جوناه لارسون.. ساحر الكروشيه يمنح إبداعاته لمجتمعه
تفيض قلوب الصغار رحمة في العادة، خاصة إذا لم يقابلوا في سني حياتهم القليلة من يخرج الشيطان من وجدانهم، هذه فطرة الله التي أودعها في عباده، فاستثمروها، ونموها ولا تخرجوا منهم أسوأ ما فيهم.
جوناه لارسون Jonah Larson هذا الطفل البالغ من العمر أحد عشر عاما نشأ يتيما في إحدى دور الأيتام بأثيوبيا، حيث بدأ تعلم فن الكروشيه وهو في سن الخامسة، إلى أن تبنته إحدى الأسر، واستطاع أن يمضي في مسيرته التعليمية.
لكنه إلى جوار تعليمه أتقن الكروشيه من حيث أعقد أعماله، وآتاه الله سرعة فوق المهارة والإتقان، حتى أن أمهر الجدات البارعات في صنع الكروشيه لا يجارينه، وأصبح الكروشيه عشقه، يصنع من البطانيات، والقبعات، والأوشحة والقفازات والمفارش، والحيوانات المحشوة، ويبيع كل ذلك، وله صفحة على الفيسبوك يتابعها أكثر من 70 ألفا، وله العشرات من الفيديوهات على صفحته على اليوتيوب التي يتابعه فيها ما يزيد عن 59 ألف متابع، والتي يشرح فيها لمشاهديه فنون الكروشيه، وله فوق ذلك كتابا ودي في دي عن الكروشيه.
لكن الجميل في قصته أنه يهب لدور الأيتام خاصة تلك التي تربى فيها (مؤسسة روتس إثيوبيا Roots Ethiopia Foundation) من منتجاته، ويخصص قسما كبيرا من أرباحه لها، وللمجتمع المحيط بها، ويساهم في حملات للتبرع لتدبير ما يحتاجه ذلك المجتمع، حتى أنه استطاع جمع تبرع بقيمة 20 ألف دولار لبناء مكتبة في المجتمع المحيط بدار الأيتام، ولتوفير المستلزمات المدرسية لتلاميذ ذلك المجتمع.
يقول جوناه عن الكروشيه فيما نقله موقع “ريتيرن تو ناو Return to Now”: “ذهني مشغول للغاية، وأنا أفكر دائما في طرق لفعل الأشياء بطريقة مختلفة. الحياكة بالنسبة لي، هي وقت هادئ يريح عقلي. ويكمل “يجب أن يكون لدى الجميع شيء يريحهم“.
ويضيف أنه: “بعد يوم شاق للغاية من الفوضى في هذا العالم المزدحم بالدراسة، من الجيد أن أعرف أنه يمكنني العودة إلى المنزل والكروشيه في ركني الصغير من المنزل وأنا جالس بجانب الشخص الذي أحبه أكثر ما أحب: أمي”.
أما عن عطائه لمجتمعه ولدار الأيتام التي تربى فيها يقول: “أريد أن أعطى الأطفال في إثيوبيا الفرصة لإطلاق العنان لشغفهم وإمكاناتهم“.
ترى أي دار أيتام هذه التي أخرجت منه طاقة العطاء هذه، وأي أسرة تبنته وأعطته الحب الذي يستطيع أن يستكمل به رحلته في الدراسة، والشغف والعطاء بحب.
بقلم/ د. مجدي سعيد