يتعاملان مع دول كبرى.. التوأم “فريد وفؤاد” يؤسسان صناعة الطائرات المدنية التونسية
فريد وفؤاد كامل، توأم تونسي، كانا يعشقان الطائرات منذ صغرهما، وكان حلمهما أن يقوما بتصنيعها، وبالفعل نجحا في صنع وتسويق طائرات لأمريكا وآسيا ليتحقق حلم طفولتهما بعد سنوات من المثابرة والكفاح.
أسس التوأم التونسي شركة أفيوناف AVIONAV، التى نجحت فى تطوير التصنيع المتسلسل لثلاثة نماذج من الطائرات أحادية المحرك، ولاقت رواجا لدى المهتمين بهذه الصناعة بفضل خصائصها التقنية العالية الموافقة لمعايير السلامة الدولية.
ورغم من أن هذه الطائرات الخفيفة يشغلها طياران فقط، فإن التجربة الرائدة للتوأم التونسي نجحت، وتمكن التوأم من تصديرها إلى دول عديدة فى العالم، منها فرنسا وإسبانيا وأستراليا وإيطاليا، ومازالت المفاوضات جارية لتصدير هذه الطائرات تونسية الصنع إلى بلجيكا وماليزيا وبعض الدول الإفريقية.
إنتاج 90 طائرة سنوياً
الشقيقان، وهما مهندسان في العقد الثالث من عمرهما، نجحا في دحض جميع الأحكام المسبقة، فاليوم تبلغ وتيرة إنتاج شركتهما الناشئة “أفيوناف” Avionav من الطائرات تسعين طائرة سنوياً. ولديها عملاء من مختلف أنحاء العالم بدءاً من الأردن حتى الولايات المتحدة.
أما الشركة التي تأسست في العام 2012، والتي تبني طائرات خفيفة في تونس من الصفر، فقد حققت في العام الماضي أرباحاً بلغت مليون دينار تونسي (أي ما يعادل 400 ألف دولار). ووقعت للتو صفقة مع شركتي “إيرباص” Airbus و”بوينغ” Boeing، لتصنيع مقاعد للطائرات بالتعاون مع شركاء أميركيين. وستكون شركة الخطوط الجوية التونسية “الطيران الجديد” Nouvelair، أول من يختبر هذه المقاعد المصنّعة بالكامل في تونس وذلك قبل العام 2018.
حلم بناء أول طائرة
لم تأت قصة الأخوين كامل مع الطائرات من فراغ. فقد كان والدهما طياراً في الجيش التونسي، لكن الأخوين لم يكونا شغوفيّن بهذه الوظيفة. ففي حين كان “فريد” مهتماً باستكشاف المغاور والتسلق، تخصص فؤاد في الذكاء الاصطناعي. لكن الأمر تغير تماما في أعقاب الثورة التونسية عام 2011.
وعلى الرغم من البيروقراطية، مثل مشاكل بطء الجمارك التونسية، تمكن الشقيقان في العام 2011 من إطلاق شركتهما الناشئة الأولى، “أوكسجين للملاحة الجوية” Oxygen Aeronautics، لتصنيع الطائرات الرياضية الخفيفة. ونموذجهما “رالي” Rallye مصنوع من ألياف الكاربون بينما نموذج “سنتشوري” Century مصنوع من ألومينيوم الطائرات، وهما يسعان لراكبين.
استثمر الشقيقان كل مدخراتهما البالغة 240 ألف دينار (حوالي 98 ألف دولار) في هذا المسعى، ولكن لم يكن من السهل إيجاد المواد الخام في تونس. إلاّ أنهما تمكّنا من الالتفاف على هذا الأمر بوضع نظام تنبؤ، سمح لهما بمعرفة الوقت الأساسي اللازم لإيجاد كل قطعة وبناء الطائرة. واليوم، تمكّن الشقيقان من إيجاد كل اللوازم في تونس، باستثناء العجلات فقط.
قادتهما أول طائرة حاولا بناءها إلى شراء شركة “ستورم” الإيطالية للطائرات التي كانت تعمل أصلاً في تونس، بمبلغ زهيد لم يعلنا عنه، واستخدما شبكة عملائها لتوسيع عملهما.
وبعد شراء الشركة، قام الشقيقان بتحويلها إلى شركة ذات طابع صناعي أكبر، كما طرقا أبواب المستثمرين لإقناعهم بتمويل مسعاهما حين ترددت البنوك في ذلك. وفي عام 2014، تمكّنا من تأمين استثمار أولي بأربعة ملايين دينار (حوالي 1.6 مليون دولار) وإطلاق شركة “أفيوناف“.
يقول فؤاد كامل: “حاولنا الارتقاء بالشركة لتتوافق مع المعايير الصناعية بجعلها عصرية بعض الشيء”. وبدآ البحث عن عملاء محتملين حول العالم. ويقول فريد كامل: “قمنا بذلك عن طريق المعارض والتشبيك، كما وضعني بعض العملاء على تواصل مع عملاء آخرين، وهكذا جرى الأمر“.
وبحلول العام 2016، كان الشقيقان قد باعا 38 طائرة في أكثر من 10 دول منها تونس والأردن والبرازيل وألمانيا، حيث اشترى اثنان من عملائهما التونسيين الطائرات لأغراض زراعية، بينما اشتراها آخرون لأغراض تجارية أو كهواية فقط. هذا فضلاً عن تلقيهما طلبات من أطباء لتطوير طائرات إسعاف.
تصنيع طائرات برمائية
توسّع فريق الشركة ليضم 16 مهندساً وفنياً في مجال الطيران. وهي تطبّق المعايير العالمية في إنتاجهما، كمعايير هيئة الطيران الاتحادية في الولايات المتحدة والتي تتطلب تحقيق درجة عالية من معايير الأمان. وكان من شأن هذا الأمر أن يساعد في منح طائراتهما شهادات دولية عادة ما تكون صعبة المنال في إنتاج الطائرات.
التوأم كامل أسسا في العام 2016 شركة “إيفادا” Evada، ذراع “أفيوناف” لتصنيع طائرات برمائية لأربعة ركاب، يمكن لها الهبوط على الأرض والماء، مع تركيز جهودهما على البحث والتطوير. كما يعمل الشقيقان الآن على فكرة “قمرة القيادة الذكية” التي خرج بها فؤاد مستخدماً خلفيته في مجال الذكاء الاصطناعي. إلى جانب ذلك، يعمل الشقيقان على توسيع نشاطهما إقليمياً إلى الجزائر حيث تغيب المنافسة أيضاً في مجال الطائرات الخفيفة المصنعة محلياً.