عبرات

“سوسن عبد الله”.. من الكرسي المتحرك إلى تسلق أعالي الجبال

قبل عدة سنوات، كانت الفتاة السعودية “سوسن عبد الله” تأمل فى الوصول إلى قمة جدار خشبي كانت تتسلقه كجزءٍ من تدريبها اليومي فى غرفة صغيرة للعلاج الطبيعي، وذلك بعد أن أصيبت بتورم فى الدماغ, أدى إلى إصابتها بالشلل في جانبها الأيمن. والآن، لم تهزمها أعاقتها, فحققت أحلامها وطموحها في تسلق قمم الجبال، لبثّ رسالة عن التحدي والإرادة في قهر الإعاقة.

حكاية سوسن

فى عام 2011م, كانت سوسن تعمل كأخصائية مختبرات طبية في فترة الامتياز بقسم الطوارئ بإحدى مستشفيات المملكة، وفجأة سقطت عينات التحاليل من يدها، وشعرت حينئذ بثقل في قدميها أثناء السير، وبعد إجراء الكشف والفحوصات اللازمة، أخبرها الأطباء بإصابتها بورم نادر في الدماغ.

في البداية كان الورم بسيطاً، لكن بعد أيام قليلة فقط، بات يكبر بشكل سريع، مما أدى لضرر بالجانب الأيمن من الدماغ، فدخلت “سوسن” في عالم آخر، حينها قررت إجراء عملية استئصال الورم الحميد من دماغها وإكمال حياتتها ومواصلة التحدي لقهر هذه المشاكل الصحية.

حياة جديدة

بعد إجراء عملية دخلت “سوسن” مرحلة جديدة، حيث فقدت جزءًا من قدرات الذاكرة والاستيعاب والفهم والتحدث، وأصيبت بعمى جزئي وصعوبة في المشي بينما أصيبت يدها اليمنى بالشلل، وأصبحت تعاني من صعوبة في الابتسامة.

خضعت لعلاج طبيعي مكثف، وبعزيمة منها تركت الكرسي المتحرك الذي كانت تتنقل من خلاله، ووقفت على قدميها لاستكمال طريق نجاحها سيراً على الأقدام، ضاربة بهذا مثالاً قوياً في الإصرار والعزيمة.

تقول سوسن, “الله يبعث بالإنسان قوة داخلية كانت المحفز الأول لي. كما كان لدي محفز آخر هو أن أمشي مع والدي، حيث إن والدي يعاني من صعوبة في المشي بعد مرض في الدماغ، كما أن أمي تعاني من الزهايمر وهي حاربت سرطان الثدي”.

استعادت سوسن قوتها بالسير وبركوب الدراجة الهوائية، وتحسين توازنها مع ممارسة رياضة “تاي تشي”. كذلك باشرت المشي مع أصدقائها المكفوفين والمكفوفات، وخاضت تحدي الكلام والفهم، والآن تستطيع “سوسن” السير نحو 30 كيلومتراً على الأقدام، كما أنها تستطيع صعود الجبال.

لحظة سحرية

وفي اليوم الوطني السعودي في العام 2017، استطاعت سوسن الوصول إلى قمة جبل السودة الذي يعد ثاني أعلى قمة في المملكة العربية السعودية. ووصفت المتسلقة السعودية وصولها إلى القمة بعد رحلةٍ دامت 7 ساعات بـ”لحظةٍ سحرية”، وذلك ورغم مواجهتها لتحديات إضافية كونها لا تزال تعاني من العمى الجزئي وصعوبة في التوازن. وقد صعدت عقبة القرون في أبها، ثم جبل عقبة حميدة في بلجرشي، ومؤخراً صعدت جبل النور، وتطمح أن تتسلّق جبال إيفرست أعلى قمّة في العالم في القريب العاجل.

تهتم “سوسن” بنشر فوائد الرياضة، بالإضافة إلى تعريف والديها بالعادات الصحية، وأصبحت السعودية مدربة معتمدة للفن القتالي الصيني “تاي تشي”، والذي يمتاز بحركاته الهادئة والمتسلسلة التي تساعد في التوازن. وتفتخر عبد الله بكونها معتمدة لتدريب هذه الرياضة للمقعدين أيضاً.

وتشارك سوسن في العديد من المبادرات التي تهدف إلى نشر الوعي وتسليط الضوء على مختلف المشاكل الصحية، إذ شاركت مثلاً في مبادرة للمشي لمسافة 21 كيلومتراً في المملكة المتحدة دعماً لمرضى السرطان. 

وركبت “سوسن” دراجتها لمسافة 112 ميلاً كجزء من تحديات “ترايثلون” للأشخاص الذين يعانون من إعاقات، وذلك دعماً لمرضى باركنسون.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى