“رزان البرنو”.. تمتهن النجارة وتبدع في الرسومات والزخارف الهندسية والنباتية
داخل ورشتها البسيطة من حيث الشكل، الثرية من حيث الأعمال الفنية؛ والواقعة في منزلها بمدينة غزة، تقطع الشابة (رزان البرنو) باستخدام منشار كهربائي قطعة من الخشب لاستخدامها في صناعة صندوق جديد طلبه أحد زبائنها. بدأت رزان –وفقا لوكالة الأناضول– طريق ريادة الأعمال منذ عام 2019 حينما افتتحت مشروعا خاصا بها مرتبطا بصناعة الأشكال الجمالية والتحف الفنية باستخدام الخيطان والمسامير.
وبآلة حادة ومطرقة، تنحت الفتاة الفلسطينية (23 عاما) القطعة الخشبية لتشكيل رسومات وزخارف هندسية ونباتية تعطي مظهرا جماليا للصندوق.
تحاول رزان بتركيز شديد وقدرة على العمل تحت الضغط، إنجاز أكبر عدد من المنتجات الخشبية خاصة المرتبطة بشهر رمضان المرتقب لإرضاء زبائنها.
الطابع الإسلامي
واتخذت بعض هذه المنتجات طابعا إسلاميا، فحملت أشكال الأهلّة والنجوم وعبارات التهنئة بشهر رمضان.
وبهذا العمل تتحدى رزان عادات وتقاليد المجتمع الفلسطيني، حيث جرت العادة أن يحتكر الرجل مهنة النجارة لما تتطلبه من ظروف عمل صعبة وخطيرة أحيانا.
لجأت رزان الحاصلة على شهادة جامعية في التكنولوجيا الحيوية، لخوض غمار مهنة النجارة بعد أن انقطعت آمالها بالحصول على وظيفة تناسب اختصاصها الجامعي.
وتعبّر عن فخرها بانتمائها لهذه المهنة الشاقة والخطيرة حيث تعدّ من السيدات القلائل اللواتي خضن هذا المعترك في قطاع غزة.
اليوم العالمي للمرأة
وتجد الشابة في يوم المرأة العالمي مناسبة مهمة لتذكير الفلسطينيات بضرورة السعي لتشكيل كيانهن الخاص وخلق فرص عملهن وعدم الاستسلام للواقع مهما كان.
وتقول لوكالة الأناضول: “من الجميل أن نبحث عن شغفنا ونصل إليه ونطوّر مواهبنا ونخلق دوافعنا الخاصة من أجل تحقيق ما نريده”.
إلا أن معظم الفلسطينيات يعشن واقعا اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا صعبا جرّاء الحصار الإسرائيلي المستمر لأكثر من 16 عاما والانقسام السياسي الداخلي.
التكنولوجيا الحيوية
تقول رزان إنها قررت افتتاح مشروعها الخاص داخل منزلها، بعد أن عجزت عن الحصول على فرصة عمل في مجال تخصصها “التكنولوجيا الحيوية”.
وتضيف أن “فرص العمل في هذا المجال نادرة جدا في غزة حيث اصطدمت معظم صديقاتي بهذه الندرة بعد التخرج”.
لذا وجدت في ريادة الأعمال ضالتها وطوّرت مهاراتها واكتسبت خبرات جديدة خاصة في إطار فن النحت والنقش على الخشب الذي يعتمد بشكل كبير على النجارة.
وتستكمل قائلة: “أهتم كثيرا بالفنون ولدى القدرة على الإبداع في هذا الجانب الذي أطوره بشكل شخصي”.
وعكفت رزان على تطوير هذه الهواية، حيث التحقت في سبتمبر 2020 بدورة تدريبية لتعلم فن الحفر والنقش على الخشب لمدة 6 شهور.
هذه الدورة وضعت رزان على أولى عتبات مشروع النجارة وشكلّت لديها حافزا لتحويل هوايتها إلى مشروع ومصدر دخل.
وحصلت الشابة في يونيو 2022 على دعم من جمعية التنمية الزراعية (الإغاثة الزراعية) لافتتاح مشروعها المختص بإنتاج المشغولات الخشبية الفنية.
وتقول إن مشروعها “من المشاريع الصديقة للبيئة حيث يعتمد في أغلب عمله على إعادة تدوير الأخشاب الزائدة من المناجر المنتشرة في القطاع، بدلا من حرقها وتلويث الهواء بانبعاثاتها الضارة”.
الصعوبات والتحديات
خلال رحلة عملها في إنتاج المشغولات الخشبية المختلفة “سواء المرتبطة بديكورات المنازل الداخلية أو الهدايا الشخصية”، واجهت رزان جملةً من التحديات.
أولى هذه التحديات مرتبطة بالعمل تحت الضغط، حيث تعتمد على نفسها تماما في كافة متطلبات العمل بدءا من الحصول على القطع الخشبية وصولا إلى التسويق.
مواصلة الليل بالنهار
وتضيف: “في المناسبات أيضا، أصل الليل بالنهار من أجل إنتاج عدد من المشغولات يتناسب مع حجم الطلب المتوقع”.
وتواكب رزان الحداثة في صناعة قطعها الخشبية حيث تدمج بعض المواد التي يتم استخدامها في الديكورات المنزلية لإضفاء لمسات جمالية على مشغولاتها.
ويرتبط التحدي الثاني بانقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة ما يؤثر على إنتاجها أحيانا، فتضطر لانتظار موعد وصل الكهرباء لإنتاج المطلوب منها والعمل تحت ضغط الوقت.
وأما التحدي الثالث فكان مواجهتها للانتقادات التي كانت تصلها بسبب التحاقها بمهنة النجارة حيث حوّلتها إلى دافع إيجابي لاستكمال مشروعها والتطور فيه.
وتابعت: “أنا كفتاة أعمل في مهنة النجارة ولدي موهبة في الفن كانت حافزا لدي لأتميز خاصة في النحت والنقش على الخشب، ودفعتني لإنتاج مشغولات نجحت في إظهار موهبتي وشخصيتي فيها وحولتها إلى مصدر دخل ومشروع”.
وتصف رزان هذه المهنة بالخطيرة كونها تضطر للتعامل مع الأدوات الحادة بشكل مباشر، إلا أنها وخلال العمل، تأخذ حذرها وترتدي الملابس الواقية لضمان عدم تعرضها لأي ضرر.