14 أبريل اليوم العالمي لـ “داء شاغاس”.. داء المثقبيات الأمريكي
اليوم العالمي لمرض شاغاس (World Chagas Disease Day) هو يوم عالمي يُحْتَفَلُ به في 14 أبريل لزيادة الوعي حول مرض شاغاس (المعروف أيضا باسم داء المثقبيات الأمريكي). كان أول احتفال باليوم العالمي لمرض شاغاس في 14 أبريل 2020 وسُمِّيَ اليوم على اسم الطبيب البرازيلي كارلوس ريبيرو جوستينيانو شاغاس الذي قام بتشخيص الحالة الأولى في 14 أبريل 1909.
تمت الموافقة على إنشاء اليوم العالمي لمرض شاغاس في 24 مايو 2019 في الدورة الثانية والسبعين لجمعية الصحة العالمية، وأُقِرَّ رسميًا في الجلسة العامة لمنظمة الصحة العالمية في 28 مايو 2019.
تم تقديم اقتراح اليوم العالمي لمرض شاغاس من قبل الاتحاد الدولي لجمعيات الأشخاص المتضررين من مرض شاغاس، ودَعمتْه العديد من المؤسسات الصحية والجامعات ومراكز البحوث والمنظمات والمؤسسات.
قال الدكتور بيدرو ألباجار فيناس، المسؤول الطبي في منظمة الصحة العالمية (مرض شاغاس): “إن اليوم السنوي الذي يُحتفَل به على المستوى العالمي لا بد أن يجذب الانتباه الدولي”. “يمكن لهذه الأيام أن تساعد في توفير الرؤية وإلزام البلدان بتعزيز التدخلات لمكافحة المرض الذي ظل مهملاً إلى حد كبير، ولكنه لا يزال موجودًا في العديد من البلدان”. يوفر الاحتفال باليوم العالمي لمرض شاغاس فرصة فريدة للتعبير عن صوت لصالح هذا المرض.
إن داء شاغاس المعروف أيضا باسم داء المثقبيات الأمريكي، هو مرض قد يكون مهدداً للحياة يسببه طفيلي المِثْقَبِيَّة الكروزيَّة الوحيد الخلية.
وتشير التقديرات إلى أن 6 إلى 7 ملايين شخص في جميع أنحاء العالم تقريبا، مصابون بطفيلي المِثْقَبِيَّة الكروزيَّة الذي يسبب داء شاغاس. واكتُشف هذا الداء في المناطق الموبوءة في 21 بلدا قاريا من بلدان أمريكا اللاتينية، حيث كان ينتقل إلى البشر غالبا عن طريق لمس فضلات أو بول البق الترياتومين (ناقل الداء)، والمعروف باسم “بق التقبيل”، وهو اسم من بين العديد من الأسماء الشائعة الأخرى، حسب المنطقة الجغرافية.
التوزيع الجغرافي للمرض
كان مرض شاغاس في البداية منحصراً تمامًا في المناطق الريفية القارية في منطقة الأمريكتين – بالأساس في أمريكا اللاتينية (ولم يكن له وجود في جزر الكاريبي). أما اليوم، فيعيش معظم المصابين، لا سيما بسبب زيادة حركة السكان في العقود الأخيرة، في المناطق الحضرية (ظاهرة التحضر). كما لوحظ تزايد حالات الإصابة بالمرض في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا والعديد من البلدان الأوروبية وبعض البلدان الأفريقية وبلدلن شرق البحر الأبيض المتوسط وغرب المحيط الهادئ.
انتقال المرض
تنتقل طفيليات المِثْقَبِيَّة الكروزيَّة في أمريكا اللاتينية، أساسا بواسطة ملامسة فضلات / بول حشرات الترياتومين الماصة للدم المصابة. وتعيش هذه الحشرات وهي الناقل الذي يحمل الطفيليات، عادةً في شقوق الجدران أو الأسقف في المنازل والمرافق المجاورة لها، مثل أقفاص الدجاج والزرائب والمستودعات، في المناطق الريفية أو في الضواحي.
وتختبئ هذه الحشرات عادة خلال النهار وتنشط حركتها في الليل حين تمتص دم الثدييات، بما في ذلك دم الإنسان. وعادة ما تلدغ منطقة مكشوفة من الجلد مثل الوجه (ومن هنا جاء اسمها الشائع “بق التقبيل”)، ثم تفرز الحشرة فضلاتها أو تتبول بالقرب من مكان اللدغة. وتتسرب الطفيليات إلى الجسم عندما يقوم الشخص تلقائيا بإيصال فضلات الحشرات أو بولها إلى مكان اللدغة أو العينين أو الفم أو أي شقوق في الجلد.
ويمكن انتقال طفيليات المِثْقَبِيَّة الكروزيَّة أيضا عن طريق:
- استهلاك الأطعمة الملوثة بالطفيلي من خلال مثلا، ملامسة فضلات أو بول بق الترياتومين المصاب أو الجرابيات لهذه الأطعمة (مما يسبب فاشيات انتقال العدوى عن طريق الأغذية التي تسبب مراضة أكثر شدة ومعدل وفيات أعلى – إذ تصاب مجموعات من الأشخاص في الوقت نفسه بحالات المرض الشديد ويرتفع عدد الوفيات)؛
- نقل الدم أو منتجات الدم المتأتية من متبرعين مصابين؛
- انتقال العدوى من الأم المصابة إلى الوليد أثناء فترة الحمل أو خلال الولادة؛
- · عمليات زرع الأعضاء التي تبرع بها أشخاص مصابون بالعدوى؛
- الحوادث المختبرية
العلامات والأعراض
يتطور داء شاغاس، على مرحلتين اثنتين. وتدوم المرحلة الأولية الحادة لمدة شهرين تقريبا بعد الإصابة بالعدوى. وخلال هذه المرحلة الحادة ينتشر عدد كبير من الطفيليات في الدم. غير أنه في معظم الحالات، لا تظهر الأعراض خلال هذه المرحلة أو أنها تكون خفيفة أو غير محددة. ومن الأعراض الأولى التي تظهر عند نسبة تقل عن 50% من الأشخاص الذين يتعرضون لعضة بق الترياتومين، نجد تقرحات جلدية أو تورّم أرجواني في جفن العين. بالإضافة إلى إمكانية ظهور الحمى وصداع الرأس وتضخّم الغدد اللمفية وشحوب البشرة والألم العضلي وصعوبة التنفس والتورّم وآلام البطن أو الصدر.
أما خلال المرحلة المزمنة للمرض، فيبقى الطفيلي دفينا خاصة في القلب والجهاز الهضمي والعضلات. وتعاني نسبة تصل إلى 30% من المرضى من اضطرابات في القلب و10% من اضطرابات هضمية (تتمثل عادة في تضخّم البلعوم أو القولون)، واضطرابات الجهاز العصبي أو اضطرابات مختلطة. وفي السنوات المتقدمة للمرض قد تؤدي العدوى إلى الموت المفاجئ بسبب اضطراب نبضات القلب أو فشل القلب التدريجي الناجم عن تلف عضلة القلب ونظامه العصبي.
العلاج
للقضاء على الطفيليات، يمكن علاج داء شاغاس باستخدام البنزنيدازول وكذلك النيفورتيموكس. ويضمن كلا الدواءين نجاعة بنسبة 100% تقريباً في علاج المرض إذا تناولهما المريض بعد إصابته بالعدوى بفترة وجيزة خلال المرحلة الحادة للمرض بما في ذلك حالات انتقال الداء من الأم إلى الجنين. غير أنّ فعالية كلا الدواءين تتضاءل كلما طالت فترة الإصابة بالعدوى وتكون التفاعلات الضائرة أكثر تواترا مع تقدم السن.
ويُوصف العلاج أيضاً للأشخاص الذين أُصيبوا بالعدوى مجدّداً (بسبب كبت المناعة على سبيل المثال)، وللمرضى في مطلع المرحلة المزمنة. وينبغي تقديم العلاج للبالغين المصابين بالعدوى، خاصة أولئك الذين لا تظهر عليهم أعراض، إذ يمكن للعلاج المضاد للطفيليات أن يمنع أو يُوقِف تطور المرض، وأن يحمي من السراية الخلقية لدى الأمهات الحوامل. وفي حالات أخرى، ينبغي الموازنة بين النجوع المحتمل للأدوية في الحماية من تطوّر داء شاغاس أو تأخيره ومدة العلاج (التي تدوم شهرين تقريباً) والتفاعلات الضارة المحتملة للعلاج (التي تظهر لدى 40% تقريبا من الأشخاص البالغين الخاضعين للعلاج).
ولا ينبغي للحوامل أو ألأشخاص الذين يعانون من فشل كلوي أو كبدي تناول البنزنيدازول والنيفورتيموكس. ويُحظر تناول النيفورتيموكس لمن يعانون من اضطرابات عصبية أو نفسية. وعلاوة على ذلك، قد يلزم توفير علاج محدّد للمصابين باضطرابات قلبية أو هضمية أو عصبية.
مكافحة المرض والوقاية منه
كانت “المثقبية الكروزية”، في بادئ الأمر (قبل أكثر من 9000 سنة) لا تصيب إلاّ الحيوانات البرّية. وقد انتشرت، بعد ذلك، بين الحيوانات الأليفة والبشر. ولعل وجود مستودع كبير للمثقبيات الكروزية بين الحيوانات البرّية في منطقة الأمريكتين يدل على تعذّر استئصال الطفيلي. وعوضاً عن ذلك، تكمن أهداف مكافحة المرض في التخلّص من سرايته وإتاحة خدمات الرعاية الصحية المبكرة للمصابين بالعدوى والمرضى من السكان.
ولا يوجد أيّ لقاح ضدّ داء شاغاس. ويمكن أن تصيب طفيليات “المثقبية الكروزية” عدة أنواع من بق الترياتومين، علماً بأنّ معظم تلك الأنواع يوجد في منطقة الأمريكتين. وتظل مكافحة ناقل العدوى أنجع وسيلة للحماية من هذا المرض في أمريكا اللاتينية. كما أنّ فحص الدم يعدّ ضروريا لتوقي سراية العدوى عبر عمليات نقل الدم وزرع الأعضاء وزيادة الكشف عن حالات الإصابة وتقديم الرعاية للأشخاص المصابين.
وتوصي منظمة الصحة العالمية بالعمل، حسب المنطقة الجغرافية، على اتّباع النُهج التالية إزاء الوقاية من العدوى ومكافحتها:
- رشّ مبيدات الحشرات في البيوت والمناطق المحيطة بها؛
- صيانة المنازل وتنظيفها للحد من انتشار نواقل العدوى؛
- اتخاذ تدابير الحماية الشخصية، مثل استخدام الناموسيات؛
- التقيد بالممارسات الصحية الجيدة عند إعداد الطعام ونقله وتخزينه واستهلاكه؛
- فحص المتبرعين بالدم؛
- إجراء تحاليل للمتبرّعين بالأعضاء أو النُسج أو الخلايا وللمستفيدين منها؛
- إتاحة تشخيص وعلاج الأشخاص الذين لديهم دواعي أو توصيات طبية للمعالجة بمضادات الطفيليات، لا سيما الأطفال والنساء في سن الإنجاب قبل الحمل؛
- فحص الرضع حديثي الولادة وغيرهم من الأطفال المولودين من أمهات مصابات بالعدوى لم يتلقين علاجا سابقا مضادا للطفيليات وذلك بغية التشخيص المبكر للمرض وعلاجه.
وتبين أن تكلفة الرعاية الطبية للمرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة في القلب أو في الجهاز الهضمي أو العصبي أو من أمراض مختلطة تكون أعلى بنسبة 80 % من تكلفة رش مبيدات الحشرات المتبقية لمكافحة النواقل ومنع العدوى.
استجابة منظمة الصحة العالمية
منذ تسعينات القرن الماضي، حُقق إحراز نجاحات كبيرة في مكافحة الطفيليات والنواقل في أمريكا اللاتينية وفي أقاليم المخروط الجنوبي وأمريكا الوسطى بفضل مبادرات حلف الأنديز والمبادرات الحكومية الدولية الأمازونية التي اتُخذت مع أمانة منظمة الصحة للبلدان الأمريكية. وأدّت تلك المبادرات المتعددة الجنسيات إلى تحقيق انخفاض كبير في معدلات سراية المرض وزيادة إتاحة تشخيص المرض وتوفير العلاج بمضادات الطفيليات.
إضافة إلى ذلك، انخفض خطر انتقال العدوى عن طريق نقل الدم انخفاضاً كبيراً بفضل إجراء فحوصات شاملة في جميع بنوك الدم قي بلدان أمريكا اللاتينية، ومعظم البلدان الأوروبية وبلدان المحيط الهادئ حيث توجد حالات إصابات بالعدوى. وقد تحققت هذه الإنجازات بفضل الالتزام القوي للدول الأعضاء التي يتوطنها المرض، وقوة منظماتها العاملة في مجالي البحث والمكافحة، فضلاً عن الدعم المقدم من العديد من الشركاء الدوليين.
وفي عام 2005، اعترفت منظمة الصحة العالمية بداء شاغاس بصفته أحد أمراض المناطق المدارية المنسية. وقد ساهم ذلك في الاعتراف بقدر أكبر بالمرض على الساحة الدولية، وفي تيسير مكافحة التضليل الإعلامي بشأنه، وانعدام مطالبة المجتمع وضعف الالتزام السياسي لحل المشاكل المتعلقة بداء شاغاس، فضلا عن قلة الأبحاث العلمية بشأن المرض والتطويرات المتعلقة بالوقاية والكشف والرعاية الشاملة بما في ذلك التشخيص والعلاج والعروض الطبية والجوانب الاجتماعية والمعلومات المتاحة والتوعية وأدوات التواصل.
ويتعيّن، في الوقت ذاته، التصدي لمجموعة من التحديات الإضافية التي تشمل ما يلي:
- الحفاظ على الإنجازات التي تحققت في مجال مكافحة المرض وتعزيزها؛
- ظهور داء شاغاس في مناطق كانت تُعتبر، فيما مضى، خالية منه- مثل حوض الأمازون؛
- استمرار وجود المرض في المناطق التي شهدت تقدماُ مطرداً في مكافحته- مثل منطقة شاكو بالأرجنتين وفي دولة بوليفيا المتعددة القوميات؛
- انتشار المرض خاصة بسب تنقّل السكان الآخذ في التزايد بين أمريكا اللاتينية وبقية العالم؛
- مكافحة العواقب الناجمة عن الجهل و/أو الوصم و/ أو التمييز المرتبطة بالمرض؛
- زيادة إتاحة خدمات التشخيص والعلاج لملايين المصابين بالعدوى.
ولتحقيق الهدف المتمثّل في التخلّص من سراية داء شاغاس وتوفير خدمات الرعاية الصحية للمصابين بالعدوى أو الذين يعانون من هذا الداء، سواء في البلدان التي يتوطنها المرض أو البلدان الأخرى، تسعى منظمة الصحة العالمية إلى زيادة التواصل على الصعيد العالمي وتعزيز القدرات على الصعيدين الإقليمي والوطني، بالتركيز على : توطيد أنشطة الترصد الوبائي ونُظم المعلومات على المستوى العالمي؛ إذكاء الوعي بشأن مرض شاغاس والسكان المتضررين منه؛ مكافحة سريان العدوى عن طريق عمليات نقل الدم وعمليات زرع الأعضاء؛ العمل على تحديد الاختبارات التشخيصية والخوارزميات / البروتوكولات الأكثر ملائمة لزيادة فحص وتشخيص العدوى؛ توسيع نطاق الوقاية الأولية لتجنّب السراية الخلقية وضمان التدبير العلاجي لحالات العدوى الخلقية وغير الخلقية؛ تشجيع توافق الآراء بشأن التدبير العلاجي المناسب المحدث للحالات؛ العمل على تطوير نُهُج متعددة الأبعاد.