رحلة إلى قلب المدينة الذكية.. تحديات معقدة بأسلوب بسيط وقصصي
صدر حديثا الكتاب المصور “رحلة إلى قلب المدينة الذكية”، من تصميم وكتابة عصام شحرور، ورسم الفنان ساهيتو سامي، وترجمه من الفرنسية عمار الجر، ويوضح بالرسوم المصورة للأطفال تحديات المدن الحديثة ومستقبلها. الكتاب يحكي عن تحديات معقدة بأسلوب بسيط وقصصي، يناسب الكبير والصغير والمسؤول والمهندس والمخطط والمتخصص وغير المتخصص.
يتركز وجود الناس في المدن، مما يخلق تحديات حقيقية في توفير الخدمات الأساسية، مثل الإسكان والتعليم والصحة والثقافة والتنقل والمياه والطاقة والاتصالات، وكلها تتطلب بنى تحتية وموارد ضخمة. والتحدي الثاني يتمثل في كيفية الحد من تأثير المدينة على البيئة وظاهرة الاحتباس الحراري، علماً بأن المدن مسؤولة عن حوالي 80 % من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
السؤال الأهم والأصعب، كيف يمكننا مواجهة هذه التحديات؟
يرى الكثيرون أن الحل يكمن “المدن الذكية”، حيث يوظف الذكاء الجماعي والابتكار الرقمي في جمع الجهات الفاعلة في المدينة حول بناء مدينة خضراء للجميع.
هذا الكتاب عبارة عن قصة مصورة تهدف إلى المساهمة في رفع الوعي من خلال جولة افتراضية وتعليمية لاكتشاف جوانب المدينة المرئية والمخفية، وفهم تحدياتها، ومعرفة كيف يمكن للمدينة الذكية أن تساعدنا في بناء مدينة خضراء وإنسانية للجميع.
المدن التقليدية والذكية
ويقول المؤلف -الذي نُشرت له العديد من الأبحاث العلمية حول المدن الذكية- إن الكتاب سيتبعه كتب أخرى لعرض التحديات الكبرى التي تواجه المدينة الذكية وكيفية التغلب عليها، خاصة في مجال الإسكان والمياه والطاقة والتنقل والنفايات.
وتدور القصة حول التوأمين ليلى وفارس، ووالديهما حنان وبسام، والأستاذ رامي الأكاديمي الذي يستكشف مع التوأمين المدينة الذكية في رحلة تبدأ من الدخول إليها تحت الأرض، والتوقف عند ساحة المدينة لمناقشة إدارتها وطريقة اتخاذ القرارات المؤثرة فيها.
وفي القصة يشرح الأستاذ عدة ملامح؛ بينها تنوع المباني والسكان بمختلف مكوناتهم الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والعرقية، وطريقة الفرز الانتقائي للنفايات في حاويات ملونة مما يسهل معالجتها في معالجة النفايات التي تساعد أيضا في تقديم التدفئة للسكان.
لكن القصة لا تخلو من النقد للمدن الحديثة؛ فالمدينة أيضا قد تكون ضحية نجاحها، إذ لا تملك دائما الموارد اللازمة للتأقلم مع توسعها السريع؛ لذلك نرى الازدحام والتلوث ونقص الخدمات، كما يقول الأستاذ رامي.
وفي جولة الأولاد تحت أرض المدينة لاحظوا ازدحام الأنابيب والكابلات والكتل والقمامة والتلوث، وتساءلوا إن كان السكان وإدارة المدينة يعرفون عن كل هذه الأشياء، وفي جلسة الاستراحة يتساءل فارس: كيف يمكن إدارة المدينة مع كل هذا التعقيد؟ مما يوجه النقاش تجاه مؤسسات الدولة والبلدية وطرق تنظيمها بما يضمن مشاركة السكان.
ويقدم الأستاذ رامي مخططات بيانية تشرح خطورة الأنشطة الحضرية على الكوكب ومشكلات الاحتباس الحراري والازدحام وغيرها، ويستعرض حلول الابتكار للمساعدة في تقليل استهلاك الطاقة وانبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
المدينة الذكية
وفي الأسبوع التالي يستعرض الأستاذ ملامح المدينة الذكية ويصفها بأنها تعاونية تجمع آراء وخبرات السكان والعاملين في المجال الاقتصادي والأوساط العلمية، وهي مدينة شاملة تهتم بجميع مواطنيها، ويمكن لكل مدينة ذكية أن يكون لها أسلوبها الخاص.
وتضم المدينة الذكية نظاما يمكنه جمع وتحليل المعلومات عن المدينة وتنفيذ إجراءات من أجل رعاية السكان وحماية البيئة؛ فمثلا مشكلة الازدحام يقترح النظام لها أفضل الحلول الممكنة للتنقل التي تجمع بين وسائل النقل العام والمركبات الشخصية والدراجات والمشي، ويكشف النظام عن تسرب المياه بأسرع وقت لكي يتم إصلاح السبب، وتقسم المدينة لمناطق مجهزة بحساسات لمعرفة كمية المياه التي تدخل وتستهلك في كل منطقة.
وتغطى المدينة بهوائيات لشبكات الاتصال غير السلكية وحساسات تقيس جودة الهواء والضوضاء والإضاءة وتدفقات المياه والطاقة ومستوى صناديق القمامة وكثافة المرور والحوادث، وتحول القياسات إلى بيانات ترسلها لنظام معلومات مركزي يجمع البيانات ويعالجها بمشاركة السكان الذين يمكنهم اقتراح إجراءات لتحسين جودة المعيشة.
وبعد الجولة يعود الأولاد لمكتب الأستاذ حيث يتناقشون في نتائج الجولة، ويقول فارس إن المدينة الذكية تستخدم أحدث التقنيات لجمع البيانات وتحليلها وتحويلها لخدمات ذكية، وتشمل تعاون القطاعين العام والخاص، ومشاركة السكان في صنع القرار.
وبعد انتهاء الجولة يقول ليلى وفارس إنهما تعلما كثيرا عن المدينة الذكية واقتنعا بأن نظامها سيسهم في تحويل المدن الحديثة لمدن خضراء، ويعدهم الأستاذ بتنظيم زيارات جديدة حول الأنظمة الحضرية الذكية والخدمات الذكية في المدينة الخضراء.