العالم يقرأ

كتاب جديد للفيزيائي الأمريكي “فرانك ويلتشيك” يقدم 10 نصائح لفهم الواقع البشري ويكشف عن فقر الخيال ونقص المعرفة

صدر مؤخراً أحدث مؤلفات الفيزيائي الأمريكي الكبير, الحاصل على نوبل في الفيزياء, وفيصل فى العلوم, “فرانك أنتوني ويلكزك”. “الأساسيات: 10 مفاتيح للواقع”, يقدم 10 نصائح لفهم الواقع البشري ويكشف عن فقر الخيال ونقص المعرفة

يعود “ويلكزك” لإمتاع القراء حول العالم بكتابه الجديد الذي نُشر طلع هذا العام  2021. ويواصل مشروعه الكبير في جعل الفهم العام للمفاهيم الأساسية التي يقوم عليها وجودنا البشري، دعامة أساسية للثقافة العامة التي ما عادت محض خزان معلوماتي بقدر ما برهنت على أهميتها الاستراتيجية في الارتقاء بالحياة البشرية ووضع الفرد في سياق دوره المجتمعي؛ إذ لا يمكن أن نتوقّع دوراً دينامياً للفرد في مجتمعنا المعقّد بكل ما يواجهه من تهديدات مربكة، من غير فهم رصين لأساسيات العلم الفيزيائي.

مولودٌ ثانية

فى قرأتها لهذا الكتاب الرائع تقول الكاتبة والروائية والمترجمة العراقية لطيفة الدليمي: يبدأ الكتاب بتقديم ذي عنوان ينطوي على قصدية واضحة “مولودٌ ثانية”، وهي إشارة إلى أن فهم التفاصيل العلمية الخاصة بالمفاهيم الأساسية التي يتأسس عليها الكون والوجود البشري، وبكل حمولتها الفلسفية، إنما يمثل انعطافة مفصلية يمكنها إعادة تشكيل نظرة الفرد تجاه الوضع البشري بالكامل.

تعقبُ التقديم مقدّمة ذات جمال فلسفي أخّاذ، ثم يواجهنا المتن الرئيسي للكتاب، الذي جعله ويلتشيك في قسمين رئيسيين اثنين:

القسم الأول: عنوانه “ما الذي يوجد هناك”، ويتناول فيه الكينونات الموجودة في الكون، ويلاحظ أن المؤلف يستخدم أسلوباً سردياً لم نعهده في الأدبيات الفيزيائية السابقة التي تناولت تأريخ العلم وفلسفته؛ فهو يوظف منطق الكثرة والقلة في توصيف هذه الموجودات الجوهرية: الكثير من الفضاء (Space)، الكثير من الزمن، القليل من المواد الأساسية المشكّلة للكون، القليل من القوانين، الكثير من المادة والطاقة.

القسم الثاني: عنوانه “بدايات ونهايات”، ويتناول فيه المؤلف الموضوعات الأساسية التالية: “التاريخ الكوني كتاب مفتوح»، و”انبثاق التعقيد”، و”الكثير من الأشياء الإضافية التي ينبغي علينا توقعها”، و”الغموض سيبقى ملازماً للوجود البشري”، و”مفهوم التكاملية يوسّع العقل”.

يختتم المؤلف كتابه بحصيلة ختامية يقدّم فيها رؤيته الفلسفية لرحلتنا البشرية في هذا الكون والسيناريوهات المتوقعة لها.

فرانك أثناء تسلمه جائز الملك فيصل

نظرية التعقيد

تضيف لطيفة الدليمي: عقب قراءتي الأولية الاستكشافية لهذا الكتاب تعمّقت قناعتي بأن الفيزيائيين هم بعض أفضل فلاسفة عصرنا (لكنهم ليسوا الوحيدين)، وأن فهماً علمياً وفلسفياً أفضل لعالمنا لن يكون متاحاً ما لم نحصل على معرفة أولية بأفكار أهمّ فيزيائيي عصرنا، خصوصاً أن هؤلاء قادرون على تخليق تشبيكات متداخلة بين الحقول المعرفية، وهو ما بات يُعرف بـ”نظرية التعقيد” التي أصبحت تشغل موقعاً ريادياً في جبهات العلم المتقدمة في عالم اليوم.

تقول الدليمي: يمثل البروفسور ويلتشيك -كما أرى- واحداً من أرقى العقول الفيزيائية التي تعاملت مع “نظرية الأنساق المعقّدة”، وهو عقل فلسفي غاية في الثراء والفرادة.

حول المؤلف:

عرفت جائزة الملك فيصل فرانك ويلتشيك بأنه يُعدُّ واحداً من أعظم علماء الفيزياء النظرية المعاصرين. وُلِد في مدينة نيويورك سنة 1370هـ/1951م، وحصل على البكالوريوس في الرياضيات من جامعة شيكاغو، ثم انتقل إلى جامعة برنستون حيث حصل على الماجستير في الرياضيات، والماجستير في الفيزياء، والدكتوراه في الفيزياء.

عمل ويلتشيك بعد ذلك في جامعة برنستون وتبوأ كرسي الأستاذية فيها، ثم التحق بمعهد الفيزياء النظرية التابع لتلك الجامعة في سانتا بربارا أستاذاً لكرسي روبرت هتنباخ في الفيزياء.

في سنة 1410هـ/1990م انتقل إلى معهد الدراسات المتقدمة في برنستون أستاذاً لكرسي روبرت اوبنهايمر. وفي سنة 1421هـ/2000م انضم إلى معهد ماساشوسيتس التقني حيث يشغل حالياً منصب أستاذ كرسي هيرمان فيشباخ في الفيزياء. كما عمل أستاذاً زائراً في جامعة هارفرد، وجامعة لايدن.

وقد حقّق البروفيسور ويلتشيك إنجازات عظيمة في مجال الفيزياء النظرية وفي طليعتها اكتشافه قوانين قوّة رابعة في الطبيعة هي القوة الصُلبة لبنية نواة الذرة، وتحليله لمظاهر الدينامية اللونية الكمية، وكان عمره وقتئذ لا يتجاوز 21 ربيعاً.

وقد أتبع ذلك الكشف الفريد بالعديد من الإنجازات الرائدة الأخرى في شتى مجالات الفيزياء النظرية، والكونية، ونظرية الجزيئات، وفيزياء الحالة الصلبة.

وقد نُشر له – وقت نيله جائزة الملك فيصل – حوالي 420 بحثاً في أشهر المجلات العلمية، ودُعي لإلقاء المحاضرات في العديد من الجامعات العالمية الكبرى، كما قام في السنوات الأخيرة بنشاط واسع في تناول الموضوعـات الحديثـة والمثيرة في الفيزياء من منظور فلسـفي، وفي شرح معانيها للمجتمع العلمي العريض من خلال كتاباته المنتظمة في مجلة الفيزياء اليوم  ومجـلة الطبيعة، وقـد وُضعـت محاضـرته الشهرية وصفة العالم الرقمية على شبكة الانترنت ليطّلع عليها الجميع بالمجان.

ووجدت كتاباته رواجاً كبيراً ونالت مرتين جائزة “أفضل الكتابات العلمية الأمريكية”، كما نشر – بالاشتراك مع زوجته – كتاباً رائعاً بعنوان الشوق إلى التناغم: أفكار أساسية وتغيّرات من الفيزياء الحديثة.

وقد مُنِح ويلتشيك العديد من الجوائز الرفيعة تقديراً لإنجازاته، ومنها جائزتا ساكورى وليلنفلد من الجمعية الفيزيائية الأمريكية، وجائزة مؤسسة ماك آرثر للعباقرة، ودرع الإنجاز الذهبي، وجائزة وميدالية ديراك من المركز الدولي للفيزياء النظرية، وميدالية اورنتز من جمعية الفيزياء الهولندية، والميدالية التذكارية لجامعة شارلز في براغ.

كما منحته كل من جامعة مونتريال بكندا وجامعتي كلارك وأوهايو بالولايات المتحدة درجة الدكتوراه الفخربة. وفي سنة 1425هـ /2004م، مُنِح جائزة نوبل في الفيزياء، وقد تزامن ذلك مع منحه جائزة الملك فيصل العالمية. وهو عضو في الأكاديمية الوطنية للعلوم بالولايات المتحدة، والأكاديمية الملكية الهولندية للآداب وللعلوم، والأكاديمية الأمريكية للآداب والعلوم، وزميل الجمعية الأمريكية لتقدُّم العلوم، والأكاديمية البولندية للعلوم، والجمعية الفلسفية الأمريكية. وهو – أيضاً – عضو في مجلس أمناء جامعة شيكاغو، ورئيس هيئة تحرير حولية الفيزياء (Annals of Physics)، ومستشار، أو عضو، في هيئات تحريرعدد من دوريات الفيزياء المرموقة الأخرى.

مُنِح البروفيسور فرانك ويلتشيك الجائزة (مشاركة)؛ تقديراً لإسهاماته العظيمة في مجال الفيزياء النظريَّة وفي طليعتها اكتشاف قوانين القوّة الصُّلبة لبنية نواة الذرَّة وتحليل مظاهر الديناميّة اللونيّة الكمّية؛ إضافة إلى إنجازاته الرائدة الاخرى في الفيزياء الكونيّة ونظريّة الجزيئات وفيزياء الحالة الصُّلبة.

معلومات الكتاب:

اسم الكتاب: الأساسيات: 10 مفاتيح للواقع Fundamentals: Ten Keys to Reality

المؤلف: فرانك أنتوني ويلكزك

تاريخ النشر: يناير 2021

عدد الصفحات: 272

الناشر: Penguin Press

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى