بعضها يمتنع عن الطعام 48 شهراً.. الحيوانات والزواحف أيضا.. تصوم!

يمتنع بعض الحيوانات والزواحف عن تناول الطعام والشراب كنوع من الصيام، مرغماً، أو باختياره الحر، كما يفعل ثعبان “البوا” الذى قد يصوم لمدة 4 أعوام متصلة إذا لم يجد أي فريسة!

ولكل واحد من مخلوقات الله أسبابه الوجيهة للصيام، فهناك من يصوم فى فترة التزاوج وهناك من يفعل ذلك عندما يهاجر من مكان إلى آخر، وكل هذه الأنواع من الصوم اضطرارية، يضاف إليها الصيام الفسيولوجى الذى تلجأ إليه السلاحف البرية والدببة والزواحف عندما تعيش فترة بياتها الشتوى لمدة سبعة أشهر، تبدأ فى أكتوبر وتنتهى مع شيوع الدفء خارج كهوف البيات الشتوى فى منتصف أبريل من كل عام.

لكل واحد من مخلوقات الله أسبابه الوجيهة للصيام، فهناك من يصوم فى فترة التزاوج وهناك من يفعل ذلك عندما يهاجر من مكان إلى آخر

صيام الثعابين والجمال

يستطيع ثعبان “البوا” الذي يعيش فى مدغشقر، تحمل الجوع لفترات تصل إلى 48 شهراً، وفى الوقت نفسه هناك أنواع شرهة من الثعابين، لا تتورع عن أكل بنى جنسها إذا كان هناك شح فى الغذاء، ويرتبط صيام الزواحف بهجرة الطيور من أوربا إلى المناطق الدافئة.

ويرتبط التزاوج لدى بعض الحيوانات الثديية بصيامها، فالذكر فى عائلة السباع يختلى بأنثاه فى مكان بعيد من بقية أفراد القطيع لمدة خمسة أيام متصلة، ينقطعان خلالها عن الطعام لينضما إلى القطيع بعد ما تكون الأنثى حاملاً.

وبجانب صيام الكباش والأيائل والتياتل، فإن الحيوانات المجترة كالجمل تعد من الكائنات المشهورة عنها الصوم، ففى أثناء الترحال أو القحط الصحراوى لا يتناول الجمل أى طعام لأنه يختزنه على هيئة دهون فى سنامه.

وهناك حيوان الفقمة الذى يصوم منذ منتصف شهر مايو إلى آخر يوليو، وطوال هذه الفترة يظل ساهراً ثم ينام ثلاثة أسابيع متواصلة يعود بعدها إلى طعامه وشرابه.

وإذا كان فى المرض رخصة لإفطار الإنسان، فإن الكلب إذا أصيب بجرح أو كسر أو مرض يلجأ إلى الصيام، وإذا أصابه حزن أو غم على فراق قرين له بالموت، فإن أسهل الطرق للخلاص من الحزن أو التعبير عن ألم الفراق هو الصيام.

لحيوانات المجترة كالجمل تعد من الكائنات المشهورة عنها الصوم، ففى أثناء الترحال أو القحط الصحراوى لا يتناول الجمل أى طعام لأنه يختزنه على هيئة دهون فى سنامه

وفى مشهد طريف يعكس حجم التعاون بين أنثى وذكر البطريق، فإن الأنثى التى تضع بيضة واحدة وزنها 450 جراماً، تنقطع للرقاد على البيضة بين 45 و50 يوماً، تكون خلالها فى حالة صوم كامل، وبعد انتهاء فترة الحضانة تنطلق الأنثى إلى البحر باحثة عن الطعام تاركة البيضة فى حماية ذكرها، وعقب غياب يدوم 70 يوماً تعود الأنثى إلى مستعمرة البطريق، وتتعرف إلى ذكرها عن طريق تمييز صوته، ويتبادل الكائنات موقعهما بعد العودة، فيسعى الذكر تجاه البحر بعد صيام دام حوالى ثلاثة أشهر، وبعد ما يكون قد فقد من وزنه 40 فى المئة.

الأسماك أيضاً تصوم!

وفى البحار يكون التوالد أو الهجرة دافعاً قوياً لصيام الأسماك، وهى تصوم تماماً عن الطعام فى وقت يسبق موسم التوالد الذى يمتد شهوراً عدة، وهو ميعاد ثابت لا يتغير، ويرتبط بدرجة حرارة المياه أو شدة الضوء، فالأسماك تكتفى بما تختزنه من دهون فى جميع أجزاء جسمها بما يكفيها للبقاء على قيد الحياة، حتى يتم موسم التزاوج والتوالد وإنتاج ونمو الخلايا الجنسية من دون الحاجة إلى طعام.

فى البحار يكون التوالد أو الهجرة دافعاً قوياً لصيام الأسماك، وهى تصوم تماماً عن الطعام فى وقت يسبق موسم التوالد الذى يمتد شهوراً عدة

ومن هذه الأنواع “ثعبان السمك” الذى يظل صائماً لمدة ثلاثة أشهر، ويستعين هذا النوع من السمك بالدهون المختزنة فى جسمه لتكوين خلاياه الجنسية، والسفر فى رحلة طويلة شاقة يقطع خلالها البحر الأبيض المتوسط من شرقه إلى غربه، وصولاً إلى المحيط الأطلنطى عبر مضيق جبل طارق ليحدث التوالد على السواحل الشرقية للولايات المتحدة الأمريكية بعد رحلة تقارب أربعة آلاف كيلو متر وعادة ما يموت الآباء فى أماكن التوالد ليعود الصغار إلى موطنهم الأصلى.

وتزداد جودة الأسماك عموماً فى هذا التوقيت لنظافة أحشائها من بقايا الطعام ومثلما يكون الصيام وسيلة للإنسان للتخلص من الشحوم، فإن سمك السلمون يتخلص من الدهون الزائدة فى جسمه أثناء هجرته من البحار إلى الأنهار، وبوصوله إلى نهاية الرحلة يكون قد تخلص من حمولته الزائدة من الشحوم، ما يساعده فى الحركة عكس اتجاه مجارى الأنهار لمسافات طويلة.