العالم يقرأ

“أنا المواطن”.. وفضيلة توثيق الخبرات والتجارب

الكثيرون منا يخوضون التجارب الطوال في مجالات عدة، ويتعلمون من تلك التجارب خبرات عديدة، وكما يقولون فإن “الحركة بركة”، وخير الحركة ما كان في أوساط الناس، ريادة في مجتمعاتهم، تنفعهم وتتعلم منهم دروسا وتخرج بتأملات، لكن خلاصات هذه التجارب وتلك الخبرات والتأملات، تبقى حبيسة الأدمغة حتى يسود حبرها الصفحات، لتلهم الناس وتجعلهم يتأملون وتنطلق أفكارهم إلى عنان السماء، وربما يتحركون، ومن ثم يتعلمون، فتتضاعف البركة.

أنا المواطن I, the citizen” هو أحد كتابين يحملان خلاصة خبرات دكتور راماسوامي بالاسوبرامانيام (أو دكتور بالو Balu)، وهو في الأصل طبيب من مواليد عام 1965، ناشط وباحث وكاتب في مجال التنمية والسياسات العامة، اشتهر بأعماله الرائدة في مجال التنمية مع السكان الريفيين والقبليين في ساراجور، بالقرب من ميسورني كارناتاكا، بالهند. أسس حركة سوامي فيفيكاناندا للشباب (SVYM)، وهي منظمة تنموية مقرها في ساراجور وذلك عندما كان في التاسعة عشر من عمره.

وبعد أن أمضى 26 عاما في العمل التنموي بين الناس في المناطق الريفية والقبلية، واصل دراسته الأكاديمية في مجالات القيادة، والتطوير التنظيمي والسياسات العامة. شغل منصب أستاذ فرانك هـ. تي. رودس في جامعة كورنيل بين عامي 2012 و2014، ولا يزال يشغل مناصب أكاديمية في جامعات أخرى. وهو أيضاً رئيس حركة أبحاث ومناصرة القواعد الشعبية (GRAAM) في معهد فيفيكاناندا لتطوير القيادة، في ميسور.

نشر كتابه “أنا المواطن” عام 2015، وهو رحلة شخصية للدكتور بالو في قطاع التنمية الريفية حيث خاض على مدى أكثر من ثلاثين عاما من حياته حربا ضد الفقر، ومن أجل نشر التعليم والرعاية الصحية ومحاربة الفساد على المستوى المحلي، وصاغ ذلك كله في شكل نوادر من حياته تلك. يتناول الكتاب مواضيع تغطي التنمية والحكم والديمقراطية وإشراك المواطنين ومحاربة الفساد. كل فصل منه في شكل حكاية تحث القارئ على طرح الأسئلة الأساسية.

ومع التقدم في الكتاب، نتعرف أكثر على حياة الدكتور بالو، والدروس التي تعلمها من خلال عمله التنموي مع قبائل جنوب الهند وجهود إشراك المواطنين، حيث يأخذك الكتاب من أدغال هيجادادفين كوت Heggadadevenkote إلى شوارع بنجالورو المزدحمة، ويثريك برؤى عميقة عند الانتهاء منه، والكتاب مكتوب بأسلوب سهل القراءة، مما ساعده في الوصول إلى جمهور أوسع.

وقد اشتهر الكتاب عالميا، ونقل عنه واستشهد به على نطاق واسع من قبل الأكاديميين والباحثين في قطاع التنمية في جميع أنحاء العالم، وتم نشره من قبل مطبعة جامعة كورنيل المرموقة، في الولايات المتحدة كإصدار دولي. لكن قلة قليلة من الناس التي تعرف أن الأموال المخصصة لنشره قد تم جمعها بالكامل عن طريق التمويل الجماعي.

واستمرارا في توثيق خلاصات تجربته في الريادة الاجتماعية، يستعد اليوم الدكتور بالو لكتاب جديد بعنوان “أصوات من القواعد الشعبية Voices from the Grassroots“، ويعتزم توظيف التمويل الجماعي مرة أخرى للوصول إلى الناس في جميع أنحاء العالم. وهو كتاب يتنقل بين قصص حقيقية وروايات عن القواعد الشعبية. ويهدف الكتاب، كما يوحي اسمه، إلى جعل أصوات الأشخاص العاديين تتحرر وتسمع.

لا تكف قصص الريادة الاجتماعية القادمة من جنوب العالم عموما، ومن الهند خصوصا عن إدهاشي، ولا يكف حرص أصحابها على توثيقها، وإخراجها للناس عن إدهاشي أكثر وأكثر، وهو ما يستدعي من شبابنا الذي يحمل روح الريادة الاجتماعية على النظر جنوبا وشرقا، بدلا من النظر فقط شمالا وغربا.

د/ مجدي سعيد

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى