تونس.. التحكم في كرسي الإعاقة باستخدام تعابير الوجه
تمكن فريق بحث تونسي من ابتكار نظام ذكي يعتمد على تعابير الوجه للتحكم في الكرسي المتحرك متجاوزاً بذلك أحد أهم الصعوبات التي يواجهها القاصرون عن الحركة العضوية خلال استخدام هذه الأجهزة للتنقل.
لقد قام الباحثون في هذا العمل، بتصميم واجهة تفاعل انساني – حاسوبي للتحكم في الكرسي دون استخدام اليدين ولا تتطلب أجهزة استشعار أو أشياء متصلة بجسم المستخدم، كما تسمح للمريض بقيادة الكرسي المتحرك باستخدام تعبيرات الوجه التي يمكن تحديثها بمرونة. ويعتمد هذا الحل الذكي على مزيج من الشبكات العصبية وتقنيات لمعالجة الصور.ويقول الباحث الرئيسي في المشروع ياسين الرابحي في تصريح لموقع منظمة المجتمع العلمي العربي “إن الفكرة التي انطلق منها هو وزملاؤه في مخبر بحث ” الإشارة والصورة والتحكم في الطاقة” بالمدرسة الوطنية العليا للمهندسين بتونس، تقوم على مبدأ أقلمة الكرسي الكهربائي مع المريض عوضاً عن تأقلم المريض مع الكرسي كما كان يتم في السابق عندما كان المريض الذي تتطلب إعاقته استخدام كرسي متحرك يقضي مدة طويلة لإتقان استخدامه والتأقلم مع وضعه الجديد قد تصل إلى ستة أشهر”
وتم إنجاز نظام التحكم الجديد في إطار التعاون بين باحثين من المدرسة الوطنية العليا للمهندسين بتونس ومستشفى القصاب لجراحة العظام بتونس وعلى مرحلتين. توجت الأولى بابتكار لوحة قيادة افتراضية تعمل على الأجهزة الذكية وهي عبارة عن تطبيق يستخدم خوارزمية للذكاء الصناعي تم تصميمها خصيصاً لمحاكاة أدوات التحكم التقليدية على شاشة الهاتف الذكي أو الأجهزة اللوحية. ولاقى هذا الحل نجاحاً باهراً، خاصة أن التدرب على استخدامها كان مُيسراً لجميع المرضى لسهولة استخدام التطبيق وتم إصدار ورقة علمية أولى في هذا المشروع، كما يقول الباحث التونسي.
وفي مرحلة ثانية وضع الفريق البحثي تحدياً جديداً يتمثل في إيجاد نظام ذكي أكثر تطوراً يعتمد على تعابير وجه المريض. ويتلاءم هذا النظام مع المرضى الذين لا يستطيعون التعامل بأيديهم مع أجهزة الهواتف الذكية ولا يرغبون في الحصول على مساعدة الغير. ولإنجاز هذا النظام الذكي قام الباحثون بتحديد جميع ملامح وجوه المرضى وتعابيرها من خلال الفيديو ثم تصنيفها باستخدام خوارزميات ذكاء صناعي تعتمد على ما يطلق عليه “رياضيات الانفعال” أو “The Mathematics Behind Emotion» ” وهي خوارزميات قادرة على تصنيف العديد من تعابير الوجه، مثل الابتسامات والحواجب المرتفعة، بشكل فوري تقريباً إذ لا تتجاوز ردة فعل النظام الذكي عُشْر الثانية، ثم تحويلها إلى إشارات للتحكم في كرسي متحرك.
وأظهرت نتائج التجارب التي أجريت لتقييم كفاءة النظام المبتكر في التحكم في الكرسي المتحرك وتجربة المستخدم في قيادته أنه قادرٌ على التعرف بدقة على أوامر المستخدم في الوقت الفعلي، فقد فاقت دقة تصنيف النظام لتعابير الوجه في المتوسط 98.6% بينما بلغت نسبة الاستجابة 97.1%. كما أظهرت التجارب مميزات أخرى لهذه التقنية تتعلق خاصة بسهولة الاستخدام وتكيفها مع المرضى مقارنة بالطرق التقليدية إضافة إلى قدرتها على التعرف على تعابير الوجه من زوايا مختلفة بشكل فوري.
ويقول الباحث ياسين رابحي وهو مهندس في مجال الالكترونيك والإعلامية الصناعية وحاصل على الدكتوراه “إن الخطوة التالية لفريق البحث هو تطوير نظام سلامة، قادر على التعرف على حالة المريض ومساعدته عند إصابته بإغماء أو شعوره بالنعاس ومنع تعرضه للأذى خلال استخدامه للكرسي المتحرك”.