زاكرياس يانسن: مخترع المقراب البصري الذي غير تاريخ العلم
“زاكرياس يانسن”, هو صانع نظارات هولندي من ميديلبورخ ارتبط اسمه باختراع أول مقراب بصري. كما زُعم أحيانًا أنه أيضًا أول من اخترع المجهر الضوئي. رغم أن أصل اختراع المقراب وكذلك المجهر محل جدل.
كان يانسن واحدًا من ثلاثة زعموا اختراع المقراب في هولندا سنة 1608 م. في تلك السنة، سجّل هانس ليبرشي أول براءة اختراع لهذا الجهاز في 2 أكتوبر في برلمان هولندا، وبعد أسابيع سجّل جاكوب ميتيوس من ألكمار اختراعه للجهاز. لم يحصل الاثنين على الاعتراف باختراعهما لوجود مزاعم أخرى حول اختراع الجهاز.
تدعم عدد من المصادر اختراع يانسن المحتمل للمقراب، حيث زعم الفلكي الألماني سيمون ماريوس أنه قابل في فرانكفورت في سبتمبر سنة 1608 م رجلاً هولنديًا حاول أن يبيعه جهاز أوصافه تشبه المقراب.
ونظرًا لامتهانه البيع المتجول، قيل أنه من المحتمل أن يكون يانسن ذلك الرجل الهولندي، مما يعني أنه كان يمتلك المقراب قبل شهر من تسجيل ليبرشي براءة اختراعه. في سنة 1655 م، التقى فيليم بوريل الذي كان يتقصي حول الاختراع بابن يانسن يوناس، وانتهى إلى أن جهازه صُنع نحو سنة 1610 م. هناك إدعاء آخر أن يانسن صنع أول مقراب سنة 1604 م، وربما قبل ذلك. وحين خضع يوناس بن يانسن للقسم، قال بأن ليبرشي سرق اختراع والده للمقراب، الذي أنجزه والده سنة 1590 م.
ولد زاكرياس جانسن في هولندا تقريبًا عام 1580، وعاش مع أخته في ميدلبرج – ثاني أكبر المدن في هولندا – واختار لنفسه مهنة صانع للنظارات كوالده، وتوفي 1638 وعلى الرغم من كون حياته قد وثقت جيدًا إلا إن كل ما كتب عنه قد تدمر في الحرائق أثناء الاجتياح النازي لهولندا في الحرب العالمية الثانية.
خلال التسعينيات من القرن السادس عشر عمل صانعي النظارات زاكرياس جانسن وأبيه على تجارب في العدسات، فقاموا بوضع عدد من العدسات في أنبوب واكتشفوا اكتشافًا خطيرًا حيث وجدوا أن الجسم الموجود بالقرب من نهاية الأنبوب قد تم تكبيره بشكل كبير للغاية لا يمكن لأي عدسة مكبرة الوصول إليه، وبهذا خرج أول ميكروسكوب إلى الوجود.
يتكون الميكروسكوب من ثلاثة أنابيب قابلة للطي موجود في نهاية كل منها عدسة، حيث كانت عدسة المجهر العينية عدسة ثنائية التحدب والعدسة الشيئية كانت أحادية التحدب وكان التقريب في هذا الميكروسكوب المحمول يدويًا يتم بإدخال أو إخراج أنبوب من الآخر أثناء ملاحظة العينة، وهذا التصميم يعتبر تصميمًا شديد التعقيد بالنسبة لذلك العصر.
وكان الميكروسكوب الخاص بزاكرياس جانسن قادر على التكبير لثلاث مرات عند طيه بالكامل وإلى عشر مرات عند وصوله لأقصى تقريب، وعلى الرغم أن هذا الميكروسكوب قد يبدو لنا بدائي للغاية إلا أنه كان سببًا في تغيير تاريخ العلم فقد استمر التطور على الميكروسكوبات والذي يعتمد عليها الكثير والكثير من فروع العلم الحديث حتى وصلت قدرة تكبير بعض الميكروسكوبات الآن إلى 1000 مرة.
وللأسف لم يبقى من ميكروسكوبات زاكرياس جانسن أي أثر، إلا أن هناك أحد الميكروسكوبات في متحف ميدلبرج يشتبه في كونه يعود إلى جانسن.
ولا تعتبر الميكروسكوبات هي كل ما ينسب لزاكرياس جانسن من اختراعات، حيث أن اسمه دائمًا ما يذكر من ضمن ثلاثة أسماء ترتبط باختراع التليسكوب في هولندا. وكان زاكرياس جانسن قد عمل على اختراع التليسكوب وصنع واحدًا بالفعل، إلا أن هناك مخترعًا آخرًا كان يسمى هانز ليبرشي – والذي كان يسكن ويعمل بجوار زاكرياس- تقدم بطلب لبراءة الاختراع الخاص بأول تليسكوب قبل جانسن، حول هذا الأمر اختلفت الآراء حيث أن هناك دراسات جزمت بأن جانسن هو من اخترع التليسكوب أولاً ولكن بالطبع فإن المصدر الأساسي للتليسكوب مازال موضع شك.
ما لاشك فيه هو طموح وموهبة زاكرياس جانسن اللذان فاقا الحد، كما لا يمكن الشك في إخلاصه لعمله والذي حوله من مجرد صانع للنظارات إلى مخترع يشهد له العالم بالفضل في تغيير شكل العلم.