مذكرة تعاون بين “جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية” وشركة “لوبريف” بهدف تقليل محتوى الكبريت في زيت الوقود
وقعت مؤخراً شركة (uODS) الناشئة والتابعة لمركز أبحاث الاحتراق النظيف في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست)، مذكرة تفاهم مع شركة أرامكو السعودية لزيوت الأساس – لوبريف، تهدف لدعم الحلول الناشئة التجارية لشركة (uODS) ومساعدتها في تطوير ونشر التقنية الخاصة بها. وفقا للموقع الرسمي لـ ” كاوست”.
وبهذه المناسبة علق ويليام روبيرتس، مدير مركز أبحاث الاحتراق النظيف في كاوست ورئيس (uODS): “تعد مذكرة التفاهم مع شركة لوبريف مثالًا رائعًا للأبحاث الأساسية التي تتم في مختبراتنا ثم تترجم بواسطة فريق من الشركاء الدوليين إلى منتجات وعمليات قابلة للتطوير وللتطبيق اقتصاديًا لتلبية الاحتياجات الواقعية المهمة في العالم”.
جدير بالذكر، أن بدايات هذا المشروع كانت عندما تواصلت وزارة الطاقة السعودية مع كاوست للاستعلام عن أي بحث قائم داخل الجامعة يمكنه أن يساعد المملكة العربية السعودية على تلبية متطلبات الانبعاثات الجديدة التي أوصت بها المنظمة البحرية الدولية (IMO) في عام ٢٠٢٠، والتي تهدف لتقييد محتوى الكبريت في زيت الوقود المستخدم لتشغيل السفن التجارية، وبالتالي تقليل انبعاثات أكسيد الكبريت (SOx) من هذه السفن ، الأمر الذي سيكون له تأثيرات إيجابية على البيئة وصحة الإنسان ،ويساهم في تنقية الهواء، إضافة لطرح أنواع جديدة من الوقود عالي الجودة.
الأثر البيئي والاقتصادي
تعتمد تقنية (uODS) على الأبحاث الأساسية في مجال ديناميكية السوائل و” السونوكيمياء” المطورة في مركز أبحاث الاحتراق النظيف في كاوست، والمعنية في تطبيق الموجات فوق الصوتية على التفاعلات الكيميائية والعمليات. حيث تقلل هذه التقنية من نسبة الكبريت في الوقود البحري، وتفي بلوائح المنظمة البحرية الدولية لعام ٢٠٢٠ دون الحاجة لاستهلاك الهيدروجين الثمين. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تعمل هذه التقنية تحت درجات حرارة منخفضة وضغط جوي منخفض.
وستساعد مذكرة التفاهم هذه شركة لوبريف على تقليل بصمتها البيئية اليومية الناتجة عن حرق ٢٧٠ طنًا من زيت الوقود الثقيل عالي الكبريت في مصافيها في جدة. خصوصاً أن الانبعاثات الناتجة عن ذلك تحتوي على كميات كبيرة من أكاسيد الكبريت والتي تساهم في هطول الأمطار الحمضية فضلاً عن أكسيد النيتروجين (NOx) وجسيمات العادم (PM).
وعلق المهندس طارق النعيم -رئيس لوبريف على تقنية (uODS) قائلاً: ” لا شك أن هذه التقنية ستصبح محورية في تطوير مستقبل أكثر استدامة لصناعة النفط، ونحن في لوبريف سعداء جداً في أن مثل هذه التقنية المبتكرة يجري تطويرها في كاوست، ونفخر بأن نكون أول من يجربها”.
فريق شركة لوبريف أمام خزان الوقود الذي سيتم ملؤه بزيت وقود منخفض الكبريت منتج باستخدام تقنية (uODS).
ستقوم شركة (uODS) الناشئة في كاوست بتركيب اجهزتها الخاصة في موقع مصفاة لوبريف والبدء باختبار انتاج ١٠ أطنان يوميًا من الوقود منزوع الكبريت كجزء من الاتفاقية. يقول روبيرتس: “ستقوم لوبريف بتكرير الوقود من خلال غلاياتها الخاصة، وسنكون قادرين على قياس الانبعاثات منها وإظهار انخفاض في الانبعاثات الضارة بمعامل سبعة أو أكثر”.
وتهدف (uODS) للتوسع التدريجي حتى تصل في طاقتها الاستيعابية لتزويد لوبريف بكمية ٢٧٠ طنًا من الوقود منزوع الكبريت التي يحتاجونها يوميًا. يقول مارك براون، الرئيس التنفيذي لشركة (uODS): ” توسيع تقنية شركتنا على نطاق واسع يصب بصورة رئيسية في الجهود التي تبذلها المملكة العربية السعودية في دفع الصناعات البترولية لتحقيق التميز البيئي، وضمان أن يكون للنفط مستقبل أكثر استدامة”.
ومن ناحية أخرى، ستستفيد لوبريف من الشراكة مع (uODS) في جعل عملياتهم أكثر استدامة. خصوصاً أنها تنتج مجموعة واسعة من الزيوت الأساسية التي تستخدم في التشحيم. وهناك فرصة لزيادة قيمة منتجاتهم من هذه الزيوت عبر إزالة محتوى الكبريت منها.
مميزات تقنية شركة كاوست (uODS)
تقدم شركة كاوست الناشئة حلاً جديدًا يمكن تحقيقه في درجة حرارة وضغط الغرفة دون الحاجة لاستخدام الهيدروجين. وهذا يعني أنه يمكن إتمام العملية خارج المصفاة، حتى في منشآت التزود بالوقود.
وتعتمد تقنية (uODS) على استخدام الموجات فوق الصوتية التي تنتشر في السائل مكونة فقاعات تجويف مجهرية تنهار في النهاية، مما يؤدي إلى عملية اختلاط عالية. يقول باولو جويدا، الرئيس التنفيذي للتقنية في (uODS): ” أدركنا أن ديناميكيات السوائل كانت المفتاح لتطوير عملية قابلة للتطبيق تجاريًا. كما أن نمذجة العملية بأكملها، بدءًا من الفقاعة الواحدة وحتى المفاعل بالكامل، أتاحت لنا التحكم في العملية بدقة كبيرة وبالتالي تحسين العائدات”.
مستقبل الطاقة المتجددة والاقتصاد الخالي من الكربون
تظل التقنيات المتطورة اللازمة لإزالة الكبريت من كميات كبيرة من الوقود الثقيل محدودة جداً وتهدف بشكل أساسي للحد من انبعاثات صناعة النقل البحري. وبحسب روبرتس فإن هذا القطاع لوحده يحرق عشرات الملايين من الأطنان من زيت الوقود سنويًا، وليس من الممكن تغيير ذلك بين ليلة وضحاها خصوصاً أن تصميم وبناء السفن يستغرق في العادة عدة سنوات. لذلك، قد لا يكون استبدال الوقود الأحفوري خيارًا قابلاً للتطبيق اقتصاديًا على المدى القصير أو المتوسط، ولكن شركة (uODS) قدمت تقنية انتقالية مبتكرة وقابلة للتطبيق.
ويؤكد ويليام روبيرتس: “يركز مركز أبحاث الاحتراق النظيف في كاوست بشكل كبير على القطاعات التي يصعب إزالة الكربون منها مثل النقل الجوي والشحن البحري والشحن البري بواسطة الشاحنات الثقيلة. إن الانتقال إلى السيارات الكهربائية أو الهجينة أمر منطقي في المناطق المكتظة بالسكان في البلدان الغنية فقط، ولكن ذلك لا ينطبق على كل الدول والفئات في العالم. وعلى الأرجح لن يكون لدينا سفن أو طائرات تعمل بالبطاريات في المستقبل القريب. خصوصاً أننا استثمرنا تريليونات من الدولارات في البنية التحتية الحالية. ما ينبغي علينا فعله الان هو أن نجعل الوقود صديقاً للبيئة. وهذا يعني أن نستخدم نفس الوقود المتوفر حالياً، ولكن نحرقه بطرق أكثر نظافة”.
وأضاف: “تتمثل الخطوة التالية للمستقبل في إيجاد طرق فعالة اقتصاديًا لتحويل مصادر الطاقة المتجددة إلى وقود يمكن تكييفه في البنية التحتية الحالية. بحيث نصل في النهاية إلى شيء مثل الهيدروجين أو الأمونيا، ونبتعد عن الهيدروكربونات، لكن هذا الانتقال سيستغرق وقتًا أطول بكثير مما يريده الناس”.