الدهون النباتية والفواكه ومنتجات الألبان.. خريطة الوقاية من أمرض العظام.. بالغذاء
توصلت دراسة حديثة أُجريت مؤخرا “بالمركز القومي للبحوث” بالقاهرة، إلى أن للبرتقال والليمون فوائد كبيرة في علاج هشاشة العظام, وذلك لارتفاع محتواهما من المركبات “الفلافونويدية” والتي لها تأثير مماثل لهرمون “الأستروجين”, و تلعب دورا إيجابيا في الحد من هدم العظام، كما تساعد في رفع مستويات الكالسيوم بالدم, وتعمل كمضادات للأكسدة.
واعتمدت الدراسة علي استخلاص المكونات الطبيعية للموالح ومنها البرتقال والليمون، لمعرفة مكوناتها بالطرق الضوئية الحديثة، ووفق الدكتورة هويدا إبراهيم عبد الله – الباحثة بقسم كيمياء المركبات الطبيعية بالمركز – فإن التجارب المعملية أظهرت أن تناول مستخلصات أوراق وقشور الليمون والبرتقال أسهم في رفع مستوي الكالسيوم في الدم، في حالات هشاشة العظام، لارتفاع محتواها بالمركبات “الفينولية” مثل: “الكيرستين” و”الكامفرول” والتي تبين تأثيرها الايجابي في إعادة بناء العظام وتأثيرها المضاد للوهن العظمي وكمضادات للأكسدة, كما أظهرت التجارب أيضا أن العلاج بمستخلصات الليمون والبرتقال له تأثير ملحوظ في زيادة الكثافة المعدنية العظمية بالمساحة الكلية لعظام الفخذ.
وأكدت الدكتورة هناء حمدي أستاذ الهرمونات بالمركز، أن الدراسة أظهرت – لأول مرة- أن تناول البدائل النباتية لهرمون ” الأستروجين ” قد يساعد في خفض عمليات نخر العظام وكسورها، والتي عادةً ما تصيب السيدات بعد فترة انقطاع الطمث نتيجة النقص في هرمون ” الأستروجين ” الأنثوي، ومنها الخضراوات كالبقدونس والبصل لغناها بمركبات “فينولية” تتحد مع مستقبلات “الأستروجين”, ولها تأثيرات بيولوجية مختلفة كخفض إتلاف العظام.
وكانت تجارب سابقة أجريت “بالمركز القومي للبحوث” قد أظهرت أن تناول زيت الثوم مع الكالسيوم وفيتامين “د” يسهم في تحسن حالات مرضي هشاشة العظام, وذلك لاحتوائه علي “الأستروجين” النباتي ومساعدته على امتصاص الكالسيوم في الجسم، وتؤكد الدكتورة جيهان سعيد حسين – الأستاذ المساعد بقسم الكيمياء الحيوية الطبية – أن التجارب الأولية سعت إلي إيجاد عنصر طبيعي وآمن للمساعدة في امتصاص الكالسيوم، وأيضاً تعويض النقص في هرمون “الأستروجين “.
وجاءت نتائج التجارب الأولية, والتي استمرت ثلاثة شهور، لتؤكد أن زيت الثوم يساعد في زيادة امتصاص الكالسيوم من الأمعاء, للاستفادة منه في بناء العظام وتعويض هرمون “الأستروجين”.
الوقاية “بالمكسرات”
في هذا الصدد كشف باحثون في جامعة “بيوردو” الأمريكية أن الدهون الغذائية المعروفة باسم “أوميجا 3” الموجودة في “المكسرات” تلعب دوراً مهماً في الوقاية من هشاشة العظام، في إشارة إلى أن نسبة الأحماض الدهنية الموجودة فيها، تساعد في تقليل مخاطر أمراض ترقق العظام التي تصيب النساء غالبا بعد “سن اليأس”.
وأجرى الباحثون تجربة علي مجموعة من إناث الفئران تم تحفيز إصابتها بأعراض “سن اليأس” عقب استئصال مبايضها، لتتشابه مع النساء في مرحلة انقطاع الحيض، وقدموا للفئران طوال فترة ثلاثة أشهر أطعمة غنية بالأحماض الدهنية المختلفة “ أوميجا6” و”أميجا3″ فلاحظوا أن الفئران التي تناولت أقل نسبة من هذه الأحماض الدهنية كتلتها العظيمة أقل، من تلك التي تناولت نسبة أكبر.
وأوضح الخبراء أن الأحماض الدهنية “أوميجا3” مهمة جداً للكتلة العظمية، في غياب هرمون “الأستروجين” الذي تنخفض نسبته مع انقطاع الدورة الشهرية، كما أن الاستهلاك الكبير للأحماض يساعد علي زيادة إنتاج المركبات المسؤولة عن قوة العظام، في إشارة إلى أن الأحماض الدهنية المفيدة “أوميجا3” توجد في المكسرات وتكثر “أوميجا6” في اللحوم والزيوت النباتية.
ويرى الأطباء أن التعرض لأشعة الشمس يقي من هشاشة العظام، وذلك بجانب تناول الغذاء الصحي المتوازن كالحليب والزبادى والأجبان والأوراق الخضراء مثل الخس والبقدونس والفواكه، مثل المشمش والعنب، وممارسة الرياضة، واستشارة الطبيب لتناول العلاج المطلوب مثل هرمون “الأستروجين” والكالسيوم وبعض الأدوية الأخرى.
ويؤكد خبراء التغذية أن تناول الأغذية الغنية بالبوتاسيوم تقي من هشاشة العظام لدى السيدات، خاصة محبي الأطعمة المالحة، ويوضح الخبراء أن الاحتفاظ بالبوتاسيوم الذي يعادل كمية الكالسيوم التي تُفقد في البول نتيجة تناول الأطعمة المالحة، يلعب دورا مهما في تمكين الجسم للمحافظة على كتلة العظام، ويمنع تآكلها بمعدل سريع .
علامات “الهشاشة”
“هشاشة العظام” هو المصطلح الطبي الذي يطلق على الضعف الذي يصيب العظام فتفقد صلابتها، وأولى علامات الإصابة بهذا المرض ظهور آلام في الظهر وصعوبة في الوقوف أو العدو، كما يزيد هـذا المرض من مخاطر تعرض العظام للكسر.
ويُشخص هذا المرض بوسائل متعددة مثل الأشعة التشخيصية لقياس كثافة العظام، والأشعة المقطعية لقياس كثافة وترسب الكالسيوم والموجات فوق الصوتية على الكعبين، وبعض تحاليل الدم والبول.
ويسعى الأطباء والخبراء في مختلفة أنحاء العالم إلى البحث والتنقيب عن وسائل بديلة للوقاية من هذا المرض، بما تحويه الطبيعة من أعشاب ونباتات لاستخدامها في معالجة الأمراض، وذلك لإدراكهم الكامل بمدى خطورة الآثار الجانبية للأدوية، ولما تحتويه من مواد كيماوية خطيرة تؤثر بالسلب على صحة الإنسان.
وإلى ذلك أثبتت دراسة طبية أمريكية حديثة أن الموز والكنتالوب من أكثر الفواكه التي تحتوي على البوتاسيوم الذي يمنع هشاشة العظام لدى السيدات، وأوضحت الدراسة أن الموز والكنتالوب يوجد بهما الكالسيوم وفيتامين “د” الذي يقوي العظام، وخلصت إلي أن الموز يستخدم أيضا في علاج اضطرابات الأمعاء حيث يتميز بقوام طري وسميك يغلف جدار المعدة، ما يقلل من الاضطرابات والحموضة.
وحثت دراسة أخرى أجريت على مجموعة من السيدات في “سن اليأس”، على الإكثار من تناول الخوخ المجفف والذي يساعد في منع الإصابة بهشاشة وترقق العظام، وأشارت النتائج إلى أن الخوخ يحتوي على مركبات “ايزوفلافونويد” التي توجد أيضا في فول الصويا والحبوب، وهذه المركبات تلعب دورا إيجابيا في نمو العظام لدي السيدات بعد انقطاع الطمث.
وأكد الباحثون أن الخوخ المجفف غني بمواد أخرى مشابهة تفيد العظام، فضلا عن احتوائه على المعادن المهمة في عمليات “أيض العظام”، مثل “البورون” و “السيلينيوم” التي أثبتت فعاليتها في المحافظة على الكثافة المعدنية للعظام.
ومن جهة أخرى كشفت نتائج بحث جديد أجري في كندا أن الطماطم تساعد على الوقاية من الإصابة بمرض هشاشة العظام، والمعروف أن الطماطم غنية بمادة “اللايكوبين”، والتي أثبتت الدراسات أن لها دورا في تقليل خطر الإصابة بسرطانات البروستاتا وعنق الرحم والثدي، ولكن البحث الأخير أثبت أن مادة “اللايكوبين” لها دور فعال في الوقاية من هشاشة العظام أيضا، ونصح الباحثون بالحرص على تناول الطماطم سواء كانت طازجة أو ناضجة.
منتجات الألبان
أكدت “الجمعية الألمانية للتغذية” أن تناول قطعتين من الجبن يوميا يساعد على تجنب الإصابة بمرض هشاشة العظام، حيث أكد الخبراء بالجمعية أن تناول 1000 ملليغرام من الكالسيوم يوميا يحمي البالغين من المرض، أما بالنسبة للشباب من سن 13 إلى 19 عاما فيجب أن تزيد كمية تناول الكالسيوم إلى 1200 ملليغرام، بسبب حاجة العظام إليه في فترة البلوغ.
وأضاف الخبراء أن معظم الأشخاص يمكنهم الحصول على هذا المعدل من خلال تناول 60 غراما من الجبن تحتوي على 150 ملليلتر من الحليب منخفض الدهون، كما توجد بدائل أخرى منها 150 غراما من الزبادي أو 200 غرام من البروكلي، أو 500 ملليلتر من المياه المعدنية الغنية بالكالسيوم، وذلك بصورة يومية.
وبالنسبة للأشخاص قليلي الاحتمال لحمض “اللاكتوز” يمكنهم تناول كميات أكبر من الخضروات الغنية بالكالسيوم مثل الكرنب الأخضر، والبروكلي والشمر والسبانخ، والجبن الصلب من أنواع “إمنتالر” أو المنتجات التي تحتوي على اللبن الرائب، حيث يمكن تناولها بكميات قليلة.
ورغم أن مرض هشاشة العظام لا يظهر بشكل واضح لدى المصابين به، إلا أن هناك العديد من العوامل التي تؤدي إلى ضعف العظام واحتمال الإصابة بهذا المرض، واتفق الباحثون على مجموعة من العوامل نذكر منها الآتي:
– عدم وجود عنصر الكاليسيوم وفيتامين (د) في الوجبات اليومية.
ـ التدخين والمشروبات الغازية والمحتوية على الكافيين.
ـ الافتقار إلى النشاط البدني وعدم ممارسة الرياضة.
ـ تناول أدوية معينة مثل “السترويدات” ومضادات التشنج، وكذلك ازدياد نشاط الغدة الدرقية.
ـ العوامل الوراثية مثل إصابة أحد أفراد العائلة بهشاشة العظام.
ـ الدخول المبكر في سن اليأس أو استئصال المبيضين.
ـ الرضاعة لمدة تقل عن ستة شهور.
ـ النحافة أو البنية الرقيقة.
ـ انعدام أو قلة التعرض لأشعة الشمس.
وينصح الأطباء بتلافي تلك العوامل للوقاية من هذا المرض الصامت الذي لا تظهر أعراضه غالبا إلا بعض تفاقم المشكلة، والذي يؤدي إلى العديد من المخاطر الناتجة عن ترقق العظام وضعفها، ما يعرضها للكسور التي تؤدي إلى الإعاقة في أحيان كثيرة.