الدكتور حافظ شمس الدين.. عالم علَّم الأدب وأدَّب العلم
د. حافظ شمس الدين عبدالوهاب.. جيولوجي، وعالم بيئي، ومترجم. وُلِدَ في مدينة شربين بمحافظة الدقهلية بمصر عام 1942م، وتلقى تعليمه ما قبل الجامعي في مدارسها الأميرية، ثم التحق بكلية العلوم جامعة أسيوط، وحصل منها على درجة البكالوريوس في الكيمياء والجيولوجيا بمرتبة الشرف وكان ترتيبه الأول على دفعته بكليته والأول على شعبة تخصصه في جميع كليات العلوم في مصر في عام تخرجه، ثم حصل على درجة الماجستير في العلوم في الجيولوجيا (تخصص معادن وجيوكيمياء)، ودكتوراه الفلسفة في الجيولوجيا في الصخور والمعادن، ودراسات عليا ودبلوم في الجيولوجيا المتقدمة من الكلية الملكية للعلوم والطب والتكنولوجيا بجامعة لندن بإنجلترا، ثم حصل على درجة الزمالة من كلية دراسات البيئة بجامعة بنسلفانيا بالولايات المتحدة الأمريكية.
عمل الدكتور حافظ شمس الدين معيدًا بجامعة أسيوط، ثم انتقل إلى كلية العلوم جامعة عين شمس، حيث عمل معيدًا بها وتدرج في سلك هيئة التدريس حتى رُقِّيَ إلى درجة أستاذ الجيولوجيا (تخصص جيوكيمياء ومعادن الصخور) حتى الآن.
في خارج مصر، عمل باحثًا زائرًا في قسم المعادن بجامعة لوراند أدفوش بجمهورية المجر، وفى قسم الرسوبيات بالكلية الملكية بجامعة لندن، وفى قسم الرسوبيات وجيولوجيا البحار بمعهد سمثونيان بواشنطن بأمريكا، وأستاذًا محاضرًا في معهد علوم الأرض بجامعة الجزائر للعلوم والتكنولوجيا بالجمهورية الجزائرية (القسم الفرنسي والقسم العربي)، وأستاذًا محاضرًا وزميلًا بكلية دراسات البيئة بجامعة بنسلفانيا بالولايات المتحدة الأمريكية.
في داخل مصر، قام بالتدريس في جامعات عين شمس وأسيوط والمنصورة والمنوفية والزقازيق وبنها وحلوان لطلاب مراحل البكالوريوس والدبلوم العالي والماجستير والدكتوراه، إضافة إلى رئاسة قسم العلوم الطبيعية والبيولوجية بمعهد الدراسات والبحوث البيئية بجامعة عين شمس، وكذا رئاسته لشعبة الجيولوجيا بكلية التربية ببنها.
عُيِّن الدكتور حافظ شمس الدين خبيرًا للسياسات الثقافية والتنوع الثقافي في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)، وعضوًا بالمجمع العلمي المصري، وعضوًا بمجمع اللغة العربية في الرابع من مارس عام 2013م، في المكان الذي خلا بوفاة الأستاذ الدكتور كمال محمد دسوقي، بعد أن عمل خبيرًا بلجنتي الجيولوجيا والنفط منذ الأول من يناير 1987م، وهو الآن مقرر لجنة العلوم البيئية بالمجمع التي أنشأها بعد اختياره عضوًا بالمجمع، كما أنه عضو لجنة المعجم الكبير وعضو لجنتي الجيولوجيا والنفط بالمجمع، وكذلك هو مقرر لجنة الثقافة العلمية بالمجلس الأعلى للثقافة, ورئيس لجنة التراث الثقافي اللامادي، وعضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، وعضو لجنة الشباب باللجنة الوطنية لليونسكو، وعضو المجالس القومية المتخصصة (رئاسة الجمهورية). كذلك هو رئيس التحرير لنشرة “ماب” للإنسان والمحيط الحيوي باللجنة الوطنية المصرية لليونسكو، ويشارك في تحرير الموسوعات التي تصدرها الأردن، والكويت، والسعودية.
وفي داخل مصر شارك في إصدار أول موسوعة عربية عالمية مؤلفة، وكان مديرًا لتحريرها، وكذلك هو مشارك في تحرير موسوعة أعلام المصريين في القرنين التاسع عشر والعشرين التي تصدرها مكتبة الإسكندرية. وهو عضو في اللجنة القومية لتاريخ وفلسفة العلوم بأكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا، وعضو مجلس إدارة الجمعية المصرية لتعريب العلوم، ورئيس جمعية حماة اللغة العربية، وعضو مجلس إدارة الجمعية العربية للبترول والتعدين. وقد اختير عضوًا في لجنة الشباب ببيت العائلة التي يرأسها فضيلة شيخ الأزهر الشريف وقداسة البابا تواضروس.
شغل الدكتور حافظ شمس الدين منصب رائد اللجنة الثقافية العليا على مستوى جامعة عين شمس بجميع كلياتها، كذلك كان مشرفًا عامًّا، ونائب رئيس دورات إعداد المدرس الجامعي في جامعة عين شمس في جميع كلياتها لفترات طويلة.
والدكتور حافظ شمس الدين محكم في منح جوائز الدولة في التفوق في العلوم التكنولوجية المتقدمة والعلوم الأساسية وجوائز الدولة التشجيعية في العلوم الأساسية وجوائز الدولة في علوم البيئة وجوائز الدولة في تبسيط العلوم وجوائز الدولة في الثقافة العلمية في أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا. كذلك هو محكم في منح جوائز الدولة في التفوق في العلوم الاجتماعية، ومقرر لجان منح جوائز الدولة التشجيعية في الثقافة العلمية وجوائز الدولة في تكنولوجيا التعليم وعضو لجنة منح جوائز الدولة في ثقافة الطفل في المجلس الأعلى للثقافة.
في مجال البحث العلمي أشرف على 40 رسالة لدرجتي الماجستير والدكتوراه، وقام بتحكيم العديد من رسائل درجتي الماجستير والدكتوراه في مختلف الجامعات المصرية والعربية والأجنبية، وهو محكم في العديد من المجلات العلمية العالمية المتخصصة في الجيولوجيا وعلوم البيئة.
للدكتور حافظ شمس الدين أكثر من 56 بحثًا علميًّا في مجالات الجيولوجيا المختلفة نُشرت في مجلات علمية عالمية تصدر في الولايات المتحدة الأمريكية وإنجلترا والنمسا وسويسرا والمجر وفرنسا وإيطاليا وكندا ومصر. وشارك في لجان ترقية الأساتذة والأساتذة المساعدين في مصر، والعراق، والجزائر، وليبيا، والمملكة العربية السعودية، وأسهم في مشروعات قومية كثيرة، منها المشروع القومي لوضع المعايير القياسية لمناهج كليات العلوم في مصر، وشارك في وضع مناهج العلوم لمرحلتي التعليم الإعدادي والثانوي. كذلك كان عضوًا رئيسيًّا في التخطيط والتنفيذ لبرامج التراث الثقافي اللامادي مع اللجنة الوطنية المصرية لليونسكو، وتولى إعداد النشرة الدورية لها لسنوات طوال.
وهو عضو في العديد من الجمعيات العلمية في مصر، وإنجلترا، والولايات المتحدة الأمريكية، وأسهم بجهود بارزة في استكشاف داخل الهرم الأكبر وترميم تمثال أبي الهول، ومعبد الدير البحري (الملكة حتشبسوت)، ومقبرة نفرتاري بالأقصر، واستكشاف مراكب الشمس الثانية بجوار الهرم الأكبر حين كان عضوًا باللجنة الدائمة للآثار المصرية لمدة خمس سنوات.
وبتكليف من وزير التربية والتعليم راجع مناهج الجيولوجيا وعلوم البيئة وعدَّلها في الكتاب المدرسي لطلبة الثانوية العامة، وقام بوضع امتحانات الجيولوجيا وعلوم البيئة لطلبة الثانوية العامة باللغتين العربية والإنجليزية على امتداد سنوات طويلة.
وهو عضو في لجنة اختيار أساتذة الجامعات المصرية المتقدمين للحصول على منحة هيئة الفولبرَيت الأمريكية، وهي أكبر منحة تقدمها أمريكا لأفضل علماء العالم.
نشر الدكتور حافظ شمس الدين أكثر من سبعين مقالة في الصحف والمجلات الأجنبية باللغات العربية والإنجليزية والفرنسية. وقدَّم العديد من الاستشارات العلمية تخص أمورًا قومية مهمة للهيئة العليا لنيابات أمن الدولة العليا برئاسة الجمهورية (بتكليف خاص)، وبتكليف من وزارة التعليم العالي قام بإجراء المقابلات مع أعضاء هيئة التدريس من الأساتذة، والأساتذة المساعدين، والمدرسين المرشحين للمهمات العلمية في الدول الأجنبية، والمدرسين المساعدين المرشحين لدراسة الدكتوراه في العلوم والهندسة والزراعة والتكنولوجيا وعلوم الحاسب وتكنولوجيا الاستشعار من البعد في خارج مصر؛ إضافة إلى ذلك قام بتحكيم بعض المشروعات البحثية التي قدمتها بعض الجامعات المصرية في إطار قومي.
عمل الدكتور حافظ كبيرًا للمستشارين العلميين لشركة عالمية للثروة المعدنية للبحث والتنقيب واستغلال المعادن اللافلزية.
قام الدكتور حافظ منفردًا بالإعداد والصياغة اللغوية والإخراج الفني لأول موسوعة تصدر في مصر، عنوانها (علماء من مصر) تقع في نحو 600 صفحة، تتضمن المسيرة العلمية والتعليمية والثقافية والحياتية لأشهر علماء مصر منذ بداية القرن العشرين حتى الآن؛ فهو متخصِّص في هذا النوع من الكتابة. كما قام بالتدقيق العلمي والمراجعة اللغوية من اللغة الفرنسية إلى اللغة العربية لخمسة أجزاء كبيرة من موسوعة وصف مصر التي ألفها علماء الحملة الفرنسية ونشرتها الهيئة المصرية العامة للكتاب. وأيضًا قام – منفردًا – بترجمة مرجع عالمي في علم الجيولوجيا من اللغة الإنجليزية إلى اللغة العربية أصدرته أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا بمصر، ثم أعادت طبعه إحدى دور النشر الكبرى في مصر.كذلك ألَّف كتابًا عن تبسيط الجيولوجيا.
وقد قام بإعداد معجم مصطلحات في علم المعادن وصياغته باللغات العربية والإنجليزية والفرنسية، أصدره مركز تنسيق التعريب بالرباط التابع لجامعة الدول العربية. وألَّف كتابًا عن التسونامي، وكتابًا عن طاقة الأرض الحرارية الداخلية، وترجم مرجعًا عالميًّا عنوانه الأرض من القلق العالمي إلى الأمل الكوكبي من اللغة الفرنسية إلى اللغة العربية، قال عنه الشاعر خالد مصطفى:
هُو حافِظٌ، حَفِظَ البَلاغَةَ صَدْرُهُ
وأَتَى لَنَا لِنَنَالَ عِلْمًا خِصْبَا
بِمَهارَةٍ وبِحُنْكَةٍ جَعَلَ الكِتَا
بَ مُيَسَّرًا، وأَزَالَ عَنهُ الصَّعْبَا
كَلِمَاتُهُ عَرَبيَّةٌ أَدَبِيَّةٌ
في جَرْسِها نَغْمٌ يُريحُ القَلْبَا
كما قام بترجمة مرجع عالمي في علوم البيئة عنوانه الهولوسين… تاريخ بيئي، (من الإنجليزية إلى العربية)، وقام بالمراجعة اللغوية والتدقيق العلمي من اللغة الإنجليزية إلى اللغة العربية لكتاب عنوانه العلم والأدب، وألَّف كتابًا عنوانه الماء سر الحياة نشره المجلس الأعلى للثقافة، وكتابًا عنوانه التفكير العلمي وصناعة المعرفة، نشرته الهيئة المصرية العامة للكتاب، وقدم دراسة متكاملة عن التربية السياسية للطفل العربي نُشرت في موسوعة ثقافة الطفل التي أصدرتها هيئة قصور الثقافة، إضافة إلى ذلك قام بتأليف العديد من الكتب التي تختص بتبسيط العلوم والكتب العلمية الموسوعية التي تختص بالبراكين والزلازل والتسونامي. والكتب الثقافية في موضوعات التفكير العلمي وإدارة الوقت وحلول مقترحة لمشاكل نقص المياه والغذاء في مصر، وواقع الشباب ومستقبله، وتنمية القدرات والصناعات الإبداعية في مصر. وأعد كتبًا في تحقيق التراث الثقافي المادي واللامادي والصناعات الإبداعية في مصر أصدرتها اللجنة الوطنية لليونسكو، إضافة إلى تقديمه ومراجعته للعديد من الكتب الثقافية التي تهتم بمكافحة الإدمان والقدوة والانتماء والمواطنة والرصد الرياضي ومشاكل الشباب ورعاية المسنين.
وله إسهامات بارزة في الترجمة والتأليف ووضْع المعاجم والمصطلحات باللغات العربية والإنجليزية والفرنسية في مصر والعالم العربي. وهو مدقق لغوي للعديد من الهيئات العلمية والمجلات المتخصصة في مجالات الجيولوجيا وعلوم التنمية والبيئة واللغة العربية والثقافة وتبسيط العلوم والثقافة العلمية. كذلك هو محاضر في المؤتمرات الدولية ومعاهد إعداد القادة والمنظمات الشبابية والمجالس العربية في مجالات العلوم والتنمية والثقافة العامة والتنوير والتراث المادي واللامادي في مصر والعالم العربي. ويمثل مصر في المؤتمرات الدولية لليونسكو داخل مصر وخارجها، ويمثل منظمة اليونسكو في الاجتماعات الثقافية في فرنسا وغيرها من الدول. وهو نقطة الاتصال focal point لاتفاقية 2005م العالمية لليونسكو.
نال الدكتور حافظ الكثير من أوجه التقدير والتكريم من داخل مصر وخارجها، منها: جائزة الدولة في تبسيط العلوم من أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا في عام 2013م، وجائزة الدولة في العلوم الاجتماعية فرع الثقافة العلمية من المجلس الأعلى للثقافة عام 2014م، كما حصل على العديد من الدروع وشهادات التقدير من العديد من الدول العربية والأجنبية.
وفى عام 2012م اختاره مجلس نقابة المهن العلمية ليكون رئيسًا ومشرفًا على انتخابات النقابة على مستوى جمهورية مصر العربية لاختيار نقيب العلميين وأعضاء مجالس النقابة على مستوى الوطن (نظرًا لسمعته العلمية المتميزة وشخصيته القوية ونزاهته، كما جاء في قرار نقابة المهن العلمية).
مثَّل الدكتور حافظ مجمع اللغة العربية في سوريا والعراق سنة 2019م. كما أدار العديد من احتفاليات المجمع وندواته الثقافية، وله فيها كلمات أدبية وكلمات في استقبال بعض أعضاء المجمع، ومنهم الأستاذ الدكتور أحمد زكريا الشلق، والأستاذ الدكتور محمد فهمي طلبة، كما أن له كلمة في تأبين الراحل الكريم الأستاذ الدكتور علي علي حبيش – رحمه الله.
قال عنه الشاعر الأستاذ فاروق شوشة – الأمين العام للمجمع – (رحمه الله): “الدكتور حافظ شمس الدين عالم علَّم الأدب وأدَّب العلم”.
وقال عنه الأستاذ الدكتور أحمد فؤاد باشا في حفل استقباله عضوًا بالمجمع: “إن انتفاعه ببركة القرآن الكريم لم يقف عند ألفاظه وأساليبه، لكنه جاوز ذلك إلى التأدب بآدابه، والتحلِّي بخلقه، وكان ذلك مصدر سعادة لحافظ وأسرته”.