“البامبو” .. مهنة إبداعية معرضة للاندثار
“البامبو” أو فن تشكيل “الخيزران” مهنة إبداعية اكتشف في الصين منذ أكثر من ألفي عام، وكان يستخدم في العديد من الصناعات مثل الورق وغيره وتطور فيما بعد حتى يستخدم في صنع الأثاث. والاسم العربي للبامبو هو الخيزران ولكن نظرًا لصعوبة وضع هذا الاسم علي المحلات والورش التجارية استخدم اسم البامبو. وخشب البامبو أو الخيزران يصنع من نبات البامبو وهو نبات رباني ينبت في الغابات الاستوائية والحارة.
أنشا “سركيس مسروبيان” أول ورشة لصناعة أثاث البامبو في مصر، وتوارث أولاده وأحفاده هذه الحرفة وتوسعوا في صناعتها ومازال لهم العديد من الورش والمحلات وشاركهم العديد من المستثمرين في هذه الصناعة حتى انتشر أثاث البامبو في جميع أنحاء مصر.
وصناعة أثاث البامبو صناعة تتطلب دقة عالية وجهدًا كبيرًا لأنها تصنع يدويا، وهناك عدة أنواع من البامبو مثل المالكان والاكليس والفرنساوي وأمويل وتستخدم لعمل العديد من الأشكال مثل البامبو المجدول والبامبو المفرغ, وقد يدخل في صناعة الكرسي الواحد أكثر من نوع وشكل من أخشاب البامبو, مما يتطلب دقة عالية من العامل لاعطاء الكرسي شكلا مميزا وجميلا.
بورسعيد الحرة وإرث قدامى صانعي الخوص
“صانع البامبو”، إحدى الحرف التي بدأت في الإندثار ببورسعيد، بعد أن إبتعد عن ممارستها أبناء المحافظة، لتصبح إرث لعدد قليل من قدامى صانعي الخوص بالمدينة الحرة.
بدأت صناعة البامبو في بورسعيد منذ عام 1952 من خلال التعامل مع الأجانب وقتما كانوا في المحافظة أيام الاحتلال، وأسسها محمد نصر الدين في ذلك التوقيت والذي علمها بدوره لنجله “يحيى”.
وقال يحيي نصر، صانع البامبو ببورسعيد، أنه توارث هذه المهنة عن والده، الذي يعتبر هو من أسس هذه الحرفة بالمدينة الحرة وتعلمها لتلبية رغبات الأجانب الذين كانوا يعيشون بالحي الأفرنجي “الشرق” من طلب منتجات الخوص.
رواج الأهالي على منتجات البامبو
وبين حُب الخوص وأشكاله يتوافد أهالي بورسعيد على صانع البامبو بحمله الكائن بأحد أعرق أحياء المحافظة “حي الشرق”، وذلك داخل أقدم محل لتصنيع وبيع المنتجات البامبو “الخوص” من كراسي ومناضد وغيرها.
إندثار الحرفة
وأكد “يحيي نصرالدين”، أن الحرفة قاربت على الإندثار ببورسعيد، مشيراً إلي أنه حاول مراراً وتكراراً أن تمتد الحرفة لأجيال متتابعة من أبناء المحافظة، ولكن رغبة الشباب في العمل بهذه المهنة تحول دون ذلك، فالاقبال ضعيف من الشباب علي هذه المهنة داخل المحافظة.
كيفية الصناعة
وأضاف “صانع البامبو”، أن الخامات المستخدمة في هذه الصناعة تختلف من شخص لآخر، ولكنه يستخدم الخامات الأفضل قائلاً ” أنا بعمل حاجه مُعمرة، وبضاعتي مفيش شكوى منها وبتعيش مع الزبون”.
ويقول تامر سمير مدير أحد محلات أثاث البامبو إن خشب البامبو يتم استيراده من أندونيسيا وسنغافورة. ويستخلص من نبات البامبو أو الخيزران الذي ينبت تلقائيا في المناطق الحارة والغابات الاستوائية.
ويحتاج خشب البامبو عدة مراحل لاستخدامه في صناعة الأثاث مثل التعشيق والبرشمة والشق والقطع والتقشير والتجفيف علي حرارة عالية وبخار.
ويضيف أن تصنيع أثاث البامبو يحتاج إلي عمالة مدربة ودقة في العمل, الأمر الذي دفعهم إلي شراء الأثاث الجاهز من الورش الموجودة في مناطق إمبابة وشبرا الخيمة وغيرها والتي تورد لمحلات الأثاث الكبرى.
أنترانيك مسروبيان وشهرته مسيو أنتو وهو ابن سركيس مسروبيان أول من بدأ هذه الصناعة في مصر. ويعمل في هذا المجال منذ 57 عاما ويملك عدة ورش لصناعة أثاث البامبو: إن أندونيسيا كانت أكبر دولة لتصدير خشب البامبو ولكنها امتنعت عن تصدير خشب البامبو الخام وقررت تصنيعه محليا وتصدير أثاث البامبو جاهزا حتى تزيد الأرباح, فاتجه للاستيراد من سنغافورة.
ويشير إلي أن نبات البامبو أو الخيزران ينمو في بعض المناطق في مصر مثل القناطر وقليوب والشرقية, ولكن النوع الذي ينمو في مصر سميك ويحتاج إلي معالجة خاصة ليصبح صالحا للاستخدام في صناعة الأثاث.
ويقول إن الحكومة ساعدت كثيرا في نمو صناعة أثاث البامبو بتخفيض الجمارك علي الخشب الخام المستورد من10% إلي2%.
ويضيف مسيو أنتو أن أثاث البامبو يكثر استخدامه في الأماكن الحارة لأنه يتحمل الحرارة ولا يتأثر بأشعة الشمس القوية ولا ينقل الحرارة مما يجعل استخدامه أفضل بكثير من استخدام الأثاث المصنوع من الحديد أو البلاستيك في الأماكن المفتوحة. وبالتالي تقبل النوادي والحدائق والأماكن الساحلية علي شراء أثاث البامبو.