من “بطارية بغداد” إلى “مكيف الهواء المصري”.. حين سبقنا القدماء بالتكنولوجيا الحديثة
“بطارية بغداد”, “مكيف الهواء المصري”, “المظلات”, “الثلاجة”.. تلك مجموعة من الابتكارات والاكتشافات التى نظن انها وليدة عصرنا الحديث, إلا ان بعض الآثار كشفت مؤخرا ان تلك الابتكارات سبقنا بها أسلافنا من القدماء, أصحاب الحضارات الغابرة.. وأثبتت بعض الاكتشافات أن الحضارات القديمة كانت على قدر كبير من التطور، وربما كانوا أكثر منا ذكاءً أيضًا. التقرير التالي يعرض يخبرنا عن بعض من الاختراعات القديمة، والتي حققت أغراض الاختراعات الحديثة نفسها.
بطارية بغداد.. عندما اكتشف القدماء الكهرباء
الكهرباء هي شريان الحياة الحديثة الآن، وإذا توقفت؛ تتوقف الإضاءة، وتتعطل بعض المواصلات، ويختفي “الإنترنت”، وعليه تتوقف العديد من المصالح الأخرى، ولذلك تجد صعوبة الآن في تخيل الحياة ما قبل ظهور الكهرباء، وتتساءل: كيف كان يعيش القدماء قبل آلاف السنين دونها؟
ولكن بعد العثور على قطعة أثرية غامضة في بغداد بالعراق؛ تغير السؤال إلى: هل كان يعيش القدماء بدون كهرباء حقًّا؟
في عام 1938، وأثناء عمل إحدى البعثات الأثرية الألمانية في منطقة خوجوت رابو بجنوب شرق بغداد، عثر الأثري الألماني فيلهلم كونيج على جرة طينية طولها 13 سم، وتحتوي على أسطوانة نحاسية، بينما غُطيت بقضيب من الحديد، ولم يجد تفسيرًا لما تقوم به تلك الجرة أو مهمتها قديمًا، ولكن بعض الآراء رجحت أنها استخدمت منذ آلاف السنين لتوليد الكهرباء؛ ولذلك أُطلق عليها “بطارية بغداد” والتي يصل عمرها إلى 2000 عام.
واحدة من ألغاز الحياة
“إنها واحدة من ألغاز الحياة”، هكذا وصف بول كرادوك، خبير علم المعادن في الشرق الأدنى القديم، بطارية بغداد، مؤكدًا أن هذا الكشف الأثري الذي أشارت محتوياته المعدنية إلى معرفة القدماء لكيفية توليد الكهرباء؛ تحوّل إلى لغز أثار فضول العلماء منذ أن عُثر عليه، خاصةً بعد أن اكتشف علماء الآثار أن هناك أكثر من قطعة موجودة تحت أراضي العراق، واستطاعوا العثور على ما يزيد على 10 منها.
في رحلات بحثه الأثرية بأراضي العراق، عثر فيلهلم على الكثير من المشغولات الفضية المطلية بطبقات رقيقة جدًا من الذهب، وبعد عثورة على تلك الجرة التي سُميت في ما بعد بطارية بغداد؛ رجّح –فيلهلم- أن تلك الجرة كانت تستخدم في طلي المشغولات الفضية بالذهب عن طريق توليد الكهرباء توليدًا بدائيًّا باستخدام النحاس، والحديد، ومواد سائلة مثل النبيذ، وعصير الليمون، أو الخل والذي يستخدم محلولًا كهربيًّا حمضيًّا لتوليد تيار كهربائي، والذي عُثر على بعض آثاره في تلك الجرات، وعلى الرغم من ذلك رفض بعض المتشككين نظرية فيلهلم، والتي تشير إلى أن القدماء قد عرفوا الكهرباء من قبلنا بآلاف السنين.
على الجانب الآخر، هناك بعض العلماء الذين آمنوا بأن تلك الجرة قد تكون دليلًا على كوننا لسنا الحضارة الوحيدة المتقدمة، وأن القدماء قد عرفوا التكنولوجيا قبلنا، ومن أهم تلك الأصوات التي ساندت قدرة بطارية بغداد على توليد الكهرباءه هي مارجوري سينشال، أستاذة تاريخ العلوم والتكنولوجيا بكلية سميث في الولايات المتحدة الأمريكية.
كان هذا حينما أجرت العديد من التجارب بمساعده طلابها في الجامعة لتوليد الكهرباء بتلك الآلة، والتي استطاعت من خلالها توليد ما يقرب من واحد فولت فقط من الكهرباء، ولكنه –من وجهة نظرها- كان كافيًا لإثبات أن تلك الجرة استخدمت من قبل لتوليد الكهرباء حتى لو كان القليل منها، وهذا يعني أن المفهوم التكنولوجي للكهرباء كان موجودًا بالفعل من 2000 عام.
فوانيس السماء.. الصين القديمة عرفت بالونات الهواء
في وقتنا الحالي؛ تعتبر بالونات الهواء الساخن رحلة رائعة لعشاق المغامرة والطيران، ولكن تلك التقنية ليست حديثة أيضًا، بل اكتشفتها إحدى الحضارات القديمة، واستغلتها في أغراض غير ترفيهية.
قديمًا في الحضارة الصينية خلال القرن الثالث قبل الميلاد، استخدموا بالونات الهواء الساخن لإرسال الرسائل، وهذا من خلال تصنيع نسخ صغيرة جدًا منها لا تقدر على حمل بشر ولكنها قادرة على تنفيذ مهمة التواصل بين الصينين في أماكن متباعدة، وأطلق على تلك البالونات اسم “فانوس السماء”؛ نظرًا إلى أضوائها المشتعلة في السماء، والتي يمكن أن تراها من مسافات بعيدة جدًا، وقد تدل على طلب المساعدة في أوقات الحروب، أو توصيل رسالة أخرى متفق عليها، ويمكنك أن تتخيل أنها كانت تعمل عمل الألعاب النارية الحديثة، والتي يمكن أن يطلقها أحد التائهين في البحار والمحيطات للعثور عليه، ولا زلت تلك التقنية مستخدمة في بعض البلدان الآسيوية بغرض الاحتفال.
ويُقال إن الخبير العسكري الصيني تشو ليانج، هو أول من استخدم تلك التقنية المكونة من الورق والنار، والتي تعتمد على استخدام تقنية رفع الهواء البارد للهواء الساخن؛ بغرض إرسال رسالة مهمة لطلب المساعدة في إحدى معاركه الحربية، ولكن بغض النظر عن صحة معلومة المخترع الأول لفانوس السماء؛ فالأمر عمومًا يؤكد أن الصين القديمة اكتشفت هذا السر في فيزياء الطبيعة قبلنا.
مُكيف هواء مصري عمره 4 آلاف عام
مُكيف الهواء الذي لا يستغنى عنه كل بيت في الدول العربية، خاصةً في فترة الصيف، وحين تنقطع الكهرباء، أو لا يجد المرء رفاهية اقتناء تلك التكنولوجيا؛ يتساءل كيف عاشوا القدماء دون القدرة على تدفئة المنزل أو تبريده؟
في مصر القديمة، وجد المصريون طريقة بدائية ونظيفة وصديقة للبيئة؛ غرضها تبريد الهواء في أيام الصيف الحارة، وهذا عن طريق موازنة المياه مع الهواء لتوفير نسيم بارد، إذ دفن المصريين القدماء في عام 2600 قبل الميلاد سفينتين بالقرب من الهرم الأكبر، وكانت تلك السُفن الضخمة تحمل اسم «سفن خوفو»، ولها سقف كبير جدًا يتطاير مُكيفًا للهواء، وهذا من خلال استخدام المياه، وعملية التبخير، مع السقف الطائر في تقنية معقدة تشبه مُكيف الهواء الحديث الآن.
لم تكن الحضارة المصرية هي الوحيدة بين الحضارات القديمة التي اكتشفت طرقًا تكنولوجية بدائية لتكييف الهواء، بل كان للحضارة الرومانية حظًّا من هذا الكشف، وقد استخدموا المياه أيضًا، ولكن هذه المرة لم يدمجوها مع الهواء لتنفيذ الحيلة، بل دمجوها مع المعمار.
الحضارة الرومانية طوّرت التدفئة والتبريد المركزي عن طريق استخدام المياة المنقولة عبر أنابيب بُنيت خصيصًا داخل أثاثات البيوت الفخمة في ذات الوقت، والفراغ المُحيط بتلك الأنابيب كان يعمل على تبريدها، ليخرج الهواء باردًا من الفتحات الموجودة في نهاية تلك الأنابيب، والمُطلة على الغرف في بيوت الرومان القدماء.
الثلاجة ليست اختراعًا حديثًا
هل فكرت في يوم كيف عاش القدماء دون أنظمة التبريد الأخرى مثل الثلاجة؟ وكيف استطاعوا الحفاظ على طعامهم، أو شرب المياه باردة في أيام الصيف الحارة؟ والإجابة أنهم توصلوا إلى حل لا يحتاج إلى كهرباء، أو عمال صيانة يزوروهم كل فترة من أجل المزيد من المال، وتلك التقنيات التكنولوجية البدائية التي استخدمها قدماء الرومان؛ كانت فعّالة ووفرت الغرض منها.
في شهر أبريل الماضي؛ نشرت «دايلي ميل» تقريرًا يؤكد خلاله علماء الآثار أن أحد المواقع الرومانية التي عُثر عليها حديثًا في عام 2013 على عمق 12 قدمًا تحت الأرض في سويسرا، والتي كان الغرض منها ما يزال غامضًا؛ تبين أنها كانت تستخدم استخدام الثلاجة في العصر الحديث.
ولكن هذا الرأي الذي صرح به العلماء المشاركون في دراسة الموقع، لم يكن محل ترحاب الكثير من المتخصصين في المجال، ولذلك كان على هؤلاء الأثريين تجربة تلك الحفرة العميقة حتى يتأكدوا من غرض استخدامها في العصر الروماني القديم، ولذلك شرع فريق بقيادة العالم بيتر أندرو شوارتز من جامعة بازل، بإجراء التجارب على تلك الحفرة، وهذا عن طريق ملئها بالثلج وإعادة الكرة؛ لاكتشاف مدى فعالية تلك التقنية في روما القديمة، ووفقًا لفريق البحث فقد ثبت أن الأمر مؤكد.