حروب الحلاقة بين “جيليت” و”بيك”
تسيطر شركة “جيليت – Gillett” على سوق إنتاج السلع المتعلقة بالحلاقة، حيث تستحوذ على 60% تقريبا من حجم السوق العالمي في هذا المجال.
يأتي هذا بسبب الابتكارات المتتالية التي تقدمها جيليت في السوق، فهي إما أن تطلق أنواعا جديدة من المنتجات، أو تقوم بتطوير منتجاتها الموجود فعلا عن طريق إصافات جيدة متميزة عليها، مما يطيل عمر المنتج ويزداد استخدامه، وهي من طرق التسويق المعروفة لإطالة دورة عمر المنتج (Product Life Cycle Extension).
أيضا احتلت جيليت مكانتها المهيمنة في السوق نتيجة للاستثمارات الكبيرة على الأبحاث العلمية ودراسات المستهلك لمنتجاتها والمنتجات المنتافسة.
هناك 10 آلاف رجل تقريبا يدونون نتائج الحلاقة ويرسلونها إلى شركة جيليت، و 500 من هؤلاء الرجال يحلقون ذقونهم في اماكن مجهزة خصيصا لذلك، وتحت رقابة ومعاينة الأجهزة بما فيها المعاينة من خلال مرايا خاصة وكاميرات فيديو، وأيضا من خلال المجهر الإلكتروني الذي يستخدم لدراسة سطح شفرة الحلاقة وكاميرات صغيرة جدا لتحليل عملية الحلاقة.
يقدم هؤلاء الرجال العدد الدقيق والوصف التفصيلي للخدوش وللجروح التي تحدث في الوجه نتيجة الحلاقة، وفي بعض الحالات يقوم الباحثون بجمع الشعرات التي تم حلاقتها لوزنها وقياسها.
أوضح علماء جيليت أن ذقن الرجل تنمو بسرعة 0.04 سم في اليوم الواحد في المتوسط، وحوالي 14 سم في السنة، وتحتوي ذقن الرجل البالغ المتوسط على 15.5 ألف شعرة، ويفقد الرجل خلال كل حياته حوالي 140 يوما كحد متوسط لإزالة 8.4 مترا من الشعر من وجهه.
تفتخر جيليت أنها أصبحت دون منافسة تقريبا نتيجة لهذه المعارف المتميزة، وما أن يستوعب المنافسون إنتاج نظام جديد للحلاقة، تتقدم جيليت باختراع جديد في المجال.
في عام 1971 أطلقت جيليت نظام “Trac#” وكان النظام الأول الذي يستخدم شفرتين متوازيتين، وفي عام 1985 بدات في إنتاج نظام “Atra-Plus” للحلاقة والذي أضيف عليه خط مزيت (Lubricant Strip) على رأسه لجعل عملية الحلاقة مرنة وناعمة أكثر.
كانت سياسة الشركة هي تطوير الشفرات المتغيرة على ماكينة دائمة، وكانت تقوم دائما بتحسين شكل ومضمون الشفرات والماكينات، ومع إدخال الماكينات الجديدة والتي تتوافق فقط مع شفراتها، استطاعت الشركة أن تزيد من أسعار الماكينات والشفرات الجيدة مع كل عملية تحسين تكنولوجية جيدة عليها، حيث كان من اللازم لمن يريد أن يسنخدم شفرة معينة أن يشتري الماكينة المناسبة لها.
في عام 1975، أطلقت شركة “بيك – BIC” الفرنسية للمرة الأولى ماكينات الحلاقة ذات الشفرات الثايتة والتي تستخدم لمرة واحد فقط، وكانت ماكينة بلاستيكية ذات يد قصيرة مزودة بشفرة واحدة، وتتمتع بسعر منخفض مقارنة بأسعار شفرات وماكينات جيليت، وأطلقت منتجها في أوروبا أولا ثم تبعتها كندا.
أدركت جيليت أن هدف بيك القادم سيكون الولايات المتحدة، السوق الأكبر والأضخم لها في العالم، فأطلقت عام 1976 ماكينات حلاقة لمرة واحدة، وكانت بيد طويلة ومزودة بشفرتين ثابتتين، وكان سعرها أكثر قليلا من سعر ماكينات بيك، لكن أرخص كثيرا من منتحات جيليت نفسها التقليدية، وأسمتها “Good New” أي “أخبار سارة”.
استمرت المنافسة بين جيليت وبيك في مجال ماكينات وشفرات الحلاقة، فطورت بيك منتجاتها لتطلق شفرات ثنائية ثم ثلاثية لتنافس جيليت المسيطرة على السوق، وكانت حيليت ترد دائما بتحسين منتجاتها القديمة و/أو بتقليل أسعارها، وفي نفس الوقت تقدم منتجات جيدة مبتكرة.
النتيجة النهائية أن جيليت مازلت الشركة الأكبر في العالم في مجال منتجات الخلاقة، ليس فقط بسبب مواردها المالية الكبيرة وقدراتها التسويقية العالية، لكن أيضا بسبب دراسات السوق وابحاث التسويق التي تواظب عليها، وايضا بسبب عمليات الإحلال والإبداع والتطوير المتوالية التي تقوم بها.
تعليقي على القصة:
– الإبداع والتطوير من أساسيات عملية التسويق الناجحة.
– دراسات السوق والعملاء مهمة جدا لمعرفة احتياجات العملاء وتقديم ما يسد هذه الاحتياجات.
– عندما تريد أن تنافس الكبير، لا تواجهه مباشرة، لكن ابحث عن ثغرة أو فجوة لا يتواجد بها، كما فعلت شركة بيك.
– عندما تدرك أن المنافس دخل لك من الثغرة التي غفلت عنها، يجب أن تسارع لملئها، مثلما فعلت جيليت بسرعة، حتى لا تتحول الثغرة إلى مواجهة شاملة ومعركة كبيرة، قد تستنفذ قواك. التسويق مثل الحرب .. فيه تخطيط وتفكير ودراسة وإبداع وعمل وجهد، الفرق الوحيد بينه وبين الحرب أنه لا تستخدم فيه أسلحة من أي نوع.