مقالات

العلاقة بين “طيف التوحد” والنظام الغذائي والسلوك

اخصائية التغذية العلاجية/ وفاء علي الشعبان

اضطراب “طيف التوحد”، أو ASD، هو إعاقة في النمو ناتجة عن اختلافات في الدماغ. وهو حالة تطورية وعصبية معقدة تظهر عادة خلال السنوات الثلاث الأولى من عمر الطفل, إذ يؤثر على وظائف المخ، لا سيما في مجالات التفاعل الاجتماعي ومهارات الاتصال. وغالبا ما يعانون من سلوكيات أو اهتمامات مقيدة أو متكررة.قد يكون لديهم ايضا طرق مختلفة للتعلم أو الحركة او التركيز.

     تشمل الأعراض أيضا: تأخر الكلام -عدم الاهتمام باللعب مع الأطفال الآخرين-ضعف التواصل البصري.لا يوجد سبب معروف لاضطراب طيف التوحد، ولكن يمكن ان يكون للوراثة والبيئة دورًا أساسيا في الاصابة بهذا المرض.

    غالبًا يكرر الأشخاص المصابون بالتوحد نفس السلوكيات ويشتركون في معظم الأعراض. ويمكن أن تؤثر هذه الأنواع من السلوك على عادات الأكل وخيارات الطعام، مما يؤدي إلى العديد من المخاوف الصحية. نظرًا الى ان الأطفال المصابين بالتوحد غالبًا يتجنبون أطعمة معينة ، بالإضافة إلى صعوبة الجلوس في أوقات الوجبات، فلا يحصلون على جميع العناصر الغذائية التي يحتاجونها.

ووفقًا لإحدى الدراسات، أظهر الأطفال المصابون بالتوحد رفضًا للطعام أكثر من الأطفال في مرحلة النمو (41.7٪ مقابل 18.9٪ من الأطعمة المقدمة). وتتفق دراسة أخرى, أن الأطفال المصابون بالتوحد يعانون من مشاكل تغذية أكبر بشكل ملحوظ مقارنة بالأطفال غير المصابين بالتوحد”. هذا يعني أنه إذا كان لديك طفل مصاب بالتوحد ويأكل بشكل سيئ، فأنت لست وحدك. ويمكن أن تؤدي عادات الأكل السيئة إلى مجموعة واسعة من المشكلات الغذائية والتي بدورها يمكن أن تؤدي إلى مشاكل صحية سلوكية وتعليمية.

     لكن يمكن لخطة الأكل المغذية والمتوازنة أن تحدث فرقًا كبيرًا في قدرة الأطفال المصابين بالتوحد، وتزيد من استعدادهم على التعلم، وتجعلهم اكثر قدرة على التحكم في سلوكهم وعواطفهم واستيعاب المعلومات.

العلاجات: 

تتعدد طرق العلاج لمرضى التوحد بحسب ظروف كل حالة، ومن هذه الطرق:

العلاج السلوكي: التركيز على تغيير السلوكيات من خلال فهم ما يحصل قبل وبعد سلوك معين .

العلاج التنموي: التركيز على تحسين مهارات تنموية محددة، مثل اللغة، المهارات الجسدية، أو مجموعة واسعة من القدرات التنموية المترابطة.

العلاج التربوي: يقوم على إعداد الفصول الدراسية ويمكن تدريس السلوك باستخدام المبادئ العلمية.

العلاج الاجتماعي: التركيز على تحسين المهارات الاجتماعية وبناء الروابط العاطفية.

العلاج الدوائي: لا توجد أدوية تعالج اضطرابات طيف التوحد، قد تساعد الأدوية في إدارة مستويات الطاقة العالية، عدم القدرة على التركيز، أو سلوك ايذاء النفس.

العلاج النفسي: يمكن مساعدة المصابين بالتوحد في التعامل مع القلق والاكتئاب ومشاكل الصحة العقلية الأخرى .

العلاجات التكميلية أو البديلة: غالبا ما تستخدم العلاجات لتكملة الأساليب التقليدية، قد تشمل الأنظمة الغذائية الخاصة والمكملات العشبية والعناية بتقويم العمود الفقري والعلاج بالفنون أو علاجات الاسترخاء .

العلاج الغذائي: هناك أدلة متزايدة على أن تدخلات التغذية ونمط الحياة يمكن أن تكون داعمة جداً للأفراد المصابين بالتوحد. على سبيل المثال، يعاني العديد من المصابين بالتوحد من اضطراب شديد في عملية الهضم.

التغذية وتدخلات نمط الحياة

تحسين الهضم: هناك ارتباط بين الاختلالات في تكوين الجراثيم في الأمعاء الغليظة لدى الأفراد المصابين بالتوحد. قد يكون هذا مرتبطاً بأعراض، مثل التهيج، انخفاض القدرة على التركيز بسبب عدم الراحة (الإمساك إو الإسهال). في حين تقتل المضادات الحيوية عند تناولها البكتيريا النافعة والسيئة في الأمعاء، وقد يكون هذا هو السبب في ان الشخاص المصابون بالتوحد، عادة ما يعانون من عدم انتظام  في الأمعاء.

زيادة البروبيوتيك: يمكن البدأ ببساطة تحت إشراف طبيب، وذلك من خلال تكميل إنزيمات الجهاز الهضمي وإعطاء البروبيوتيك لاستعادة توازن بكتيريا الأمعاء. أن وجود بيئة أمعاء متوازنة، يعني وجود الكثير من البكتيريا المفيدة في الأمعاء ومستويات أقل من البكتيريا الضارة.  ويمكن أن تكون مكملات البروبيوتيك مفيدة لزيادة البكتيريا المفيدة في الأمعاء. وينصح بالاكثار من الأطعمة التي تحتوي على الخميرة مثل الكفير kefir .

تكملة انزيمات الهضم تساعد الانزيمات الهضمية على تكسير الطعام وصنع المغذيات أكثر امتصاصاً. ويعتبر الغلوتامين من الأحماض الأمينية المهمة جداً لشفاء الأمعاء لكن يمكن تجنبه في حالة التوحد، لان بعض الأشخاص المصابين بالتوحد يعانون من مشاكل نزع امين البروتين مما يؤدي إلى إنتاج الأمونيا.

-توازن السكر في الدم: تحسين نسبة السكر في الدم هو اعتبار مهم  للأفراد المصابين بالتوحد الذين تظهر عليهم علامات فرط النشاط، وقد كشفت الدراسات أن الأطفال الذين يعانون من فرط الحركة يأكلون سكرا أكثر من الأطفال الآخرين. وعندما يتناول الفرد الكربوهيدرات والسكر بانتظام، والقليل من الألياف والبروتين والدهون، فإن مستويات السكر في الدم سوف ترتفع. وقد يتسبب هذا في تقلبات في مستويات نشاطهم وسلوكهم وتأثيره على وظائف الدماغ.

تحسين توازن السكر في الدم ينصح بتناول المزيد من الاطعمة الكاملة مثل الخضار، الفواكه، الحبوب الكاملة، السمك، اللحوم الخالية من الدهون مثل صدر الدجاج، تناول المكسرات والبقوليات والبذور حيث أنها ستساعد على دعم مستويات السكر في الدم.

-زيادة دهون الاوميغا3: النقص في الدهون الأساسية أمر شائع لدى الأطفال المصابين بالتوحد. ويحتاج الاشخاص المصابون بالتوحد إلى تناول كميات أكبر من الدهون الأساسية، وقد وجد  ان مكمل EPA  يمكن ان يبطئ نشاط الانزيم ويساعد في تحسين السلوك والمزاج والخيال والكلام وأنماط النوم لدى الاشخاص المصابين بالتوحد.  

-زيادة الفيتامينات والمعادن: تعمل مكملات فيتامين ب6 وفيتامين سي والمغنيزيوم على تحسين الأعراض لدى المصابين بالتوحد. وتتوفر هذه العناصر في الخضروات، الحمص، السلمون ،الفلفل، الحمضيات، البروكولي والقرنبيط، المكسرات، البذور،الكاكاو، والحبوب الكاملة، والتأكد من شرب كمية كافية من المياه يوميا لمنع الانتفاخ.

زيادة فيتامين أ: يفتقر الكثير من المتوحدين الي فيتامين أ فهو ضروري لتحسين الرؤية، وحيوي لبناء الخلايا السليمة في الدماغ والأمعاء.  وذلك لأن عدم تناول كمية كافية من الفيتامين يؤثرعلى سلامة الجهاز الهضمي، مما يؤدي الى الحساسية، وأيضا يؤثر على نمو الدماغ والرؤية. ومن أفضل مصادر الفيتامين أ: اللبن واللحوم العضوية ودهون الحليب والأسماك والأطعمة النباتية مثل الجزر والبطاطا الحلوة.

تجنب الحساسية الغذائية: يجب على مرضى التوحد طلب فحص الحساسية الغذائية ومراقبة نوعيات الطعام التي يتناولها المتوحد ومدى تأثيره على سلوكيات الفرد وأعراضها. ويمكن أن يساعد ذلك في تحديد  أي نوع من الطعام يؤدي إلى الحساسية. نظرا لارتباط بعض الأطعمة مثل القمح والألبان والبروتينات (الغلوتن والكازيين) بالتوحد. ويمكن أن يكون لهذه البروتينات تأثير كبير على الدماغ .. كما أن ضعف هضم البروتين ونقص الزنك والفيتامين ب يؤثر أيضا على عدم اكمال عملية الهضم وإنتاج حمض المعدة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى