بهدف نقل تجربته في العطاء الإنساني إلى شعوب العالم.. البروفيسور الطريقي ينشر ثلاث ترجمات لكتابه: “ستون عاماً بين المتعبين.. رحلتي من الألم إلى علاج آلام الآخرين”
بهدف نقل تجربته في العطاء الإنساني إلى شعوب العالم.. وبعد الانتشار الواسع والأثر الكبير الذي حققه كتاب “ستون عاماً بين المتعبين.. رحلتي من الألم إلى علاج آلام الآخرين” لـ البروفيسر محمد الطريقي.. تتوالى ترجمات الكتاب إلى لغات شتى، وكان آخرها، الإنجليزية، والفرنسية، والإسبانية.. والملاحظ ان كل ترجمة لهذا الكتاب تضفي عليه سمات فريدة وتقترح قراءة جديدة له، تنقله من نطاق المحلية إلى افاق العالمية.. وخاصة اذا كانت الترجمة دقيقة وتعبر عن افكار ومشاعر المؤلف.
ويجدر الإشارة أن الكتاب عبارة عن رحلة حياة طويلة حافلة بالآلام والمنجزات والهزائم والانتصارات على ظروف الحياة، قطعها المواطن السعودي البروفيسور محمد بن حمود بن سليمان الطريقي، ضمنها في الكتاب.
يحوي الكتاب بين دفتيه رحلة ملهمة لأستاذ هندسة تقويم الأعضاء والتأهيل والتنمية المستدامة صاحب الحياة المزدحمة بالأعمال وبراءات الاختراع والكيانات التي أنشأها رجل نذر حياته لخدمة ذوي الإعاقات؛ للتخفيف من معاناتهم، ووضع المواد الأولى للقوانين التي تضمن لهم حقوقهم اليوم.
عمل البروفيسور الطريقي بجامعات؛ الملك سعود، والمجمعة، ونورث ويسترن في شيكاغو بالولايات المتحدة الأمريكية، ويعمل حاليا مستشارا للتأهيل والتنمية المستدامة في القطاع الحكومي السعودي.
والبروفيسور الطريقي رئيس مجلس العالم الإسلامي للإعاقة والتأهيل.. رئيس تحرير العالم للصحافة له أكثر من 150 بحثًا علميًّا محكمًا ومنشورًا، و60 إصدارا تم ترجمة بعضها للإنجليزية، أبرزها موسوعته للتنمية الإنسانية وحقوق الإنسان، في مجلدين. حاز البروفيسور محمد الطريقي على 5 براءات اختراع من الولايات المتحدة الأمريكية، وأوروبا والمملكة العربية السعودية.
ونال عددًا من الجوائز السعودية والعربية والدولية منها جائزة التميز في البحث العلمي والابتكار والاختراع من جامعة الملك سعود وجائزة مكتب التربية لدول مجلس التعاون وموهبة وجامعة تيمبل الامريكية وعدة جوائز عربية وعالمية، توجت بمنحه وسام الملك عبد العزيز من الدرجة الأولى عن مسيرة اختراعاته وإبداعه العلمي.
ترأس البروفيسور الطريقي تحرير مجلات العالم، وعالم الإعاقة، والصحة العربية، باللغة العربية، بالإضافة إلى رئاسة تحرير مجلات علمية محكمة باللغة الإنجليزية، أبرزها المجلة السعودية للإعاقة والتأهيل ومجلة العلوم الصحية لجامعة المجمعة.
عمل البروفيسور الطريقي ببرامج الأمم المتحدة الإنمائية، ومنظمة التأهيل الدولي، ومنظمة الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية.
ويعد من أكبر خدماته للمعاقين في بلاده تأسيس المركز المشترك لبحوث الاطراف الاصطناعية والأجهزة التعويضية وبرامج تأهيل المعوقين، بالإضافة إلى مبادرته في تأسيس مدينة الأمير سلطان بن عبد العزيز للخدمات الإنسانية ومشروعات تكنولوجية تأهيلية اخرى في المملكة العربية السعودية وخارجها.
تسرد صفحات الكتاب بلغة نابضة وسرد رشيق، وقائع حياة تجسدت فيها رسائل الغيب على نحو دراماتيكي، فبعدما حار الأطباء بين الرياض وشيراز وبيروت، آنذاك، في علاج حالة تمدد بالشعب الهوائية أعطبت ثلثي الرئة اليسري للطفل الصغير محمد، ابن رجل الأعمال الرائد التنموي حمود بن سليمان الطريقي المعروف بـ “الرويبخ”، وجعلته غير قادر على التنفس الطبيعي أو الحياة بطلاقة مثل أقرانه، قال له معلمه الإنجليزي “السيد هارولد وولتون” الذي كان معارًا إلى مدرسته في الزلفي، إن العلاج هناك في بريطانيا.
شدة وقع المرض المزمن على الصغير الذي يسعل باستمرار مع إفرازات من الصدر، ويعجز حتى عن الضحك، جعلته يتعلق بحلم السفر إلى بريطانيا، فانكفأ على المذاكرة، الشيء الوحيد الذي كان يقدر عليه؛ على أمل أن يكون من العشرة الأوائل، ويبتعث إلى بريطانيا، حيث الطب المتقدم والمستشفيات الكبرى، فيتخلص من علته، ويدرس الطب هناك في بريطانيا ليعود إلى بلاده، فيمد يد العون للمرضى/المتعبين الذين كان واحدًا منهم. هكذا بدأت القصة بحلم بريء من صغير وعى على الحياة وهو يعاني من السعال المزمن، ولقد تحقق حلم الطفل الصغير صاحب الإرادة الفولاذية، وبالفعل تمكن من التفوق في الثانوية العامة وأصبح من العشرة الأوائل على مستوى المملكة، وسافر إلى بريطانيا، وفي الأشهر الأولى له، خضع لعملية جراحية كبيرة شهدت استئصال ثلثي رئته المصابة، وعلم من الجراح البريطاني، “مستر إيان هل”من هارلي ستريت في لندن، الذي أجراها أنها ستجدد نفسها بشكل تلقائي، وهو ما حدث بعد سنوات بالفعل.
عاد الشاب محمد الطريقي بعد إجراء الجراحة إلى الوطن سالمًا بعد نجاح رحلته الأولى من أجل علاج رئتيه، الرحلة التي امتدت 6 سنوات، والتي وصفها في كتابه بـ”أطول رحلة علاجية”، منذ قرر أن يصبح من العشرة الأوائل وهو في الصف السادس الابتدائي إلى أن ابتعث بالفعل. ثم بدأت الرحلة الثانية، رحلة دراسة الطب لعلاج آلام الآخرين بعدما علمته المعاناة كيف يشعر بغيره من المتعبين، لكن الأقدرا قادته إلى دراسة الهندسة الطبية وتقويم الأعضاء، وبدأ أولى خطواته نحو تخفيف المعاناة عن آلاف المعاقين، بعد رحلة دراسة انتهت بحصوله على الدكتوراه في الهندسة الطبية وتأهيل المعاقين من بريطانيا، أعقبتها مسيرة بدأت بعودته إلى المملكة عازمًا على النهوض بواقع المعاقين من أبناء وطنه والتخفيف عنهم، المسيرة التي شهدت تأسيس سلسلة من الكيانات والصروح المتخصصة في تأهيل وخدمة ذوي الإعاقة، والنهوض بواقعهم، وتقديم الدعم لهم، بل النهوض بواقع أبحاث الإعاقة والتشريعات الخاصة بتنظيم حصولهم على الخدمات الإنسانية المستحقة لهم، وهي مسيرة، على ما شهدته من عطاء، وعلى ما فتحته من طاقات أمل كبيرة، لم تخل من إخفاقات، وخيبات، من أعداء نجاح رحلة الرجل الشاقة التي لم يروا فيها إلا “كعكة الضوء” الذي سلط عليه بعد سلسلة نجاحات مدوية كانت موضع ثقة ولاة أمر البلاد الذين دعموا جهود الرجل، فحاز ثقة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز، وصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز، ودعْمِهما، رحمهما الله.
ولا تتوقف رسائل الأقدار في سيرة البروفيسور الطريقي عند التحديات الكبيرة التي واجهها، أو المفارقة بين معاناته وتسببها في رفع المعاناة عن الآخرين، بل امتدت تلك الرسائل إلى سيرة والده، رحمه الله، إذ تكشف وقائع السرد داخل السيرة عن وجه شبه عجيب بين سيرته وسيرة والده وملهمه، حتى إن القارئ على مدار العمل يجد نفسه يقرأ سيرتين متوازيتين، في سيرة واحدة، سيرة ابن تحول إلى ظل لوالده، ليس في صفاته وحسب، بل وفي أقداره أيضًا، ما يجعل من رحلة البروفيسور محمد الطريقي، الثرية المكتنزه بالقصص المبكية والمضحكة التي أضفت حس السخرية على بعض مناطق السرد فيها، رحلة الأقدار بامتياز.