عبد الفتاح القصاص.. رائد العلوم البيئية فى مصر والوطن العربي
الدكتور عبد الفتاح القصاص رائد علم البيئة النباتية في مصر والوطن العربي وهو صاحب السبق فى إدخال مفهوم التصحر إلى المجتمع العلمي الدولي, كما عمل كرئيس الاتحاد الدولي لصون الطبيعة (IUCN) منذ 1978حتى 1984، ودخل “نادي روما” وكان من رواد التنمية المتواصلة وأنشأ برنامج حماية البحر الأحمر وخليج عدن ومشروع الحزام الأخضر في شمال أفريقيا.
كما أسس مدرسة بحث البيئة الصحراوية التي كان لها الدور الرائد في تحديد قضايا التصحر، وكان عضوا وزميل في العديد من الأكاديميات العلمية والمنظمات في المنطقة العربية والعالم وتتلمذ على يديه مئات العلماء وكان اهتمامه الرئيسي هو زيادة الاهتمام بالتنمية المستدامة في المنطقة العربية. وله عدة مؤلفات منها “النيل في خطر” وموسوعة جغرافية تحت اسم “التصحر”، و”على خُطى العشرين” يتحدث فيه عن سيرته الذاتية.
عند عودته إلى الوطن، شرع الدكتور القصّاص في دراسة البيئة النباتية في الصحاري المصرية. وانتهج نهجاً جديداً، إذ عكف على دراسة آليات تكوُّن أنماط توزيع النباتات في الصحراء، بدل الاكتفاء بمجرد وصف هذه الأنماط. وشاركه في هذه الدراسات الدكتور مصطفى إمام.
وفي أواخر الخمسينات، اشترك مع ثلاثة علماء من أوروبا في تنفيذ مشروع مشترك بين منظمة اليونيسكو ومنظمة الأغذية والزراعة (الفاو) لوضع خريطة بيومناخية وأخرى للغطاء النباتي في منطقة حوض البحر المتوسط. ولتنفيذ ذلك جاب الصحاري المصرية مع لفيف من تلاميذه النجباء، وشاركه في هذه الدراسة الدكتور محمود عبد القوي زهران والدكتور سامي الأبيض والدكتور وليم عبد الله جرجس. وقد مكنته هذه الدراسات الميدانية من أن يتفهم بكثير من الوضوح آليات حياة النبات في الصحراء والعوامل البيئية التي تؤثر عليها.
عمل الدكتور القصّاص في جامعة الخرطوم بالسودان فترتين، أولاهما من 1952 الى 1956 والثانية من 1964 الى 1968. في الفترة الأولى شاهد ظاهرة التصحر وتمكن من قياس معدلاتها، وفي الفترة الثانية تأكد من دقة ملاحظاته وتحقق من أن قياساته مخيفة فعلاً. وبين الفترتين، استطاع أن يقيس أيضاً معدلات النحر لشاطئ الدلتا عند قريته الساحلية قبل وبعد إتمام بناء السد العالي في أسوان. وعندما قدم نتائج هذه البحوث في المحافل العلمية أواخر الستينات، بهتت الأوساط العلمية العالمية من دقة قياساته ورصانة استنتاجاته وتحذيراته.
موسوعة في مجال المعرفة البيئية
كانت الستينات من القرن المنصرم فترة زاهرة في العلوم البيئية، وأخذت تتبلور فيها الحركة البيئية العالمية وتتشكل أجهزتها. وقد دعا رجل الأعمال الايطالي الشهير أوريليو بيتشي الدكتور القصّاص للانضمام الى ما سماه “نادي روما”، وهو مجموعة من مئة من كبار الخبراء العلميين العالميين، للتباحث في أمور العالم وتوعية الشعوب والقادة بالمخاطر البيئية المحتملة ونشر الكتب التي تضم ما ينتهون اليه من تحذيرات. وكان أول هذه الكتب، والذي أثار ضجة شديدة في العالم، كتاب “حدود النمو” (Limits to Growth) الذي نشر عام 1972. وصار القصّاص بذلك في موقع يتيح له أن يعطي نصائحه القيمة لمشروعات المنتدى البحثية ولمطبوعاته.
انتخب القصّاص نائباً لرئيس اللجنة العلمية للمسائل البيئية (SCOBE) التي أنشأها المجلس الدولي للاتحادات العلمية في باريس. فطلب من اللجنة الاهتمام بالمسائل البيئية للدول النامية، اذ أن المفهوم السائد وقتئذ كان أن المشاكل البيئية ليست سوى مشاكل التلوث في الدول الصناعية. وقد استجابت اللجنة لطلبه، وعقدت الاجتماع الدولي الأول للعلوم البيئية في الدول النامية بمدينة كانبرا عاصمة اوستراليا عام 1971، والثاني في نيروبي عاصمة كينيا عام 1974، والثالث في القاهرة عام 1983. وكان القصّاص هو الذي يضع المحاور ويختار المدعوين ويشرف على نشر النتائج. وفي 1971 عاون في إنشاء برنامج الانسان والمحيط الحيوي (MAB) في الاونيسكو، وكان نائباً لرئيس أول مجلس تنسيقي للبرنامج.
في العام 1972، حينما عقد مؤتمر الأمم المتحدة للبيئة الانسانية في ستوكهولم بالسويد، قام الدكتور محمد القصّاص بجهد كبير لإعداد التقرير الوطني المصري. وشارك كعضو في الوفد المصري الذي رأسه الدكتور مصطفى كمال طلبه، صديق عمره الذي صار فيما بعد المدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة الذي انبثق عن المؤتمر. وفي المؤتمر ذاته، شارك القصّاص في وفد المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (أليكسو)، التي كان قد شارك في إنشائها قبل ذلك بعامين.
وعمل القصاص مديراً مساعداً للعلوم في المنظمة من 1971 الى 1978، وأنشأ خلال هذه الفترة عدة برامج بيئية للعمل العربي المشترك، منها: برنامج حماية بيئة البحر الأحمر وخليج عدن، وبرنامج التربية البيئية على مختلف المستويات، ومشروع الحزام الأخضر لشمال أفريقيا، وغيرها. وعمل بعد ذلك كبير المستشارين في برنامج الأمم المتحدة للبيئة.
انتخب القصّاص عـام 1978، بالإجماع، رئيساً للاتحاد الدولي لصـون الطبيعـة والمـوارد الطبيعية (IUCN) في سويسرا، وظل في منصبه هذا حتى 1984. ومن خلال هذا المنصب، تعاون مع الدكتور طلبه في برنامج الأمم المتحدة للبيئة، والأمير فيليب زوج ملكة بريطانيا الذي كان رئيساً للصندوق العالمي للحياة البرية (WWF)، في إصدار الاستراتيجية العالمية لصون الطبيعة. وهي الوثيقة التي حوت لأول مرة تعبير “التنمية المتواصلة” أو “المستدامة”، الذي تقدمت به اللجنة الدولية للتنمية والبيئة التي شكلتها الأمم المتحدة عام 1983 لدراسة العلاقة بين هذين الأمرين الملحَّين في العالم. وتبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة مفهوم التنمية المتواصلة الذي تقدمت به اليها تلك اللجنة عام 1987، وأوصت أن تهتدي جميع جهود التنمية في العالم بمبادئه.
بالإضافة إلى كل تلك الأعمال الجليلة، اشترك الدكتور القصّاص مع علماء آخرين من الولايات المتحدة وروسيا في الإعداد لمؤتمر الأمم المتحدة للتصحر الذي عقد في نيروبي عام 1977، وفي إعداد خطة العمل العالمية لمكافحة التصحر، التي أسفرت في النهاية عن توقيع الاتفاقية الدولية لمكافحة التصحر عام 1994. وعمل أيضاً على إنشاء مركز البيئة والتنمية لأوروبا والاقليم العربي (سيداري) الموجود في القاهرة حالياً. لذا يمكن القول إن أستاذنا شارك في كل برنامج دولي للبيئة وفي كل منظمة دولية للبيئة ظهرت إلى الوجود في العقود الثلاثة الأخيرة من القرن المنصرم.
على الصعيد الوطني، لا بد أن نذكر أولاً إنشاء الدكتور القصّاص مدرسة علمية من مجموعة متميزة من الطلاب والباحثين في مجال البيئة النباتية وعلوم البيئة عموماً. وهو الذي اقترح على جامعة القاهرة انشاء قسم للموارد الطبيعية ضمن معهد البحوث والدراسات الافريقية، الأمر الذي تم تنفيذه عام 1971. وقد عمل على إنشاء اللجان الوطنية المصرية لبرنامج الانسان والمحيط الحيوي واللجنة العلمية للمسائل البيئية والاتحاد الدولي لصون الطبيعة، ورأس هذه اللجان من عام 1971 حتى عام 1981. وساعد القصّاص على إنشاء جهاز شؤون البيئة عام 1983، كما أنشأ وحدة التنوع البيولوجي فيه عام 1992.
وفي أوائل التسعينات أشرف على إعداد خطة العمل البيئي لمصر، وفي أواخرها أعد خطة مصر الوطنية للتنوع البيولوجي. وكان الناصح الأمين والموجه الحكيم لكل خطوة اتخذها جهاز شؤون البيئة منذ إنشائه. ويمكن القول إن القوانين والاجراءات البيئية التي تصدر عن جهاز شؤون البيئة هي من وحي توجيهاته. وقد اختير القصّاص عضواً في مجلس الشورى عام 1981.
كان القصاص موسوعة في مجال المعرفة البيئية، واستطاع ولما يزل طالبا في جامعة القاهرة الإلمام بتفاصيل جانب هام من الثروة النباتية المصرية. وجعل منها مادة أطروحة دكتوراه نالها من جامعة كامبريدج البريطانية في منتصف القرن الماضي. وقادته دراسة تصحر الأراضي شيئا فشيئا إلى الاهتمام بتصحر البحار من خلال الصيد الجائر وانعكاسات ظاهرة الاحتباس الحراري على الثروة البحرية في المنطقة العربية. واكتشف في سنوات عمره الأخيرة أن برج البرلس مسقط رأسه والموقع الأكثر انخفاضا في منطقة الدلتا المصرية سيكون في مقدمة الأماكن التي ستغمرها مياه المتوسط جراء هذه الظاهرة.
قال يوما في أحد أحاديثه لمونت كارلو الدولية بين الهزل والجد إن ما يحز في نفسه أكثر فرضية ابتلاع برج البرلس قبل نهاية القرن الجاري. وهي فرضية جادة. وكان دوما يحث السياسيين والباحثين على إعداد العدة بسرعة لبدائل تحد من وقع هذه الكارثة المحتملة على سكان الدلتا وعلى الاقتصاد المصري برمته. فلا ننس أن هذه المنطقة تؤوي لوحدها اثني عشر بالمائة من الأراضي المصرية الصالحة للزراعة.
مراحل مهمة في حياته
ولد محمد عبدالفتاح القصّاص في 6 يوليو 1921، في قرية برج البرلس الساحلية بمحافظة كفر الشيخ شمال الدلتا. ونال تعليمه الثانوي في الاسكندرية، ثم حصل على درجة بكالوريوس في العلوم تخصص علم النبات من كلية العلوم بجامعة القاهرة عام 1944. وأوفدته الدولة في بعثة، فنال عام 1950 درجة دكتوراه في علم البيئة النباتية من جامعة كمبريدج البريطانية. وعاد الى مصر ليلتحق بهيئة التدريس في كلية العلوم بجامعة القاهرة، واستمر في العمل لحماية البيئة حتى وفاته في 20 مارس عام 2012.
تخرج القصاص من كلية العلوم جامعة القاهرة عام 1944 بدرجة امتياز مع مرتبة الشرف، ثم حصل على الماجستير عام 1947، وعلى دكتوراة الفلسفة في علم البيئة من جامعة كامبردج عام 1950، وتدرج في وظائف هيئة التدريس بقسم النبات والميكروبيولوجي بكلية العلوم جامعة القاهرة من معيد عام 1944 إلى أستاذ كرسي النبات التطبيقي عام 1965، وأستاذ متفرغ منذ عام 1981. وأعير للعمل كأستاذ ورئيس قسم النبات بكلية العلوم في جامعة الخرطوم 1964 – 1968، وأعير للعمل كمدير عام مساعد للعلوم – بالمنظمة العربية للتربية والثقافة 1972–1976، وعين عضوًا في مجلس الشورى عام 1980، وكان رئيس الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة (IUCN)في الفترة 1978-1984، ووافته المنية في 21 مارس 2012.
أنشأ القصاص مدرسة علمية في مجال بحوث البيئة الصحراوية، وتخرج فيها العشرات ممن حصلوا على درجتي الماجستير والدكتوراه في مصر وبلدان عربية أخرى، وتعتبر من مدارس الريادة في هذا المجال على مستوى العالم، وشارك في وضع خرائط البيئة بحوض البحر الأبيض المتوسط، وهو من العلماء الذين ساهموا في اثراء المعشبة، وقام بإهداء جميع الكتب في مكتبته لمكتبة كلية العلوم بجامعة بالقاهرة.
حصل على ثلاث درجات دكتوراه فخرية من جامعة السويد للعلوم والزراعة عام 1985، والجامعة الأمريكية عام 1986، وجامعة أسيوط عام 1994، كما حصل على العديد من الأوسمة والجوائز والنياشين على الصعيد الوطني أهمها: وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى عام 1959، ووسام الجمهورية من الطبقة الثانية، وسام الاستحقاق من الطبقة الأولى 1981، وجائزة الدولة التقديرية 1982 .كما حصل على وسام السلم التعليمي الذهبي (السودان 1978) ، وجائزة الأمم المتحدة للبيئة 1978 ، ووسام الآرك الذهبي برتبة فارس – هولندا 1981 ، ووسام النجم القطبي برتبة فارس – السويد 1998 ، والوسام الذهبي للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم 1978، وجائزة الأمم المتحدة للبيئة 1978 ، وجائزة زايد الدولية للبيئة 2001.
“القصاص”.. ضفدع نادر يحمل اسم عالم مصري شهير
من المعلومات اللطيفة أنه تم إطلاق اسم القصاص على نوع من الضفادع اسمه العلمي هو (Amietophrynus kassasii)، وهو علجوم متوطن في مصر، وسجل لأول مرة عام 1993 في منطقة دلتا النيل وينتشر بين النباتات المائية في حقول الأرز، وله وضع خاص في مصر لمحدودية مكانه وعدم انتشاره بكثرة، ولوحظ بالفعل حدوث نقص في أعداده خلال السنوات العشر الماضية، وقد سُمي بهذا الاسم نسبة إلى العالم المصري الدكتور محمد عبدالفتاح القصاص. وضفدع “القصاص” نوع تم وصفه حديثا ويتواجد بوفرة في الأراضي الرطبة بالدلتا، وهي
صغيرة نسبيًّا في حجمها، حيث إن أكبر تسجيل لطولها وصل إلى 4 سنتيمترات، ويصدر الذكور نداءً مُميّزًا أشبه بالقعقعة، ويسكن هذا العلجوم المُستنقعات المغمورة بالمياه وحقول الأرز، والتي تتواجد في مصر بداية من وادي النيل.
وفاته
توفي العالم المصري محمد عبد الفتاح القصاص في الساعات الأولى من صباح يوم الأربعاء 21-3-2012 بعد صراع قصير مع المرض، داخل مستشفى النيل التخصصي، عن عمر يناهز 91 عامًا، وشُيع جثمان الفقيد إلى مثواه الأخير بمقابر الأسرة بالدراسة. وكان الفقيد قد تم نقله إلى المستشفى أثر إصابته بمرض السرطان، حيث خضع لرعاية طبية خاصة إلى أن وافته المنية.
مطالب بإنشاء متحف القصاص
طالب أكثر من 100 عالم من تلاميذ د. القصاص بضرورة إنشاء متحف التاريخ الطبيعي الذي نادى بإنشائه على مدار أعوام طويله تكريما لذكراه كأحد رموز العمل البيئي على مستوى العالم. جاء ذلك في الاحتفالية بالذكرى الأولى لوفاة العالم الجليل الدكتور محمد عبد الفتاح القصاص بالمركز الثقافي التعليمي بوزارة البيئة، والتي قام فيها وزير الدولة لشئون البيئة بإهداء درع الوزارة إلى زوجة د. القصاص نظرا لما قدمه إلى البيئة المصرية والعالمية. واضاف الوزير انه تقرر نشر الأبحاث العلمية والمراجع الخاصة به في موقع الوزارة بالإضافة الى موقع د. القصاص والذي يتم أنشاءه بالتعاون مع نجله وتلاميذه بالإضافة إلى إصدار مجلة تحمل اسمه كما انه سيتم انشاء صالون القصاص البيئي ببيت القاهرة التعليمي لمناقشة أبحاثه والاسترشاد بها. وللأسف لم تتحقق هذه الوعود حتى الآن.
كلمة حق يجب أن تقال
لقد شرفت بأنني تتلمذت على يديه، فقد درس لي أكثر من مقرر في سنوات البكالوريوس الثالثة والرابعة، وكنت الطالب الوحيد لديه في مقرر دراسي بتمهيدي الماجستير في مجال الخلية والوراثة بقسم النبات والميكروبيولوجي بجامعة القاهرة، وبقيت كلمة حق يجب أن تقال عن كريم خصال أستاذنا وعن الخبرة التي يتلقاها كل من يجلس اليه. وكما يقول الدكتور سمير إبراهيم غبّور الأستاذ المتفرغ في قسم الموارد الطبيعية في معهد البحوث والدراسات الإفريقية بجامعة القاهرة عنه، فهو رجل لم يكن لديه طموحات مادية، ولا رغبات شهرة، ولا أحقاد نحو أي كان. وكانت طموحاته تنحصر في خدمة وطنه والبشرية جمعاء. ورغباته هي معاونة من حوله، ورعايتهم، و”فتح أبواب يكبر الناس منها” كما يحلو له أن يقول.
يعد القصاص مهندس مفهوم التصحر في العالم العربي ورائداً في طرح حلول المشكلة طوال عشرات السنين والذي نمى معارفه البيئية على نحو أهلّه فعلا ليكون موسوعة في علوم البيئة. كل الذين زاروا محمد عبد الفتاح القصاص في السنوات الأخيرة له في مكتبه بكلية العلوم في جامعة القاهرة أدهشتهم لدى هذا العالم صفات كثيرة كان يتحلى بها. ومن أهم هذه صفاته حيويته المتقدة رغم سنه المتقدمة. فقد كان نشطا باستمرار ودقيقا جدا في تعامله مع المعلومة المتصلة بالمشاكل البيئية المطروحة بحدة في العالم العربي وفي مقدمتها مشكلة التصحر.
كان القصاص ينصح طلاب العلم من العرب وغير العرب دوما بالمسارعة على الأقل إلى توثيق الثروة النباتية الأصيلة بدقة لاسيما في المنطقة العربية. وكان يردد على مسامع زواره أن هذه الثروة مهددة اليوم بظاهرة التغيرات المناخية القصوى وبخاصة عبر فترات الجفاف التي تطول أكثر من اللزوم. وما يذكره مسئولو المنظمات الدولية والإقليمية التي تعنى بالبيئة والتي عمل فيها القصاص أو أسهم في تطوير أدائها أنه كان غزير الإنتاج وثاقب الرؤية ومثلا في قمة التواضع. ومن هذه المؤسسات التي ترك فيها الراحل بصماته الاتحاد الدولي لصون الطبيعة.
ولقد قمت بتأسيس مجموعة على الفيس بوك كرابطة تجمع طلاب ومحبي الراحل العظيم يوم 21 مارس 2012م، للمساهمة في تعريف المجتمع المصري والعربي والعلمي به تخليدا لذكراه (https://bit.ly/3yq711G) ومن الممكن الاطلاع على الموقع الخاص به على شبكة الإنترنت لمعرفة المزيد من إنجازاته العالمية (http://kassas.org/).
كما تلقيت رسالة من الأستاذة نجوى القصاص ابنة أخت الدكتور القصاص وتعمل مديرا للتعليم الثانوي والإعدادي بإدارة برج البرلس مسقط رأس العالم الجليل الدكتور محمد عبد الفتاح القصاص، والتي طلبت مني مخاطبة السادة المسؤولين للسعي لإطلاق اسمة على ميدان كبير بمحافظته كفر الشيخ وأن يُطلق اسمه على مدرسة بمسقط رأسه، أو على قاعة كبرى في كلية العلوم بجامعة القاهرة وكذلك بكلية العلوم جامعة كفر الشيخ لتعلم الأجيال مدى قدر عالمنا وما قدمهُ للبشرية من علم نافع.
وأتمنى من الجهات الرسمية العالمية والمصرية تبني وجهة النظر هذه ومخاطبة كبار المسؤولين للاحتفال بمئوية الدكتور القصاص نظرا لمكانته العلمية العالمية، ولنضرب المثل للجميع، وبصفة خاصة الأجيال الجديدة الواعدة في مجال البحث العلمي في الوفاء للأساتذة الكبار، وعلماء مصر المتميزين الذي تركوا بصمة واضحة في مجالاتهم البحثة والعلمية.