تعليم

سر “المعجزة اليابانية”.. تعليم متطور يقوم على البحث والابتكار

التعليم أحد أعمدة وركائز أي نهضة علمية وصناعية وتكنولوجية، وبالتالي بناء الحضارة، كما أنَّ له دورًا بارزًا في إنشائها، فالبعض يرى أن التعليم عبارة عن طالب يجب أن تهيئه التنشئة الأولى على مفاهيم صحيحة، بالنسبة لرسالته في الحياة، وحتى لا يتقوقع في فهم أن التعليم مجرد طريق لكسب وظيفة يتعيّش منها فقط.

والتعليم أيضًا، “عبارة عن مادة معرفية تُسهم في بناء الإنسان، عقديًّا كي يستقيم فكره، وعلميًّا كي يعرف كيف يفكر وكيف يستنبط، وعمليًّا كي يعرف كيف يفيد أمته والبشرية كلها من خير ما عنده”.

ونظام التعليم في اليابان، هو أحد أهم الأنظمة التي أحدثت ثورة تعليمية لا مثيل لها عالميًا وبسبب هذا النظام التعليمي تحققت معجزة التقدم الياباني.. فما هي طبيعة نظام التعليم في اليابان وفلسفته ومراحله؟ هذا ما سنتعرف عليه.

نظام التعليم في اليابان من أنظمة التعليم الذي أثبتت نفسها وبقوة بين أنظمة التعليم الأخرى، حيث إنَّ هُناك نظامًا خاصًا ميّز التعليم في اليابان عن غيره يُعرف بالتعليم بالحشو، وهو عبارة عن: “برامج ودورات تعقدها مراكز تعليمية ومدارس خاصة تعتمد على تكديس أكبر قدر ممكن من المعلومات في عقل الطالب قبل دخوله إلى الامتحانات النهائية المؤهلة للالتحاق بالمرحلة الثانوية والجامعية”، هذه المدارس تخدُم حوالي 36 ألف طالب في المرحلة الابتدائية، وتقدر بحوالي 84 موقعا داخل دولة اليابان، هذه النّوعية من المدارس ظهرت لأول مرة في اليابان منذ أربعة عقود تقريبًا، وحققت هذه المدارس دورًا بارزًا في تأديتها لمهامها، وشكلت ثورة تعليمية لا مثيل لها داخل اليابان حاليًّا.

ميزات التعليم الياباني

النظام التعليمي في اليابان يتميز بنظام المركزية ونظام اللامركزية في التعليم. العمل بروح الفريق الواحد، وروح الجماعة، ونظام المسؤولية الجماعية القائم على التعاون. التّحلي بالجهد والاجتهاد واللذان يُعدان أهم من الموهبة والذكاء. الكم الكبير من المعرفة، بالإضافة إلى ثقل العبء الدّراسي. الحماس الشديد من الطلاب، بالإضافة إلى حماس أولياء أمورهم وتشجيع أبنائهم على التعليم. ارتفاع مكانة المعلم بصورة كبيرة في اليابان.

يمر نظام التعليم في اليابان بالعديد من المراحل التعليمية، ولكُل مرحلة خصائصها ومُميزاتها الخاصة التي تختلف عن المراحل الأخرى، هذه المراحل يتسلسل فيها الطالب مرحلة تلو الأخرى، وفي الآتي بيان ذلك:

1- المرحلة الابتدائية:

المرحلة الابتدائية تُعد من المراحل الأساسية والضرورية في اليابان، ولها العديد من المواد الضروري اليومية، كاللغة اليابانية والحساب والعلوم والمواد الاجتماعية والتربية البدنية والتدبير المنزلي، وعادةً ما يقوم معلم واحد بتدريس المواد كلها للطلاب، باستثناء المواد التي تشمل الموسيقى والفنون والتدبير والمنزلي.

وتفوق نسبة الأطفال الملتحقين بالمرحلة الابتدائية في اليابان نسبة 99% حيث هي مرحلة تعليم إلزامي. يدخل الأطفال عادة المدرسة الابتدائية بعمر 6 سنوات ويعتبر دخول المدرسة الابتدائية من أهم أحداث حياة الطفل له وللأسرة.

ومعظم المدارس الابتدائية في اليابان هي مدارس حكومية ولا يتعدى نسبة المدارس الخاصة 1% حيث أن المدارس الخاصة مكلفة على المدارس الحكومية.

2- المرحلة المتوسطة (الإعدادية):

 أما في المرحلة المتوسطة من مراحل التعليم في اليابان، ففيها يتلقى الطلاب تعليمهم من أجل أن يكونوا أفردًا فعّالين في المجتمع، حيث يتم زراعة هذه الفكرة في أذهانهم، ويقوم كل معلم بتدريس مادة تخصصه في هذه المرحلة.

تمتد فترة المدرسة الإعدادية لثلاث سنوات من الصف السابع إلى الصف التاسع وهي ضمن فترة التعليم الإلزامي، حيث يتراوح أعمار التلاميذ بين 12 إلى 15 عام.

ومعظم المدارس الإعدادية هي مدارس حكومية، ولا تتجاوز نسبة المدارس الخاصة 5% وذلك بسبب ارتفاع كلفتها التي تبلغ حوالي 5 أضعاف كلفة المدارس الحكومية.

ويقوم المعلمون بتدريس المواد حسب الاختصاص، وأكثر من 80% منهم هم خريجي كليات جامعة ذات فترة 4 سنوات تعليمية. يحدد مدرس مسؤول عن كل صف، إلا أنه يكون مسؤول عن تدريس مادة اختصاصية لذلك يمضي وقته في التنقل بين الصفوف لتدريس مادته الاختصاصية ويمضي الوقت المتبقي في متابعة أمور طلاب صفه .

3- المرحلة الثانوية:

هذه المرحلة تضُم خريجي التعليم المتوسط الإلزامي، وذلك بعد أن يجتازوا اختبارات القبول لإحدى المدارس الثانوية التي يرغب الطالب بالالتحاق بها، هذه المرحلة يتعلم فيها الطالب مجموعة من المهارات الأساسية والمعلومات المُختلفة التي تُمكنهم من خدمة مُجتمعهم، وإيصال الرسالة التي من الواجب تقديمها للدولة، كالمقررات الزراعية والتجارية وإلى غير ذلك.

وتبلغ نسبة المدارس الخاصة الثانوية حوالي 55% ولا يوجد أي مدرسة ثانوية مجانية سواء كانت خاصة أم حكومية. تبلغ كلفة التعليم الوسطية للطالب الواحد في المرحلة الثانوية حوالي 300 ألف ين ياباني سنويا في المدارس العامة, وضعف ذلك المبلغ في المدارس الخاصة.

4- المرحلة الجامعية

هذه المرحلة تتميز كونها هيئة أبحاث وليست هيئة تعليمية، ويتقدم إليها خريجو الثانوية العامة بعد خضوعهم واجتيازهم لاختبارات قبول الجامعة التي يرغب الطالب الانضمام لها، وليس بناءً على مجموع الدرجات النهائي الحاصلين عليه في الثانوية العامة، وللجامعات دورٌ بارز في تنمية قدرات الطلاب التطبيقية والمعرفية والتربوية والأخلاقية، ويقوم الطلاب بإجراء العديد من الأبحاث المتنوعة؛ لأن الجامعة هيئة أبحاث وليست مجرد هيئة تعليمية فقط.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى