منوعات

“العلاج بالألوان” والمساهمة في السيطرة على الاضطراب العقلى والألم الجسدي

لم يعد مستغربا في الأوساط العلمية أن تكشف دراسة جديدة أن مصابيح الشوارع ذات اللون الأزرق تساهم في تقليل نسبة الجريمة في المدن. وبينت الدراسة، ان “العديد من جوانب الأداء النفسي البشري تتأثر بالألوان”، وفقًا لما نشره موقع realsimple. ربما يكون اللون المفضل لديك البرتقالي المنعش, أو الأزرق المهدئ، أو ربما الأحمر الناري الذي يعطيك دفعة قوية على مدر اليوم، جميعها خيارات رائعة ويمكن أن تلعب دورًا مهمًا في تعزيز صحتنا العقلية أو الجسدية، وفي جوهره، العلاج بالألوان، هو ممارسة استخدام الألوان للمساعدة في علاج الاضطراب العقلي وحتى الألم الجسدي.

العلاج بالألوان طريقة رائعة للتعرف على مكانك العاطفي

وبالنسبة لبعض الأشخاص، قد يكون العلاج بالألوان بسيطًا وغير مكلفًا ويغير حياتهم. يقول كونستانس هارت، خبير العلاج بالألوان ومؤسس Conscious Colors: “يمكن أن يكون العلاج بالألوان طريقة علاجية رائعة لمعرفة مكانك العاطفي، نحن نعرف أشياء واضحة مثل، “أنا غاضب الآن”، “أنا حزين”، أو”أشعر بالسعادة”، لكن لوحة الألوان هي المكان الذي يمكننا فيه العثور على المزيد من الفروق الدقيقة”.

الاضطرابات المزاجية والعلاج بالألوان والضوء الساطع

يقول بادما جولور، أستاذ التخدير ونائب الرئيس التنفيذي لصحة السكان في جامعة ديوك: “تم استخدام العلاج بالألوان والضوء لعلاج مجموعة متنوعة من حالات الصحة البدنية والعقلية”، ويستخدم العلاج بالضوء الساطع في الاضطرابات المزاجية والعاطفية، مثل الاكتئاب، وقد ثبت أن الضوء الأخضر يقلل من شدة الصداع النصفي”.

النظارات الزرقاء لتجنب الصداع وجفاف العين

وتلك النظارات العصرية التي تحجب الضوء الأزرق التي ترتديها يعتبرونها علاجًا بالألوان أيضًا، يقول الدكتور جولور: “يوصى أيضًا باستخدام مرشحات الضوء الأزرق للأشخاص الذين ينظرون إلى شاشات الكمبيوتر لفترات طويلة من الوقت لتجنب الصداع وجفاف العين”.

يمكن أن يقلل أيضًا من أعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه (ADHD) وعسر القراءة وصعوبات التعلم. على الرغم من أنه ليس علاجًا أوليًا ، إلا أنه قد يساعد في بعض الأشخاص في تخفيف الأمراض الجسدية مثل الصرع والأرق والصداع النصفي واضطرابات الرؤية.

تاريخ العلاج بالألوان

كما أوضح مؤلفو دراسة تحليل العلاج بالألوان، إن ممارسة العلاج بالألوان كانت موجودة منذ أيام مصر القديمة واليونان والصين والهند، يشير الباحثون أيضًا إلى كيفية استخدام قدماء المصريين لأشعة الشمس، وكذلك الألوان، للشفاء.

اعتبر ابن سينا (980-1037) اللون ذا أهمية حيوية في التشخيص والعلاج، ناقش العلاج بالألوان في كتابه القانون في الطب، إذ كتب: “اللون هو أحد أعراض المرض التي يمكن ملاحظتها”، وطور أيضًا مخططًا يربط اللون بدرجة حرارة الجسم وحالته الجسدية. كان رأيه أن الأحمر يحرك الدم، أما الأزرق أو الأبيض فيبرداه، ويقلل اللون الأصفر من آلام العضلات والتهاباتها.

أجرى الجنرال الأمريكي في الحرب الأهلية الأمريكية أوغستوس بليسونتون (1801–1894) تجاربه الخاصة، ونشر في عام 1876 كتابه “تأثير الشعاع الأزرق من أشعة الشمس واللون الأزرق من السماء” حول كيفية تحسين اللون الأزرق لنمو المحاصيل والماشية وإمكانية المساعدة في شفاء الأمراض لدى البشر. وقد أدى ذلك إلى العلاج بالكروم الحديث، ما أثر على العالم الدكتور سيث بانكوست (1823–1889) وإدوين دوايت بابيت (1828-1905) لإجراء التجارب ونشرا -على التوالي- الضوء الأزرق والأحمر؛ أو الضوء وأشعته باعتباره فرعًا من فروع الطب (1877) ومبادئ الضوء واللون.

موسوعة طيف قياس الألوان

نشر العالم الأمريكي الهندي المولد دينشا بّي.غديالي (1873–1966) موسوعة طيف قياس الألوان في عام 1933، وهي موسوعة عن العلاج بالألوان. زعم غديالي أنه اكتشف لماذا وكيف أن للأشعة الملونة المختلفة تأثيرات علاجية مختلفة على الكائنات الحية. اعتقد أن الألوان تمثل فاعلية كيميائية في أوكتاف أعلى من الاهتزازات، ولكل كائن ونظام في الجسم لون معين يحفز وآخر يمنع عمل ذلك الجهاز أو النظام.

اعتقد غديالي أيضًا إمكانية المرء تطبيق اللون الصحيح الذي يميل إلى موازنة عمل أي عضو أو نظام يصبح غير طبيعي في وظيفته أو حالته من خلال معرفة تأثير الألوان المختلفة على أجهزة وأنظمة الجسم المختلفة. واصل نجل دينشا بّي.غديالي -داريوس دينشا- تقديم معلومات حول العلاج بالألوان عبر جمعية دينشا الصحية، وهي منظمة غير ربحية مكرسة من أجل تعزيز العلاج بالألوان المنزلية غير الصيدلانية، وكتابه دع النور يعبر إلى هناك.

وصف الكاتب العلمي مارتن غاردنر غديالي أنه “ربما هو الدجال الأعظم على الإطلاق”. اتهم غديالي بالاغتصاب في عام 1925 واعتقل في سياتل وحكم عليه بموجب “قانون مان” بالسجن لمدة خمس سنوات في سجن الولايات المتحدة، أتلانتا. وفقًا لغاردنر، فإن صور غديالي في العمل في مختبره “لا يمكن تمييزها عن لقطات تتحدث عن عالم مجنون من فيلم من الدرجة دي”.

خلال القرن التاسع عشر، ادعى “المعالجون بالألوان” أن مرشحات الزجاج الملون يمكنها علاج العديد من الأمراض، بما في ذلك الإمساك والتهاب السحايا.

الفراعنة والعلاج بالألوان

منذ 3000 سنة مضت، استخدم الكهنة المعالجون عند المصريين القدماء، الألوان كعلاجٍ للعديد من الحالات، وقد كان الفراعنة أول من طور نظاماً للشفاء باستخدام ألوان الطيف، وتحديداً: الأحمر والأصفر والأخضر والأزرق. كما كان يمارس الطب عند الفراعنة، على فكرة أن كل فرد لديه خمسة عناصر من الكون وهي: 1- الأرض 2- الماء 3-  الهواء 4- النار 5- الروح هذه العناصر موجودة بنسب محددة لكل فرد، مضافاً لها نوع شخصيته ومكانته، وعند عدم توازن هذه العناصر، يلجأ الكهنة المصريون لاستعادة التوازن عبر ألوان الطيف والطاقة الكامنة. وترجع أهمية الألوان عندما عبد المصريون القدماء الشمس، وبنوا حياتهم اعتماداً على العناصر، حيث أنّ تلك العناصر هي التي تتحكم بقوة الطبيعة وتحدد إلى حد بعيد وجودهم.

عرف المصريون القدماء أن كل مادة على الأرض تحتوي على اللون، وأنّ الألوان الطبيعية هي المفيدة للحفاظ على الصحة وشفاء الأمراض. هذا وقد وجد فن المعالجة بالألوان من قبل الإله تحوت “توت”، حيث استخدم المصريون المعادن الملونة والكريستال والمراهم والأصباغ كعلاجات. تنظر طريقة العلاج باللون إلى أن كل فرد هو عبارة عن اتزان العناصر الخمسة، وكل عنصر مرتبط بلون مثل الأخضر, الأحمر, الأبيض, الأصفر, والأزرق. بالإضافة إلى ذلك، فأنّ لكل عنصر ارتباطاً بنغمة ونوتة موسيقية معينة مثلاً: الأحمر G / الأصفر B / الأزرق D / الأخضر C.

المجموعات اللونية:

في ذلك الزمن قام الفراعنة بتقسيم الألوان إلى مجموعتين:

  • مجموعة الموجب ( الأصفر و الأحمر): تشير إلى الإثارة والبهجة.
  • مجموعة السالب (الأزرق و الأخضر): تشير إلى الهدوء والمشاعر العميقة.

فقد لاحظ المصريون القدماء أن الأحمر والأصفر يمنحان تأثيراً دافئاً، بينما الأخضر والأزرق يمنحان الشعور بالبرودة. علاوةً على ذلك، أدرك المصريون القدماء قوة الطاقة الشمسية للأشعة فوق البنفسجية في قضائها على الجراثيم وإمكانية الشفاء من الجروح بالضوء المرئي، فقد استخدموا اللون الأحمر لمنع تشكل جدري الماء والندوب، كما استخدموا الضوء الملون لعلاج امراض الجهاز التنفسي والسل. واعتقدوا أيضا بأن اللونين الأحمر والأزرق هما على الأطراف، بينما اللونين الأخضر والأصفر ممثلين لنقطة المنتصف.

المصادر: 123

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى