العالم يقرأ

كيف تكون باحثًا: دليل إستراتيجي للنجاح الأكاديمي لـ “جوناثان إستي بي تي إيفانز”

يُقدم كتاب (كيف تكون باحثاً.. دليل استراتيجي للنجاج الأكاديمي) How to Be a Researcher: A strategic guide for academic success للبروفسور “جوناثان إيفانز” دليلاً إستراتيجياً لإدارة مِهْنة البحث النَاجحة في البيئة الجامعية. ويُعطيَ نصائح عملية، وتوجيهات فلسفية، ونِقاشات حول الأبحاث الأكَّاديميَّة ذات الإطار السياسي، بالاستناد إلى تجاربَ شخصيَّةٍ وهذا الكتاب ليس كتاباً عن طُرق البحث، ونادراً ما يتمُّ مُناقشةُ موضوعاته التي يُتَطَرّق إليها في أيِّ كتابٍ آخرَ. ويُعطي الجُزء الأكبر من الكتاب نصائحَ عمليَّةً عن تطوير المَهارات الأساسيَّة، والمناهج الإستراتيجيَّة.

الكتاب يجب عن مجموعة من الأسئلة الهامة مثل:

كيف تُطَوِّر النَّظريَّة؟ كيف تُقَرِّرُ الموضوعاتِ التي تعملُ عليها؟  كيف تقْرَأُ الأبحاث السَّابقة وتراجعُها؟ كيف تدمج النَّشاط البَحْثِيِّ مع النشاط التَّدريسي؟ كيف تحصل على تمويل البحث وتديره؟ كيف تعالج تَصْمِيمَ البحث؟ كيف تتعاون تعاوناً فعَّالاً وتشرف إشرافاً فعَّالاً؟ كيف تكتب بحثك؟ كيف تُؤَمِّنُ أفضل مصادر للنَّشر؟

الكتاب يعد مرجعًا علميًا لطلاب الدراسات العليا والأكاديميين في إعداد الأبحاث العلمية على اختلاف مراحلها وطرقها ومناهجها.

ما يميّز هذا الكتاب عن باقي الكتب التى تناولت مثل هذه المسائل هو أنّه من تأليف “جوناثان إيفانز” والذي عَمِل في مجال التدريس الجامعي لفترة تزيد عن أربعين سنة، بالإضافة إلى نشاطه البحثي المتميّز في الإشراف على رسائل الماجستير والدكتوراه والنشر العلمي والتأليف.

الكتاب عصارة الخبرات الممتدة في ميدان التدريس الجامعي، والجهد المثمر في العمل البحثي في مختلف مراحله؛ لذلك فهو يقدّم نصائح علمية وعملية مفيدة جدًا للأكاديميين والباحثين على حدّ سواء. سيجد الأكاديمي موضوعات هذا الكتاب مشابهة جداً لمسيرته الأكاديمية، ابتداءً من متابعة دراساته العليا في مرحلة الماجستير ثم الدكتوراه وانتهاءً بانخراطه في الإشراف على طلاب الدراسات العليا والعمل البحثي الذي يتكلل بالنشر ومشاركة نتائج أبحاثه.

يتألّف الكتاب من مقدمة للمؤلف وقسمين. يتطرّق المؤلف في المقدمة إلى موضوع الكتاب وبنيته، بالإضافة إلى تقديم شكره وامتنانه لكل من ساهم في هذا العمل. أما القسم الأول من الكتاب الذي يحمل عنوان “نصائح” فيضم سبعة فصول هي على الترتيب: الدراسة وأصل الأفكار، والبحث والتدريس، وتصميم البحث التجريبي، وتطوير النظريات وأنواعها، وطرق اختبارها، والتعاون والإشراف بين الباحثين، ونشر الأبحاث. يؤكّد الفصل الأول على أنّ الدِّراسة العلميَّة مَهَارة أساسيَّة، تتكوّن من القُدْرَةِ على القراءة، والاستيعاب بالإضافة إلى فهم كَمٍّ كبير من الدِّراسات الأكاديميَّة فهمًا نظريًّا.

وعلى الرغم من أنّ المعرفة ذاتية إلى درجة ما، إلا أنّ البحث الأكاديميّ يهدف إلى تطوير العلوم والمعارف لخدمة الإنسانية جمعاء، وليس الفرد فحسب. يَعُدّ المؤلّف مراجعة الدراسات السابقة مهمة لأنها لاتصف حقائق معلومة فحسب بل تخدم الهدف العام للبحث من حيث كتابتها وتحليلها وتركيبها وتنظيمها. ويختم هذا الفصل بالقول “إنَّ أصل الأفكار شيءٌ غامض، إلَّا أنَّ قراءة الدِّراسات السَّابقة، وإجراء الدِّراسات التَّجريبيَّة سيولِّد” أفكارًا جديدة.

بين التدريس والبحث

يركّز الفصل الثاني على أهمية البحث والتدريس، وضرورة الموازنة بينهما من قبل الباحثين الذين يقضون وقتاً كثيرًا في التدريس في المرحلة الجامعية الأولى. ويذكّر المؤلف الباحثين بألا يهملوا نشاطهم البحثي أثناء انشغالهم في التدريس، فالتَّدريس والبحث نشاطان مكمِّلان لبعضهما، وينبغي أن يفيد الواحد منهما الآخر. ويرى المؤلّف أنّ ربط النَّشاطين (التدريس والبحث) يشكّل الدِّراسة العلميَّة؛ إذ يُجْبِرُ التَّدريس الباحث على القراءة أكثر فأكثر؛ لأنَّه يمتاز بتركيز أعمَّ وأشمل من البحث.

ويمكن لمثل هذه القراءة أن تولّد أفكارًا جديدةً، أو أن تقود إلى اكتشاف روابط بين موضوعات مختلفة يمكن توظيفها في كتابة بحثٍ علمي. ويقول المؤلّف في هذا الصدد: ” إنّ دمج بعض من دراساتك البحثيَّة في التَّدريس فكرة جيِّدة، الطلاب يحبُّون ذلك، وهذا بدوره يمنحك فرصةً لإعطاء الطُّلَّاب أفكارًا حول عمليَّة البحث العلميَّة.

استراتيجية تصميم الأبحاث

ثم ينتقل المؤلّف إلى الفصل الثالث لمعالجة موضوع استراتيجية تصميم الأبحاث التي تمنح الباحث خيارات عديدة بمجرّد تحديد سؤال البحث المركزي. تتطلّب خيارات تصميم البحث الجيدة الإجابة على أسئلة محدّدة ذات اهتمام علميّ. وهذا يعتمد بدوره على الدِّراسة والإبداع وتطوير النَّظريَّات التي قد تكون تجريبية أو ترابطية أو تشاركية. ويمكن تقييم التصاميم البحثية من خلال عدة عوامل مثل الصدق الدَّاخليّ، والقوَّة الإحصائية، والتَّكلفة والأخلاق المهنية وغيرها.

تمويل الأبحاث والدراسات

أما الفصل الرابع  من الكتاب فيتناول الأبحاث والدراسات البحثية الذي يعدّ أمرًا صعبًا ومحبطًا لدى معظم الباحثين الأكاديميين، لاسيما حديثي العهد بكتابة الأبحاث وإجراءات النشر العلمي.

تشكيل نظريات جديدة

أما الفصل الخماس فيعالج قضية تطوير النظريات الموجودة في الأصل، وموضوع تشكيل نظريات جديدة. عادة ما يقوم الباحثون حديثو العهد بمهنتهم وبالبحث العلمي باختبار نظريات موجودة ومنشورة في أبحاث غيرهم، وهناك باحثون يعتمدون على هذه الطريقة طيلة حياتهم المهنية والبحثية، ولا ضير في ذلك؛ فيصممون أبحاثًا تركّز على اختبار نظريات منشورة وتطويرها من خلال إسهاماتهم فيها.

التعاون والإشراف

الفصل السادس من الكتاب فقد جاء بعنوان “التعاون والإشراف” حيث يؤكد على فوائد التعاون في ميدان الأبحاث العلمية التجريبية بين مختلف الباحثين، والإشراف المشترك من قبل الباحثين على رسائل الماجستير والدكتوراه. ويحثّ المؤلّف الباحثين الأكاديميين على تأطير هذا التعاون في مجموعات بحثية ذات اهتمامات مشتركة في مكان واحد، أو في عدة أماكن مختلفة وبعيدة من خلال التعاون عن بُعد.

التواصل بالبحث

أما الفصل السابع والمعنون بـ”التواصل بالبحث” من خلال النشر. ولكن قبل نشر البحث لابد من كتابته بطريقة أكاديمية تستوفي عناصر البحث الجيد ومتطلباته العلمية. تختلف الكتابة الأكاديمية العلمية عن الكتابة العادية من حيث اللغة والدقة والتركيب. كما أنّ مهارات العرض الشفهي مهمة جدًا للباحثين الجُدد، لا سيما في المؤتمرات العلمية وورش العمل والندوات العلمية.

يعتقد المؤلّف أنّ أبحاث المجلات العلمية التجريبية أصعب أنواع الأبحاث لأنها تحتاج إلى دقة في التعبير ومنهجية علمية سليمة تقود إلى نتائج منطقية. تخضع الأبحاث في العادة إلى مراجعة علمية دقيقة من قبل باحثين تختارهم المجلة من ذوي التخصص لا يعرفون الباحث، وليسوا على اتصال معه بأي طريقة، لضمان موضوعية حكمهم ونزاهته.

تحذيرات

ويذكّر المؤلّف الباحثين والأكاديميين بضرورة الحذر من المجلات المشبوهة والمزيفة التي زادت مؤخرًا بفضل التكنولوجيا الحديثة. وأحيانًا تتم دعوة الباحثين حديثي العهد بالبحث العلمي إلى المشاركة في كتابة فصل ما في كتاب ما، وهذه فرصة ثمينة للباحثين الجدد لممارسة مهارات بحثية ذات صلة بتخصصهم ومجالات بحثهم واستعراض ملكة الكتابة لديهم.

يضُمّ القسم الثاني الذي أعطاه المؤلف عنوان “فلسفة الأبحاث وعلم نفس الأبحاث” فصلين (هما الفصل الثامن والفصل التاسع) وأفكارًا ختامية عن العمل البحثي. ويتطرّق إلى مسألتين مهمتين هما اختبار الفرضيات والاستدلال الإحصائي، بالإضافة إلى المنطق وأنواعه والاستنتاجات والانحياز المعرفي وأنواعه أيضاً التي تؤثر على نتائج البحث والدلالة الإحصائية وتفسيرها ومدى ثباتها وصدقها وضرورتها في المقام الأول.

حول المؤلف:

جوناثان سانت بي تي إيفانز أستاذ فخري في علم النفس المعرفي بجامعة بليموث بالمملكة المتحدة. عمل لسنوات عديدة في علم نفس التفكير والاستدلال واتخاذ القرار، وكتابة العديد من المقالات وعدد من الكتب حول هذه الموضوعات.

ركزت أعماله السابقة على التحيزات المعرفية والآثار المترتبة على العقلانية البشرية. في الآونة الأخيرة، كتب على نطاق واسع حول نظرية العملية المزدوجة، التمييز بين التفكير الحدسي والتفكير التأملي. في كتاب صدر عام 2010، ربط هذين العقلين في الدماغ البشري بأصول تطورية متميزة.

معلومات الكتاب

الكتاب: “كيف تكون باحثًا: دليل إستراتيجي للنجاح الأكاديمي”

المؤلف: جوناثان إستي بي تي إيفانز

الناشر: Routledge

تاريخ النشر: 8 سبتمبر 2015

عدد الصفحات: 174 صفحة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى