التسويق وشفافية الإدارة
عندما كنت مديرًا للتسويق، كنت أعقد اجتماعاً إسبوعياً يوم الأحد صباحاً لكل أعضاء فريق التسويق، يستغرق ساعة واحدة على الأكثر، وكان اجتماعاً غير رسمي، نشرب فيه الشاي باللبن والقهوة والنسكافيه في جو هادئ لطيف، ويتحدث كل فرد في الفريق عما أنجزه الإسبوع الماضي، وعما ينوي أن ينجزه هذا الإسبوع، ويعرض كل منا، بما فيهم أنا، اقتراحات أو مشروعات يريد ان يأخذ رأي المجموعة فيها.
اكتشفت بعد فترة وبالصدفة، أن مديري المباشر يقوم هو الآخر بعقد احتماعات غير دورية مع أعضاء فريق التسويق، ولكن كل على حدة، وبدون أن أعرف وبدون أن يخبرني أحد، وذلك لا ليعرف خططهم ومشروعاتهم، ولكن ليعرف كيف يدور العمل في إدارة التسويق، وعن علاقتي بأعضاء الفريق، وعن مشاكلهم معي أو مشاكلي معهم، إن وجدت.
كان رد فعلي هو أنني قابلت مديري، وأخبرته أنني لا أمانع ان يقوم بهذا على الإطلاق، وله مطلق الحرية أن يجتمع بأي فرد من أعضاء الفريق، سواء فرادى أو جماعة، على أن أكون على علم بهذا، وأن يخبرني بمجمل كلام الزملاء عن العمل في الإدارة وعلاقتي بهم، أي أنني لا أريد أن أعرف ماذا قال فلان أو قال علان، لكنني أريد أن أعرف محصلة الكلام وجملة الآراء والتعليقات، حتى أستطيع أن أصلح من ظروف العمل وأن أصلح من نفسي ومن علاقتي بأعضاء الفريق، و/أو أن أعمل على استمرار الممارسات الحسنة والجيدة، إن وُجِدت.
كان رد فعل مديري هو التفاجؤ التام بمعرفتي بما يقوم به، ودهشته من طلباتي، ووعدني أنه سيقوم بهذا فعلاً، وهو ما لم يتحقق، لأنه توقف عن مقابلة أعضاء الفريق بعد حواري معه.
الشفافية مطلوبة جداً في الإدارة، صحيح أن بعض البيانات والمعلومات في البيزنس عامة قد تكون “confidential” أي سرية أو خاصة ولا يمكن ذكرها إلا في طبقة معينة من طبقات الإدارة، لكن الشفافية في العلاقات والتواصل مع الزملاء والمرؤوسين، بل ومع الرؤساء أيضا، مهمة جدا، ويجب أن تتوافر على كل المستويات.
من تعريفات القيادة التي أحبها جداً، هي أن “القيادة عملية تأثير، خارج نطاق السلطة الرسمية، تهدف إلى إحداث التغيير”، أي أن القائد الحقيقي أو المدير أو الرئيس، لا يؤثر في أعضاء فريقه أو في أتباعه أو في الناس عامة من خلال منصبه وموقعه، ولا من خلال السلطة الممنوحة له عليهم، لكنه يؤثر فيهم من خلال علاقاته بهم، ومن خلال تواصله معهم، فيقنعهم برؤيته وأفكاره وخططه، فيعملون معه على تحقيقها، مما يحدث التغيير الإيجابي للمؤسسة ككل ولهم أيضا كأفراد.
د. هاني سليمان
رئيس مجموعة تنمية القيادة للتنمية البشرية والإدارية
مدير التسويق والتخطيط الاستراتيجي لشركة فايزر الشرق الأوسط للأدوية سابقًا