“إكسوفينت/ exovent”.. رئة حديدية مبتكرة لمساعدة المرضى على التنفس
من المتوقع خلال العام الحالي 2021 أن تتوفر داخل المستشفيات البريطانية, نسخة حديثة ومبتكرة من تقنية قديمة تُسمى “الرئة الحديدية” iron lung، سبق استخدامها في مساعدة الآلاف من مرضى شلل الأطفال على التنفس. الرئة الجديدة, والتى أطلق عليها اسم “إكسوفينت” exovent، من شأنها أن تحول، (وفق للأطباء داخل المملكة المتحدة)، دون حاجة بعض المرضى إلى التخدير ووضعهم على أجهزة تنفس اصطناعيّ تقتضي إقحام أنابيب داخل القصبة الهوائية عن طريق الفم لإيصال الهواء إليها.
الجهاز المبتكر يعتمد على توليد ضغط سالب في الفراغ المحيط بصدر المريض، يدفع الهواء بلطف إلى دخول الرئتين. في المستطاع الاستعانة به لمساعدة المرضى في التنفس، أو يمكنه أن يتولّى عملية التنفس برمتها بدلاً منهم.
نظراً إلى أن الجهاز يحيط برئتي المريض على سرير المستشفى (ولا يتطلب أي إدخال لأنابيب إلى القصبة الهوائية)، لا يحتاج المريض إلى تخدير وفي مقدوره أن يبقى في حالة يقظة، ويأكل ويشرب ويتحدَّث.
الفريق العلمي المسؤول عن الجهاز الجديد ، الذي أنشأ مؤسسة خيرية (تُسمى “إكسوفينت”) للمساعدة في تطوير فكرته، بدأ الاشتغال على الجهاز العام الماضي خشية نفاد أجهزة التنفس الاصطناعي في المملكة المتحدة ودول أخرى، نتيجة الطلب عليها من مرضى مصابين بفيروس “كورونا”.
إيان جوسبري، الرئيس التنفيذي لشركة “إكسوفينت” ومهندس ميكانيكا طيران سابق، ذكر لـ “إندبندنت” بأنّ “الجهاز ينطوي على فوائد جمة، ليس بالنسبة إلى هيئة الخدمات الصحية الوطنية هنا في المملكة المتحدة فحسب، إنما أيضاً على مستوى العالم. كل 40 ثانية، يتوفّى طفل بسبب الالتهاب الرئوي ونعمل على تطوير نموذج مخفّض التكلفة من “إكسوفينت” يمكن أن يُستخدم في علاج هؤلاء المرضى لأنّه لا يتطلّب اللجوء إلى وحدة العناية المركزة أو طبيب تخدير.
إذ أسهب “إيان جوسبري” في شرحه قال، “من شأن “إكسوفينت” تقليص اللجوء المتكرِّر إلى وضع المرضى على أجهزة تنفس اصطناعيّ حيث يُصار إلى تنويمهم ويُقحم أنبوب في حلقهم من دون معرفة ما إذا كانوا سيستعيدون وعيهم أم لا. أما المرضى الذين يُستخدم إكسوفينت” في علاجهم فلا يحتاجون إلى أدوية منومة طوال عملية التنفس الاصطناعي”.
وأضاف “جوسبري”، “كثير من المرضى المصابين بأمراض من قبيل انسداد الشعب الهوائية المزمن والالتهاب الرئوي تلزمهم مساعدة في التنفس، و(الجهاز الجديد) وسيلة بديلة ألطف كثيراً لتعزيز التنفس وخفض خطر تلف الرئة الذي يصاحب مثيله الاصطناعي”.
قال جوسبري إنّ “إكسوفينت” يمكن أن يصبح أداة إضافية يستعملها الأطباء بغية مساعدة المرضى على تفادي أجهزة التنفس الاصطناعي كملاذ أخير. كذلك في مقدوره أن يقلص الطلب على قارورات الأوكسجين، وقد حدث أن أعلن بعض المستشفيات تحذيراً طارئاً بسبب انحسار مخزونهم من الأوكسجين، ما اضطر إلى صرف عدد من المرضى خشية انقطاع الإمدادات.
وفق ورقة بحثية منشورة في مجلة “التخدير” Anaesthesia، التي تصدر عن “جمعية أطباء التخدير” Association of Anaesthetists، شارك متطوعون ستة، من بينهم ثلاثة خبراء كبار في التخدير، في تجربة لاختبار نماذج أولية من الجهاز صنعتها “مجموعة مارشال للفضاء والدفاع”Marshall Aerospace and Defence Group.
خلال التجربة، استلقى المتطوِّعون جميعهم على ظهورهم ناظرين إلى السقف مع رفع أسرتهم إلى أعلى بعض الشيء. بالإضافة إلى تلك الوضعية، اختبر ثلاثة منهم أيضاً الجهاز وهم مستلقون على بطونهم ووجهم إلى أسفل (ما يسمى “الرقود” prone). ضُبط الضغط بمعدلات مختلفة، وأخذت القراءات المتصلة بأداء الرئة.
أظهرت النتائج أنّ “إكسوفينت” كان قادراً على أن يمد الأشخاص الذين يتنفسون من تلقاء أنفسهم بتوسع رئويّ، وتنفس اصطناعي قوي حل محل عملية تنفسهم الطبيعية تماماً، وبالاكتفاء بمعدلات معتدلة من الضغط السالب.
اللافت أنّ المرضى الذين يُعالجون باعتماد “إكسوفينت” يتطلبون رعاية تمريضية أقل مقارنة بنظرائهم الموضوعين على أجهزة التنفس الاصطناعي، الذين يعتمدون بشكل كامل على الآلات والممرضين للبقاء على قيد الحياة. ويمكن استخدام الجهاز الحديث في الأجنحة العامة في المستشفيات، وربما حتى في منازل المرضى.
لم يتحقَّق الفريق من فاعلية “إكسوفينت” في تجربة سريرية كاملة بعد، لكنّ كثيراً من من مستشفيات هيئة الخدمات الصحية الوطنية جرّبه، بينها مستشفيات “جامعة برمنغهام”، التي أجرت اختبارات تؤكِّد جدواه.