تعليم

“البستنة الحضرية”.. مبادرة تستهدف طلاب العائلات المنخفضة الدخل بتيمور

تحتوي الكثير من المدن في العالم على اختلاف مستويات تقدمه المادي مجتمعات فقيرة ومهمشة، وتظل تلك المجتمعات أحد معضلات نمط “التنمية الحديثة”، وتظل محاولات علاج أعراض التشوهات الناتجة عن ذلك النمط، والتي تتضمن محاولات الأخذ بأيدي سكان تلك المجتمعات، هي طريقة لوضع المساحيق على وجه التنمية الرأسمالية المشوه، لكنها تبقى بلا شك محاولة ضرورية لإنقاذ بعض ضحايا ذلك التشوه.

البستنة الحضرية

من بين المداخل المبتكرة لمحاولات الإنقاذ تلك تأتي تجربة “البستنة الحضرية لطلاب بالتيمورBaltimore Urban Gardening with Students (BUGS)” وهي إحدى مبادرات “مؤسسة الفصول الحية Living Classrooms Foundation” وهي مبادرة تستهدف الطلاب من العائلات المنخفضة الدخل، والتي تعيش في الأحياء المهمشة لمدينة بالتيمور (ولاية مريلاند الأمريكية)، تتضمن برنامجين مستمرين طوال العام، أحدهما لأنشطة ما بعد المدرسة والآخر صيفي، بهدف تمكين وإلهام الطلاب أكاديميا، وإبداعيا، واجتماعيا، وحيث أن الكثير من هؤلاء الطلاب محرومون من المساحات الخضراء، ولا تتاح لهم الفرصة لزراعة غذائهم، كونهم يسكنون من بنايات عامة، يسكنها ذوو الدخل المنخفض.

بيئة تعليمية ديناميكية

يقدم البرنامج خدماته منذ ثلاثين عاما، ويعمل حاليا مع ما يزيد عن 60 من طلبة المدارس من سكان بعض مناطق بالتيمور المهمشة، حيث يستخدم البرنامج أنشطة مثل الطبخ والبستنة وزراعة الخضر والزهور والفنون والحركة الإبداعية ومشاريع ريادة الأعمال لمساعدة هؤلاء الطلاب في زيادة الأداء الأكاديمي في القراءة والرياضيات وتحسين سلوكهم.

ويوفر البرنامج بيئة تعليمية ديناميكية في الفصول الحية بـ”إيست هاربور East Harbour”، مع إمكانية الوصول إلى الأراضي الرطبة الوحيدة في Inner Harbour في بالتيمور. وتوفر نسبة 1: 10 – لكل واحد من الموجهين عشرة من الطلاب – للشباب الاهتمام الوثيق الذي يحتاجونه للنجاح اجتماعيًا وأكاديميًا.

تقوية المجتمعات

وكما قلنا فإن هذه المبادرة هي جزء من أنشطة “مؤسسة الفصول الحية” والتي تعمل على تقوية المجتمعات وحث الشباب على تحقيق إمكاناتهم من خلال التعليم والتدريب العملي، باستخدام الموارد الحضرية والطبيعية والبحرية “كقاعات دراسية حية”. تأسست المؤسسة في بالتيمور في عام 1985، ونمت لتصبح قوة تعليمية واقتصادية تجمع بين واحدة من أروع الأصول في المدينة – مرفأها الجميل والتاريخي – مع بعض أكثر الأصول تعرضًا للإهمال – آلاف الأطفال المشرقين والطموحين والشباب الذين يكافحون من أجل النجاح ضد الصعاب الرهيبة. وما بدأ ببرنامج واحد في مدينة واحدة نما إلى عشرات البرامج في منطقة تشمل الآن واشنطن العاصمة، وفيرجينيا، وميريلاند. وقد طورت المؤسسة كفاءة متميزة في التعلم التجريبي والحرفي عن طريق ما نسميه “التعلم بالممارسة”. تحدث هذه التجارب في العديد من “الفصول الحية” في فروع المؤسسة المختلفة، بما في ذلك المتاحف البحرية والسفن، وفي المجاورات والأحياء السكنية وغيرها من الأماكن حيث تطبق المؤسسة منهج “التعلم بالممارسة” من خلال ثلاثة برامج، برنامج مخصص للروضة والمرحلتين الابتدائية والمتوسطة، وبرنامج الإثراء التعليمي العملي (والذي يأتي في إطاره برنامج البستنة الحضرية)، ويستثمر التراث البيئي والبحري لبالتيمور، وبرنامج للتدريب المهني والتأهيل للوظائف للشباب والأسر ويشمل المهارات الحياتية.

إنقاذ من يمكن إنقاذه

على الرغم من أن أمثال تلك البرامج لا تحل مشكلة نشوء المجتمعات الفقيرة في المدن، إلا أنها تبقى ضرورية لإنقاذ من يمكن إنقاذه من سكان تلك المجتمعات، لكن الذكاء في برامج مؤسسة الفصول الحية هو في أقلمة localization تلك البرامج بما يتناسب مع الميزة النسبية لمدينة بالتيمور التي يعمل بها، وهذا ما تحتاج إليه أو إلى قدر منه على الأقل البرامج التعليمية بشكل عام.

د. مجدي سعيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى