإن لها متطلبات غذائية خاصة Fastidious)) يتطلب نموها توفر عاملين في الوسط الغذائي وهما عامل X  (hemin) و V  (nicotinamide adenine dinucleotide (NAD). وتحتاج إلى نسبة من غاز ثاني أكسيد الكربون في البيئة للنمو الجيد.

تتواجد المستدمية النزلية في الجزء العلوي من الجهاز التنفسي بشكل طبيعي، ومن المعروف أنها سبب مهم للعدوى التي تشمل أجهزة الجسم المختلفة. وأيضاً تعتبر سبباً لمجموعة متنوعة من أمراض الجهاز التنفسي. وتنتقل البكتيريا من شخص لآخر من خلال الرذاذ الناتج عن العطس أو السعال.

في الآونة الأخيرة تراكمت دلائل متزايدة بأن لهذه البكتيريا دور في التهاب الجهاز التنفسي السفلي المزمن. ومع ذلك، فإن التفاعل بين المستدمية النزلية والرئة لا يزال غير محدد بشكل واضح. قد يؤدي مزيج من البكتيريا المسببة للأمراض ونقص مناعة المضيف إلى السماح لهذه البكتيريا بنشر العدوى في الجهاز التنفسي السفلي مما يؤدي إلى الالتهاب والأمراض السريرية.

الإمراضية

تعد معظم سلالات المستدمية النزلية من مسببات الأمراض الانتهازية، فهي عادة ما تعيش في جسم الانسان دون التسبب في المرض، ولكن تتسبب بالمشاكل الصحية فقط عندما تتسنى الفرصة بوجود عوامل أخرى (مثل العدوى الفيروسية أو نقص المناعة أو وجود أنسجة ملتهبة، من الحساسية على سبيل المثال). حيث تصيب الجسم بالمرض عن طريق الالتصاق بالخلية المضيفة.

الأعراض

قد تشمل المظاهر السريرية الأعراض الأولية لعدوى الجهاز التنفسي العلوي التي تحاكي العدوى الفيروسية. وقد تمتد الأعراض لتشمل الجهاز التنفسي السفلي في بضعة أيام، مع سمات تشبه غالباً التهاب القصبات الهوائية. قد يكون البلغم صعباً في البلع وغالباً ما يكون لونه رمادياً وكثيفاً، وقد يستمر السعال لأسابيع.

المستدمية النزلية النوع (ب) Hib

هناك ستة أنواع من المستدمية النزلية (أ، ب، ج، د، ه، و)، أشدها خطراً النوع ب. عند الرضع والأطفال الصغار، تسبب المستدمية النزلية نوع (ب) (Hib) إنتان الدم septicemia، التهاب رئوي pneumonia، التهاب لسان المزمار epiglititis، التهاب شغاف القلب endocarditis والتهاب السحايا الجرثومي الحاد acute bacterial meningitis. في بعض الأحيان، تسبب التهاب النسيج الخلوي cellulitis، التهاب العظم osteomyelitis  والتهاب المفاصل Arthritis

وعلى الرغم من انتشار هذه البكتيريا في جميع أنحاء العالم، تعتبر أعباء أمراض المستدمية النزلية من النوع “ب ” أعلى بكثير في البلدان فقيرة الموارد، وذلك قبل إدخال اللقاح في برامج التطعيم القومية. وتعتبر مسؤولة عن إصابة ما يقرب من ثمانية ملايين حالة مرضية خطيرة ووفاة نحو 371 ألف سنويًا، غالباً بسبب الالتهاب الرئوي والتهاب السحايا. وتحدث عواقب خطيرة للمرضى غالبًا في الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 4-18 شهراً.  تتفاوت أنواع المضاعفات؛ فمثلاً يحدث تضرر عصبي، بما في ذلك العمى، الصمم والتخلف العقلي.

كما هو الحال في اختلاف نوع وشدة المضاعفات المصاحبة، فإن خطر الوفاة نتيجة للأنواع المختلفة متفاوت. فيما يخص الالتهاب السحائي الذي تسببه المستدمية النزلية “ب” (أكثر الصور شيوعاً)، فمعدل الوفيات يتراوح بين 2-5%..  غالبية حالات الوفاة الناجمة عن الإصابة بمرض المستدمية النزلية “ب” في البلدان النامية حيث لا يستخدم لقاح المستدمية النزلية “ب” على نطاق واسع. ولا تزال الوفيات تحدث في البلاد المتقدمة، خاصةً عند انخفاض معدلات التطعيم. وهذا يدلل على أهمية التطعيم.

العلاج

يعتمد وصف العلاج على مكان وشدة الإصابة ونتائج فحوصات الحساسية، من المضادات الحيوية المستعملة لعلاج المستدمية النزلية: سيفتريكسون من مجموعة السيفالوسبورينات، أمبيسيلين من البنيسلينات، أزيثرومايسين وكلاريثوميسين من مجموعة الماكروليدات. الكلاريثروميسين مع الامبيسلين. المضادات الحيوية عن طريق الفم مثل أنواع β-lactams هي العلاج المناسب لمعظم المرضى. لكن البكتيريا لديها مقاومة متطورة لبعض المضادات الحيوية وتعتبر المستدمية النزلية المقاومة للامبسيلين ضمن قائمة منظمة الصحة العالمية للميكروبات التي تحتاج إلى تطوير مضادات حيوية جديدة بشكل عاجل.

الوقاية

للوقاية، قُدِّم أول اللقاحات لمرض المستدمية النزلية “ب” في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1985، وهو لقاح مقترن conjugated محَسّن حصل على الترخيص بعدها بعامين. وتوجد حالياً عدة لقاحات متاحة للمستدمية النزلية “ب”؛ في صورة لقاح فردي للمستدمية النزلية “ب” وفي حقن مركبة (لقاحات الالتهاب الكبدي من النوع “ب” والمستدمية النزلية “ب”، على سبيل المثال، متاحة في حقنة مختلطة).  وجميع اللقاحات المضادة لمرض للمستدمية النزلية “ب” هي لقاحات معطّلة تحتوي فقط على جزء من بكتيريا Haemophilus influenza (من كبسولة البكتيريا).

ملاحظة: اللقاح المقترن هو وصف لتقنية من تقنيات تصنيع اللقاح من خلال ربط (اقتران) الأنتجين قيد التصنيع مع مركب آخر (غالباً بروتين) لزيادة الفاعلية في تحفيز جهاز المناعة. مثل ربط أنتيجينات المستدمية النزلية مع توكسيد الكزار (التيتانوس).

توصيات اللقاح

توصي منظمة الصحة العالمية بتطعيم جميع الأطفال ضد المستدمية النزلية “ب”. كما يُوصى بتناول 3-4 جرعات من اللقاح، حسب نوع لقاح Hib المتاح. فيما يخص جميع لقاحات المستدمية النزلية “ب”، على أي حال، فيوصى بتناول الجرعة الأولى في الطفولة المبكرة. حتى سنة 2013، فإن 98% من الدول الأعضاء بمنظمة الصحة العالمية قد تبنت لقاحًا للمستدمية النزلية “ب” في برامج التطعيم الخاص بها. وقدّرت التغطية للأطفال حول العالم بنسبة 52% في عام 2013.

توصيات مركز المكافحة والسيطرة

الرضع: الجرعة الأولى على عمر شهرين ويكمل الجرعات التالي لحد 12-15 شهر

قد يحتاج الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 12-15 شهراً و 5 سنوات ممن لم يتم تطعيمهم بشكل كامل ضد المستدمية النزلية من قبل إلى جرعة واحدة أو أكثر من لقاح المستدمية النزلية من النوع ب. ولا يتلقى الأطفال الذين تزيد أعمارهم عن 5 سنوات والبالغون عادةً لقاح المستدمية النزلية من النوع ب، ولكن قد يوصى به للأطفال الأكبر سناً أو البالغين المصابين بضعف الطحال أو مرض الخلايا المنجلية قبل الجراحة لاستئصال الطحال، أو بعد عملية زرع نخاع العظم. يمكن أيضاً التوصية بلقاح المستدمية النزلية من النوع ب للأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و 18 عامًا المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية.

يمكن إعطاء لقاح المستدمية النزلية من النوع ب في نفس الوقت مع اللقاحات الأخرى.

أ.د. عبد الرؤوف علي المناعمة

البريد الإلكتروني: elmanama_144@yahoo.com

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى