تعليم

من (نظامية بغداد) إلى (القيروان).. تأسيس المدارس في التاريخ العربي والإسلامي

ظهرت المدرسة أول ما ظهرت بخراسان في القرن الرابع الهجري, ثم أسس الوزير نظام الملك وزير ألب أرسلان السلجوقي في بغداد (المدرسة النظامية) في منتصف القرن الخامس, وجعل لها فروعها في نيسابور وبلخ وهراة وأصفهان والبصرة, وكانت (نظامية بغداد) أسبق هذه المدارس من حيث تاسيسها, ثم ان الأميرين, نور الدين زنكي. وصلاح الدين الأيوبي قد أقبلا على تاسيس المدارس بالشام ومصر في دائرة واسعة نطاق, وكانت الغاية منها إيجاد لون من التعليم يفرض مذهب أهل السنة, ويحقق منهج الأشاعرة التى كان يراها السلاجقة والأيوبيون تطبيقاً للدين الصحيح, ولتقاوم ما غرسه الشيعة في نفوس الناس من عقائد , وفي خلال القرن السابع الهجري أسس الخليفة العباسي المستنصر بالله, المدرسة المستنصرية التي تبنت المذاهب الفقهية الأربعة, وكان عمله في هذا تقليداً لمؤسسات نظام الدين.

المدارس ومقاومة التشيع

ولم تتوقف الحركة فى إنشاء المدارس في الشرق العربي, بل امتد تأسيسها إلى المغرب العربي, حيث وجدت هذه المدرسة خلال القرن الخامس الهجري, وقد انشئت في ذلك الوقت لمقاومة ما عساه ان يكون قد تبقى من التشيع, أو ما تسرب منه إلى التعليم بالقيروان, قال وليم مورس (وفي نفس هذا الوقت, تقريباً أي الذي ظهرت فيه المدرسة في المشرق, ظهرت المدرسة في المغرب, وهي تتحلى بنفس الاسم, ولا يوجب هذا الجزم بأن المدرسة المغربية تقليد للمدرسة المصرية, فإن المدرسة المغربية لها مثالها النموذجي المقتبس من المعهد التعليمي الملحق بالزاوية المتولدة عن الرباط, والسابقة لعهد أحداث المدارس), ثم قال: (فالمدرسة التى ظهرت بفاس وتلمسان ما هي إلا تأييد رسمي للمعهد التعليمي الملحق بالزاوية, أو أنها وضع يد الحكومة على التعليم الذي يجب أن يخرج موظفين للحكومة, يعملون على تنفيذ سياسة الدولة.

فالمدرسة إذا من المبنى والنظام نظير الزاوية, إلا انها من حيث النزعة نقيضها, فإذا كانت المدرسة قد خضعت لما يمليه الحاكم, فإن الزاوية قد ورثت الرباط في التحرر من الخضوع للحكام, بل لإخراج طبقة من العلماء تنتصب لمقاومة الحكومة في سياستها عند الاقتضاء.

مقاومة الفقهاء لتأسيس المدارس

وقال جورج مورس لاذي شارك أخاه وليم فى التصنيف لتاريخ المدارس: (من البديهي ان المدرسة اسماً ومسمى انتقلت من المشرق إلى المغرب), ثم انه قارن بين انتصار السنية على الشيعة بمصر بواسطة المدرسة, وبين إنشاء بنى مرين ملوك المغرب الاقصى للمدارس قصد إحياء المالكية, واستئصال جذور المذهب الموحدى المناهض لها, ثم ذكر: ان الفقهاء قاوموا تاسيس المدارس أشد المقاومة, لانها مشبوهة فى نظرهم فهم يتهمونها بإخضاع الدين للدولة.

المدارس مشرقية الأصل

وذهب المستشرق الفرد بيل: (إلى ان المدارس المغربية مشرقية الأصل, وانها ليست تنصيباً رسمياً للزاوية, وان الفقه كان يدرس بها أكثر من الحديث الذي هو صنعة الزاوية), فالزاوية بقيت تزدهر على عهد المدرسة, مما يدل على ان الوظيفتين لاتندمجان ولا تفنيان الواحدة في الأخرى, كما انها وضع مغايرة للرباط, فالرباط شعبي المنهج والبناء, أما المدرسة فتمتاز بمرتبة ارستقراطية في بنائها, تغاير المسحة الديمقراطية فى الزاوية والرباط.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى