مقالات

محنة الطفولة في زمن الحرب

من المتعارف عليه ان الحروب والاعتداء والتعذيب والفتك بالآخرين هي سلوكيات بني البشر منذ أقدم العصور.. أما في عصرنا الحالي أصبحت ظاهرة سلوكية طبيعية ومنتشرة بشكل يومي على وسائل الإعلام لدرجة ولد عند أغلب بني البشر كشيء طبيعي وروتين يومي بالتالي خلّف التقاعس والخذلان والانتهاكات الجسدية والنفسية المستمرة في العالم .


هذا ومع زيادة وتيرة التوتر بين الدول اليوم وما تخلفه من حروب مستمرة والتي بدأت تتفاقم لدرجة كبيرة وما تؤدي به هذه الصدامات من تبعات كالحرمان من الرعاية الصحية والاجتماعية والتعليم وآثار نفسية جسيمة التي تتغلغل في أعماق الفرد من نظرته نحو الناس المحيطين بيه والمجتمعات بصورة عامة حيث تشكل الأحداث المفصلية اثناء هذه الحروب تغير عن ما كان عليه الإنسانية سابقاً من هواجس واهتمامات الافراد البعيدين عن منطقة الصراع ومسببه انهيار منظومة التوازن النفسي الداخلي للمعنيين وداخل منطقة الصراع وبالتالي مخلفة بذلك اثاراً متراكمة على مر السنين خصوصاً لدى الأطفال ومع تغير ديموغرافية المجتمعات هذه تظهر اثار التغيرات الداخلية لدى الفرد مستقبلاً على شكل سلوكيات غير مرغوبة وتنافي المجتمع ،


في حقيقة الأمر فإن الدراسات بينت أن الكوارث التي يصنعها الإنسان أشد تأثير وفتكاً ووحشية وقسوة ودماراً من الكوارث التي تسببها الطبيعة كالزلازل والبراكين فالمعاناة تكون اكثر عندما يكون العداء من الانسان نفسه الى أخيه الانسان ، وقد اشارت الدراسات والأبحاث العلمية إلى ان الأطفال هم أكثر الفئات تأثيراً بما تخلفهُ الحروب من أثاراً نفسية وجسدية ، وتظهر هذه الاثار في عدة صور وهي :


1- أحلام مزعجة والفزع الليلي للطفل
2- المعاناة والقلق وعدم الراحة
3- الفوبيا أو الخوف المرضي من الأصوات والظلام .
4- الشعور بالانفصال والغربة عن الاخرين
5- ظهور مشكلات في الكلام كالتلعثم أو الفقدان الوظيفي للكلام .
6- اضطرابات وفقدان الشهية للأكل .
7- تعرض الطفل للانتكاسات الصحية والعقلية
8ـ تناقص ملحوظ في الاهتمام بالنشاطات والهوايات
9 ـ ظهور جفلة غير اعتيادية خاصة عند سماع صوت ما بصورة فجائية
10ـ الابتعاد عن الاخرين والعزلة والانطواء وضعف القدرة على حب الاخرين
11 ـ غضب وهيجان كنوبات مفاجئة مع مصاحبتهما بسلوك عدواني ولفظي وبدني.

دور الأهل


وفي هذا السياق من الضروري التأكيد والحث على دور الأهل في تخفيف الآثار النفسية والسلبية للحروب على الأطفال
وقد أشار الباحثين والاخصائيين النفسيين الى ضرورة ان يكون للأهل دور كبير وفاعل في حماية أطفالهم في حالات الحروب ويمكن ان نلخص دور الاهل في :
1- ان يعمل الأهل دوماً على اشعار أطفالهم بالاطمئنان وعدم تركهم عرضة لمواجهة هذه الظروف لوحدهم .
2- تقديم الدعم النفسي لهم عن طريق الحديث معهم وبشكل متواصل واشعارهم انهم بخير وانه لن يصيبهم اي مكروه.
3- مناقشة الأطفال بما يجري حولهم .
4- اشعار الأطفال دوماً ان الذي يدور من حولهم لا يستهدفهم وانه سيزول .
5 – إجابة عن أسئلة الطفل من أجل التعرف عما يدور في عقلهم وعدم ترك الاسئلة تتراكم في أذهانهم .

الأطفال أمانة

الأطفال أمانة في اعناقنا فهم نعمة كبيرة وزينة الدنيا وبهجتها وهذا ما أكد عليه ديننا الحنيف بقوله تعالى {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا} وقد كان نبينا صلى الله عليه وسلم شديد الرحمة والشفقة والعطف بالصغار بحسن معاشرتهم ويحملهم ويضعهم في حجره ويقبلهم ويعانقهم ويمسح على رؤوسهم وقد نهى عن قتلهم في الحرب بتوجيهاته النبوية فهم أبرياء لا يؤخذون ولا يؤاخذون بتصرفات وسلوك ابائهم وهذا ما يستوجب العمل به .

المصادر:

حامد ، جهاد و أبو حسان وائل (2016) : اضطرابات ضغط ما بعد الصدمة واثاره النفسية والاجتماعية على الطفل الفلسطيني ، الفلسطين .
عبد الجبار ، أسماء( 2015 ) الحروب واثارها النفسية على أطفال محافظة ديالى، مركز أبحاث الطفولة والأمومة ، ديالى العراق.
المساوي ، ادريس (2011 ) الازمات النفسية الناتجة عن صدمات نفسية ، المركز الجامعي للطب النفسي ، دار البيضاء المملكة المغربية .
المالكي ، فاطمة هاشم قاسم (2010) : اضطرابات ما بعد الضغوط الصدمية وعلاقتها بذكاء الأطفال دون سن المدرسة من عمر 4 ـ 5 سنوات ، مجلة دراسات تربوية ، العدد الثاني عشر .

وفاء ال سعدون
ماجستير علم النفس التربوي
عضو ومستشارة نفسية لدى مجلس العالم الإسلامي للإعاقة والتأهيل

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى