نابغون

الباحثة المصرية رنا القليوبي تستخدم تطبيقات الذكاء العاطفي فى مجال التكنولوجيا

“رنا القليوبي”. مهندسة ومخترعة مصرية، أسست شركة أفكتيفا Affectiva بهدف تطوير “الذكاء العاطفي للأجهزة التكنولوجية إيموشن إيه آي (Emotion AI)”. وهي شركة تعمل في مجال تحليل الشعور والانفعالات الإنسانية، بناءً على تعابير الوجه، فكرة الشركة فى الأساس تولدت من مشروعها البحثي, ثم قامت بتحويله من مجرد مشروع بحثي إلى شركة أفيكتيفا المتخصصة في مجال الذكاء الاصطناعي العاطفي وتعلم الآلة. وقد تأسست داخل مختبر معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا. وتسعى الباحثة المصرية, إلى إضافة الذكاء الاصطناعي العاطفي إلى جميع التقنيات والأجهزة التي نستخدمها في حياتنا اليومية، لجعلها قادرة على قراءة انفعالات البشر وردود أفعالهم والتفاعل معها.

وتقول رنا عن بداية تطبيق تكنولوجيا قراءة المشاعر “بدأ تطبيق النظام الإلكتروني الذي أعددته في دراستي في كامبريدج على الأطفال المصابين بالتوحد في بريطانيا وفي أحد اللقاءات تعرفت على روزالين بيكارد، مؤلفة كتاب “الحوسبة الوجدانية” الباحثة المصرية رنا القليوبي تستخدم تطبيقات الذكاء العاطفي فى مجال التكنولوجيا وعملنا سويا وحصلت على تمويل من إحدى المنظمات العلمية الأمريكية لتطوير تكنولوجيا تساعد هؤلاء الأطفال في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا. عملت على المشروع مع بيكارد لمدة ثلاث سنوات في المعهد وتعاونت مع إحدى المدارس الخاصة واستخدمنا نظارة جوجل التي يرتديها الأطفال لتقرأ لهم مشاعر من حولهم” وأستطردت “للطلبة في معهد ماساتشوستس فرصتين سنويا لعرض مشروعاتهم التي يعملون عليها أمام شركات مختلفة. طوال السنوات الثلاث من 2006-2009 ونحن نعرض ما طورناه على أنه تكنولوجيا التوحد والشركات تقترح علينا استخدامات أخرى مثل استجابة الجمهور لإعلانات شركات المشروبات الغازية أو في السيارات لتنبيه السائقين في حالة النوم أثناء القيادة. في السنة الأخيرة، عرضت 18 شركة شراء التكنولوجيا التي طورناها لكن لم نستطع البيع لأننا نعمل في إطار الجامعة. طلبنا من مديرنا مزيدا من الباحثين فقال إنها ليست مشكلة بحثية ووجدها فرصة تجارية فنصحنا بتأسيس شركة. ترددت في البداية لأني لا أجيد البيزنس لكن أقنعني فكرة أني سأخذ ما بنيته وأطبقه على مستوى العالم كله وأصبحت أنا وبيكارد شريكتان في الشركة”.

الفكرة

تخيل أن تخبرك ساعتك يومًا بحالتك المزاجية، أو تشعر سيارتك بتعبك وتنبهك إن كنت مشتت الانتباه أو غفوت أثناء القيادة، أو ربما تغلق ثلاجتك بابها تلقائيًا إن فتحتها وأنت متوتر لتمنعك من أكل طعام لا تحتاج إليه. وتخيل أن تشعر التطبيقات التعليمية بملل المتلقي فتُسرِع من وتيرتها، لكنها تُبطئ إن شعرت أن استيعابه انخفض، كما يفعل المدرس مع تلاميذه. وهذا غيض من فيض من التطبيقات الممكنة للتعرف على تعابير الوجه وإيماءاته.

تقول القليوبي: “إن ردود الأفعال التي تظهر على وجوهنا من أقوى الوسائل التي نستخدمها، للتعبير عن حالاتنا النفسية والعاطفية كالفرح والحزن والإثارة والشغف والدهشة، فنحو 10% فقط من تفاعلنا مع بعضنا يعتمد على اختيارنا الفعلي للكلمات، أما النسبة المتبقية (90%) فيعبر عنها من خلال تعابير الوجه وإيماءاته ونغمة الصوت. وفي علم المشاعر يُرمَز لكل حركة من عضلات الوجه برقم لتَمييزها، وتوجد 45 حركة للتعبير عن مئات المشاعر، فمثلًا حركة رسم الابتسامة رقمها 12، وحركة تقطيب الحاجبين للإشارة إلى مشاعر سلبية قوية منحت الرقم 4، وهكذا، وكان يصعب تعليم الحاسوب قراءة كل هذه المشاعر، نظرًا لأن حركات الوجه تحدث في لمحة عين وأحيانًا يُجمَع بينهما بطرق مختلفة، فلو نظرنا للابتسامة الحقيقية والابتسامة الصفراء، سنجد أنهما يتشاركان الجزء السفلي من الوجه، لكن شتان بينهما”.

لذا قادت المبتكرة فريقها في معهد ماساتشوستس للتقنية وصممت خوارزميات معينة، وأضافت إليها ملايين الوجوه وهي تعبر عن مشاعر مختلفة، إذ استعانت بأناس من مختلف الأعمار والأعراق والأجناس، وباستخدام عملية معقدة تبحث الخوارزميات عن الخطوط والأخاديد الموجودة بين التعابير المختلفة، ثم تتوصل الخوارزميات في النهاية إلى مزايا مشتركة بين التعبير الواحد.

ويعني هذا أن الخوارزميات ستفرق بين الابتسامة العادية والابتسامة الصفراء وستتعرف على الوجه الحزين والسعيد والغاضب وفقًا للصفات المشتركة لكل منهما.

حللت المبتكرة وفريقها نحو 9 مليون وجه حول العالم لأشخاص وافقوا على مشاركة بياناتهم، وجمعوا أكثر من 12 مليار نقطة بيانات عاطفية حتى العام 2017، ليحصلوا بذلك على أكبر قاعدة بيانات عاطفية في العالم.

حصل الفريق على معلومات كثيرة من قاعدة البيانات العاطفية المجمعة: أولًا الجنس؛ وُجِد أن النساء أكثر تعبيرًا عن مشاعرهن من الرجال، ثانيًا الجانب الثقافي؛ كشفت التقنية أن نساء الولايات المتحدة الأمريكية يعبرن عن مشاعرهن أكثر من الرجال بنسبة تبلغ نحو 40%، في حين لا توجد أي فروق في التعبير عن المشاعر بين رجال ونساء المملكة المتحدة، وتوجد فروق طفيفة بين الرجال والنساء في فرنسا.

وبالاعتماد على العمر كمقياس وُجِد أن الأشخاص الأكبر سنًا في عمر الخمسين مثلًا أكثر تعبيرًا عن مشاعرهم من الشباب بنحو 25%، والنساء في سن العشرين يبتسمن أكثر من الرجال، وأظهرت التقنية أن الأشخاص يعبرون عن مشاعرهم في كل وقت؛ وهم جالسون بمفردهم أمام أجهزتهم الإلكترونية، وهم يكتبون الرسائل، وهم يتسوقون…. إلخ

أدخلت القليوبي تقنية إيموشن إيه آي في العديد من التطبيقات التي تعزز قدرات التقنيات وتمكنها من قراءة المشاعر. فمثلًا استخدمتها في تطوير نظارات لضعاف البصر لتساعدهم على قراءة تعابير الوجوه، بالإضافة إلى استخدامها مع مرضى التوحد لمساعدتهم في تأويل مشاعر الآخرين، الأمر الذي يعانون منه كثيرًا.

وقالت القليوبي خلال الاحتفال بمئوية الجامعة الأمريكية في القاهرة «إن ذهب شخص مصاب بمرض نفسي إلى طبيبه، فإن المعالج سيلقي عليه عدة أسئلة وستكون الإجابات على مقياس معين من واحد إلى عشرة، مثل: كم تشعر بالألم؟ ما نسبة شعورك بالاكتئاب؟ وكم رغبتك في الانتحار؟ كلها أشياء مجردة لا يمكن قياسها عمليًا كضغط الدم أو درجة الحرارة، لذا أشعر بالحماسة والشغف الشديد تجاه ما سيقدمه الذكاء الاصطناعي العاطفي في مجال الرعاية الصحية عامةً والصحة العقلية خاصةً.»

تستخدم شركة أفيكتيفا حاليًا الذكاء الاصطناعي العاطفي في مجال صناعة السيارات، من خلال تقنية أفيكتيفا أوتوموتيف إيه آي، إذ تستشعر التقنية حالة مقصورة السيارة الداخلية وعوامل الأمان بالإضافة إلى اكتشافها للأشياء والأطفال المتروكين في السيارة، واستشعارها لحالة الركاب المزاجية وردود أفعالهم، فتحس بالركاب إن ناموا مثلًا، ثم تعمل على راحتهم بالتحكم في الموسيقى أو في درجة حرارة المركبة أو الإضاءة، بالإضافة إلى استشعارها لحالة السائق المزاجية؛ إن كان مشغولًا أكثر من اللازم بالهاتف النقال، أو إن كان يشعر بالنعاس، وتُطبَق التقنية أيضًا في مركبات القيادة الذاتية لتزويدها بالبيانات و للتحكم في وضعية الكاميرا.

توظف الشركة الذكاء الاصطناعي العاطفي في مجال البيع والشراء، مستخدة تقنية أفيكتيفا للتحليلات الإعلامية، لمنح المستهلكين تجربة أفضل وللمساهمة في تحسين محتوى إعلانات العلامات التجارية، وذلك بقياس ردود أفعال المستهلكين تجاه الإعلانات والفيديوهات والعروض التلفزيونية، ومن جانب آخر تستخدم الشركة الذكاء الاصطناعي العاطفي في مجال الأبحاث العلمية من خلال تقنية آي موشن.

حياتها

ولدت رنا القليوبي عام 1978، وبدأت رحلتها من القاهرة إلى بوسطن بدراستها حاسبات ومعلومات وتجارة وإلكترونيات بالجامعة الأمريكية بالقاهرة ثم زاد اهتمامها بالتفاعل بين الإنسان والحاسوب وكيف يمكن للتكنولوجيا أن تطور هذه العلاقة مع تزايد الوقت الذي يقضيه المستخدم على الأجهزة الإلكترونية. حصلت رنا على الماجيستير من القاهرة ثم الدكتوراة من جامعة كامبريدج وكان تركيزها على بناء حاسوب يمكنه قراءة المشاعر. عادت لمصر بعد الدكتوراة واشتغلت بالتدريس بالجامعة الأمريكية لمدة سنة فقد كان حلمها الاشتغال بالمجال الأكاديمي ثم حصلت على وظيفة بحثية في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا MIT حيث كانت تتنقل بين القاهرة وبوسطن لمدة عامين متواصلين قبل أن تبدأ شركتها في ظل دعم كبير من زوجها الذي يعمل بمجال الإلكترونيات أيضا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى