الأقوياء

مُركباتٌ جديدة لِعلاج الشلل الرُّعاشي (الباركنسون)

توصَّل فريقٌ علميٌّ من الباحثين من جامعات بريطانية؛ تحت إشرافِ باحث جزائريّ، إلى اكتشاف مركبات كيميائية جديدة لِعلاج مرض الرُّعاش أو الباركنسون. وقد نُشِرَتْ نتائج البحث مؤخرا في دورية الكيمياء الطبية الأمريكية The Journal of Medicinal Chemistry.

تعمَل هذه الـمُركبات الجديدة التي تم اكتشافُها على زيادة فعالية أحد البروتينات التي تلعب دورا هاما في الحفاظ على سلامة الخلايا العصبية. ويقول رئيس الفريق العلمي؛ وهو الباحث الجزائري بجامعة “كارديف” البريطانية، الدكتور “يوسف محلو” إنَّ فريقَه استطاع اكتشافَ مركباتٍ كيميائية جديدة، يمكن أن تُساعد في تحسين وظائف الأنزيم “بينك1” لدى مرضى الرُّعاش.

وقد أثبتتْ دراساتٌ سابقة مرضى الشلل الرُّعاشي يعانونَ من ضُعف فعالية هذا الأنزيم المهم جدا في الحفاظ على خلايا المخ. ويوجد أنزيم (بروتين) يُسمّى “بينك 1″‘ (PINK1) في الخلايا العصبيّة في الـمُخ، وتتمثل وظيفتُه الأساسية في حماية هذه الخلايا عن طريق التخلُّص من أية “ميتوكوندريا” أو متقدرة لا تقوم بوظيفتِها الطبيعيّة. وقد أكَّدتْ بحوث عِلمية قبل عدّة سنواتٍ، أنه في حالة تعطّل هذا الأنزيم عن أداء وظيفتِه الطبيعية، تَمُوت هذه الخلايا العصبيّة.

وهذا ما يتسبَّبُ في مرض الرُعاش (Parkinsons disease). وقد أدّى هذا الاكتشاف إلى فرضيّة مفادُها أنّ المركبات التي تستطيع الزيادة من فعّالية هذا الأنزيم، “بينك 1″، يمكنها إبقاء الخلايا العصبيّة حيّة لمدّة أطول، وهو ما سيؤدي إلى إبطاء أو تأخير مرض الرُعاش أو ربَّما علاجُه. ويقول الباحث الجزائري؛ أن فريقَه بدأ قبل حواليْ ثلاث سنوات في برنامج بحثي، هدفه اكتشاف مركبات كيميائية بإمكانها تفْعِيل وظيفة الأنزيم “بينك 1”. وتم التوصل خلال هذه الْمُدَّة إلى مركبات من صنف يُسمّى ‘نيكليوسايدس (Nucleosides) بإمكانها تفْعِيل أنزيم “بينك 1” في الخلايا وتحسين وظيفتِه، ومنع موتِ خلايا المخ بسرعة مثلما يحدث عند مرضى الباركنسون. وتمّ نشر نتائج هذه الأبحاث في الورقة العلمية المنشورة مؤخراً.

ويضيف الدكتور “محلو” أن التقنيات القديمة لعلاج الباركنسون، لم تكن تساعد سوى في التغلب على أعراض المرض ولكنها لا تعالجُه، أما الـمُركَّب الجديد، فبإمكانه تعطيل موت الخلايا العصبية وهذا ما يجعلها تعيش لمدة أطول وبالتالي مَنع ظهور مرض الباركنسون. ويعمل الفريق العلمي الذي يضم باحثين آخرين من جامعتي “برمنغهام” و “داندي” ومن بينهم باحث جزائريّ ثانٍ هو “هاشمي القادري” على دراسة هذه المركبات أكثر، على أمل أن يتمّ تطويرُها مستقبلاً لعلاج مرض الرُعاش، الذي يصيب حواليْ خمسة ملايين شخص حول العالَم.

وحول تقدم تطوير العلاج الجديد لمرض الباركنسون باستعمال المركبات الجديدة؛ يقول الباحث الجزائري أن التجارب تركزتْ إلى حد الآن على مستوى الخلايا، ويعكِفُ فريقُه حاليا على دراسة هذه المركبات في الحيوانات، وفي حالِ كانت كل النتائج إيجابية، فسيمكن توفير هذا العلاج خلال عقد ونصف من الآن أي حواليْ (15 سنة) على أبعد تقدير. ومن المنتظر أن يساهم هذا الاكتشاف الهام في إنهاء معاناة 3 ملايين مصاب بمرض الرعاش أو الباركنسون أغلبهم في أوروبا وأمريكا، وهو عدد يتوقع أن يصل إلى خمسة ملايين بحلول عام 2020م خاصة مع ارتفاع أمد الحياة في الغرب عموما. يُذكر أن الدكتور “يوسف محلو” يشتغل منذ 2005م على المركبات الكيميائية التي تعرف بالنيكليوسايدس Nucleosides لاستعمالِها في علاج مرضي السرطان والسيدا.

المصدر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى