“مستقبلات ضوئية مرنة تحاكي شبكية العين” لفريق من الباحثين في مختبر الاستشعار في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية
تلعب الهندسة العصبية أو الحوسبة العصبية – وهي فرع من العلوم مستوحى من الدماغ البشري- دورًا كبيرًا في بناء وتنظيم الأطر العملية لأنظمة الحاسب الآلي. ويأمل العلماء تطبيق بعض ما نعرفه عن وظيفة الدماغ لتحقيق أقصى قدرا من التقدم المهم في تصميم الأنظمة العصبية الاصطناعية بالاعتماد على تقنيتي الذكاء الاصطناعي (AI) وتعليم الآلة لبناء أنظمة بصرية حاسوبية أفضل، وروبوتات وسيارات مستقلة، وأجهزة استشعار أكثر ذكاءً، والعديد من التطبيقات الأخرى. وفقا للموقع لارسمي لـ (كاويست).
نشرت مجلة نيتشر (Nature) العلمية في وقت سابق من هذا العام ورقة بحثية بعنوان “مستقبلات ضوئية مرنة تحاكي شبكية العين” لفريق من الباحثين في مختبر الاستشعار في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست)، بقيادة البروفيسور خالد نبيل سلامة تناولت بحثهم حول تطوير مستقبلات ضوئية مرنة هجينة من البيروفسكايت يمكن ضبط سعتها عن طريق تحفيز الضوء، وبالتالي محاكة شبكية العين البشرية.
بدأ المشروع عندما لاحظ طالب في فريق الباحثين أن خصائص المكثف الكهربائي التي يمكن تغييرها من خلال تسليط الضوء عليها، تتأثر في الوقت نفسه وبشكل مختلف بناءً على لون الضوء ، مثل الأخضر أو الأزرق أو الأحمر.
يقول البروفيسور سلامة :”وجدنا أن النطاق الذي تؤثر عليه هذه المكثفات هو نفس نطاق العين البشرية ، وهو ما نسميه النطاق المرئي، لذلك بدأنا ننظر لها بنفس نظرتنا للعين البشرية التي تستطيع أيضاً تغير خصائصها”.
كانت الخطوة التالية لعلماء مختبر الاستشعار في كاوست هي الاستفادة من خبرة زملائهم الباحثين في الجامعة الذين يعملون في مجال توصيف الصور والتعرف على أنماط الدماغ لبناء نظام كامل يربط بين الرؤية والمعالجة. وكان هدفهم في الأساس التعرف على آلية ربط العين بالدماغ ، بحيث عندما ترى العين شيئًا ما ، يتعرف الدماغ عليه. وتحقق مرادهم من خلال العمل مع البروفيسور بون أوي ، المتخصص في أنظمة الكشف البصري.
تطبيقات مفيدة للمساعدة في توفير الطاقة
يعد تطوير المدن الذكية أولوية متزايدة لكل من الدول الغنية والناشئة المهتمة بمستقبل مستدام. وتمثل الرقمنة وتحسين البيانات وتوفير الطاقة المطلوبة للمعالجة الحاسوبية أولوية مركزية. توجد أجهزة الاستشعار في كل مكان – بدءًا من كاميرات الهواتف الذكية التي يستخدمها الأشخاص لالتقاط الصور إلى أنظمة المراقبة الأمنية – وهي مطلوبة بشكل متزايد وقادرة على اتخاذ القرارات على الفور.
يقول سلامة: “نظرًا لأن السيارات ذاتية القيادة تلغي الحاجة إلى السائقين ، فإننا نعتمد على أجهزة الاستشعار والكاميرات والليزر للمراقبة الفعلية لبيئة هذه المركبات. وامتلاك تقنية مثل هذه سيسمح للسيارات ذاتية القيادة بالتنقل بشكل أسرع واتخاذ قرارات لحظية بدلاً من الانتظار حتى يتم إرسال الصور إلى الحاسب الآلي لتحليلها ومعالجتها، وقد لا يكفي هذا لتجنب الاصطدام بعائقٍ ما على الطريق”.
ويمكن أن تكون الحوسبة العصبية مفيدة للغاية في توفير الطاقة عن طريق زيادة سرعة المعالجة ودقتها. وذلك من خلال بناء أجهزة تشبه في وظيفتها دماغ الإنسان. وهناك حاجة متزايدة للأجهزة التي تحاكي المستقبلات الضوئية لشبكية العين البشرية ، مثل أجهزة الاستشعار المختلفة.
وخير مثال على ذلك هو الكاميرات الأمنية التي تسجل باستمرار الصور ومقاطع الفيديو دون أن تعرف بدقة ما تلتقطه. فضلاً عن أن هذا التسجيل المستمر يستهلك قدرًا كبيرًا من الطاقة والقوة الحاسوبية وحزم من بيانات الاتصال اللازمة لإرسال المعلومات. ويمكن الاستعاضة عن كاميرات المراقبة التقليدية بمكثف خاص يتم تصميمه كجهاز استشعار بصري قابل للضبط ويوفر الكثير من الطاقة، يشرح سلامة: “يعمل المكثف على تقييم صورة المشهد بنفس الطريقة التي يقوم بها الدماغ. وبذلك يصبح بين أيدينا نوع من الكاميرات الأمنية التي تحاكي بالضبط كيف يتعرف البشر على الأشياء”.
إن إمكانات جهاز الاستشعار الذي اقترحه باحثو كاوست لتطبيقات الرؤية العصبية كبيرة، لأنه يوسع النطاق من الاستشعار إلى الإدراك، مدعومًا بتقنية تعليم الآلة والشبكات العصبية العميقة.
وجود مثل أجهزة الاستشعار هذه على طائرة دون طيار (الدرونز) ، على سبيل المثال ، يمكن أن يحسن إلى حد كبير وقت الطيران ، والذي لا يتجاوز عادة ساعة واحدة. واذا نظرنا في تطبيقات محددة ، كالتي في القطاعات العسكرية ، قد يُطلب من طائرة الدرونز اتخاذ بعض الإجراءات المحددة مسبقًا بناءً على الصور التي تلتقطها. وبوجود مثل أجهزة الاستشعار هذه يمكن للدرونز اتخاذ هذه القرارات على الفور من تلقاء نفسها دون الحاجة للتدخل البشري أو إرسال المعلومات للقاعدة العسكرية للإتخاذ القرار.
يهدف فريق كاوست الآن إلى زيادة حجم ودقة الصور التي يمكن تحليلها بواسطة جهاز الاستشعار لتتجاوز نطاق ١٠X١٠ بكسل. ويتضمن هذا العمل الهندسي أيضًا استكشاف أنواع أخرى من المواد التي يمكن أن تقدم لنا دقة وحساسية أفضل.