العلماء يكتشفون “عضواً مجهولاً” في جسم الإنسان!
“العضو الخلالي”، واحد من أحدث اكتشافات جسم الإنسان، وهو الفراغات الممتلئة بالسوائل التي تنتشر في كافة أنحاء الجسم، وتم تصنيف هذه الفراغات على أنها عضو واحد. ويلعب هذا السائل دوراً في مناعة الجسم، ويساعد في الحفاظ على الصحة.
ورغم أن النسيج الخلالي والسائل الخلالي كانا معروفين في الأوساط العلمية منذ زمن، إلّا أن الدراسة هذه بينتهما من منظور مختلف، يقترح فكرة تصنيفهما كعضو واحد.
وبعد دراسات وأبحاث كثيرة، توصل نيل ثيس، أستاذ علم الأمراض في مركز “لانجون” الطبي في جامعة نيويورك وأحد مؤلفي الدراسة الرئيسيين، إلى إمكانية وصفها بمصطلح “عضو.”
ويقول ثيس إن مفهوم العضو يتمحور حول فكرة أنه “نسيج ذو هيكل واحد أو وظيفة موحدة،” شرطان ينطبقان في هذه الحالة على النسيج الخلالي.
كما يضيف ثيس أن هذا “العضو” قد يكون أكبر حجماً من الجلد، الذي يُكوِّن 16 بالمائة من كتلة الجسم، مقارنة مع العضو الخلالي الذي يقدر حجمه بـ20 بالمائة من الجسم.
واستخدمت الدراسة مجهراً متقدماً مجهّزاً بتقنية “الليزر متحد البؤرة،” لفحص عينات أنسجة حية أخذت من القنوات الصفراوية البشرية لـ13 مريضاً خضعوا لجراحة البنكرياس في مستشفى بنيويورك.
ويرجح ثيس غفلة العلماء عن هذه الأنسجة، إلى إصابتها بالجفاف عند فحصها تحت المجهر بشكل تقليدي، إلّا أن ذلك تغير بفضل الماسح المجهري الجديد الأكثر تطوراً.
ولكن لا يتفق جميع الخبراء على تصنيف النسيج المُكتشف جديداً كعضو، إذ يقول الطبيب مايكل ناثانسون، رئيس قسم أمراض الجهاز الهضمي في كلية الطب في جامعة ييل إنه يعتقد أن النسيج “هو مُكون تشترك به أعضاء متنوعة، بدل من كونه عضواً جديداً بحد ذاته.” كما أشار ناثانسون أيضاً إلى الأوعية الدموية كمثال، إذ تتواجد تلك في جميع أنحاء الجسم، “ولكنها ليست أعضاء.”
وتشير الدراسة الجديدة إلى أن الفراغات الخلالية قد تلعب دوراً مهماً في مساعدة الخلايا السرطانية على الانتشار، ما يحوله إلى سرطان نقيلي. إذ توضح “جمعية السرطان الأمريكية” أنه بإمكان الخلايا السرطانية أن تنتقل إلى أجزاء أخرى من الجسم عند انفصالها عن الورم، وبالتالي قد تتخذ من الفراغات الخلالية قنوات لها.
وعبر الطبيب بيتروس كونستانتينوس بينياس، المؤلف المشارك في الدراسة، عن سعادته بالاكتشاف الجديد قائلاً: “قمنا بوضع أسس لكيفية تفسير انتشار السرطان، والالتهابات، وتندب الأنسجة الضامة. نحن متفائلون أنه من خلال ما تعلمناه، سنستطيع دراسة الفراغات الخلالية واستخدامها لتشخيص الأمراض، بالإضافة إلى توفير علاجات خاصة.”
حل الألغاز القديمة
ويعني الاكتشاف الرائد لهذا العضو الجديد إمكانية حل الألغاز القديمة، إذ كان معلوماً للعلماء أن 20% من سوائل الجسم كانت مفقودةً من العدد الإجمالي، فيما بين الدم، اللمف، المصل، وسوائل الجسم الأخرى، ويقول الدكتور ثييس أن هذا الجزء المفقود وُجد في العضو الخلالي، الذي شكّل حوالي “10 لتراتٍ” من السوائل داخل جسم الإنسان. ويعتقد العلماء أن أحد الوظائف الرئيسية للعضو الخلالي هو امتصاص الصدمات وحماية أجزاء الجسم المتحركة، ويستطرد قائلاً: “إنه يُشبه تماماً في عمله جهاز امتصاص الصدمات، فهو عبارةٌ عن هيكلٍ يحتوي على السوائل ويمتص الصدمات بمرونةٍ، فينضغط ثم يمتلئ مرةً أخرى وهكذا”.
إنّ هذا السائل غنيٌ بالبروتين الذي يصب في الجهاز اللمفاوي، وهو شبكةٌ من الأوعية الدموية التي تحمل اللمف، الذي يتكوّن من سائلٍ يحتوي على كريات الدم البيضاء التي تحارب الأمراض، وهذا يفسر قدرة هذه السوائل المترابطة على توزيع الخلايا السرطانية في جميع أنحاء جسم الإنسان، ويمكن لفهم آلية عمل الجهاز الخلالي أن يسهل على الباحثين محاربة مرض السرطان أيضاً.
ويقول دكتور ثييس: “إذا استطعنا المضي قدماً وتحديد الآليات التي تسمح للخلايا بالمرور، فسوف نتمكن من التفكير في طرقٍ للتدخل في ذلك،. كما ادّعى أيضاً أن التعمق في دراسة العضو الخلالي وآلية عمله سيساعد أيضاً في إبطاء أو منع هجرة الخلايا السرطانية، بالإضافة إلى احتمالاتٍ غير محدودةٍ من الفوائد.